0 / 0
56,13516/01/2013

حكم لقطة الحرم المدني .

السؤال: 191459

أنا أعمل في إحدى الفنادق بالمدينة ، وينزل عندي زوار وحجاج كثر ، وقبل ثلاثة أيام وجد حاج مبلغا من المال ، وتم تسليمه لي بحسب طبيعة عملي في الاستقبال ؛ لأن جميع المفقودات تكون عندنا في الفندق ، وقد مرت ثلاثة أيام ولم يأت أحد يسأل عنها . هل أتصدق بها ؟ وهل لو اشتريت بها مثل عجل أو ماعز ، ووزعتها على الفقراء والأهل : هل هذا جائز أم لا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا كَلُقَطَةِ الْحِل ، وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً مِنَ الْحَرَمِ عَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لاَ يلْتَقطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا ) متفق عليه .
“الموسوعة الفقهية” (2 /274) .

والراجح أن لقطة الحرم لا تحل إلا لمُعرّفها للخبر المتقدم ، قال النووي رحمه الله :
” وَفِي رِوَايَة : ( لَا تَحِلّ لُقَطَتهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ) ، الْمُنْشِد : هُوَ الْمُعَرِّف , وَمَعْنَى الْحَدِيث لَا تَحِلّ لُقَطَتهَا لِمَنْ يُرِيد أَنْ يُعَرِّفهَا سَنَة ثُمَّ يَتَمَلَّكهَا كَمَا فِي بَاقِي الْبِلَاد , بَلْ لَا تَحِلّ إِلَّا لِمَنْ يُعَرِّفهَا أَبَدًا . وَلَا يَتَمَلَّكهَا , وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ وَأَبُو عُبَيْد وَغَيْرهمْ , وَقَالَ مَالِك : يَجُوز تَمَلُّكهَا بَعْد تَعَرُّفهَا سَنَة , كَمَا فِي سَائِر الْبِلَاد , وَبِهِ قَالَ بَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ , وَيَتَأَوَّلُونَ الْحَدِيث تَأْوِيلَات ضَعِيفَة ” انتهى .

ثانيا :
وعلى ذلك : فهل لقطة الحرم المدني يكون لها نفس الحكم ؟
جمهور الشافعية ، وهم القائلون بتحريم لقطة حرم مكة ، كما سبق : على أن الحكم السابق من خصائص حرم مكة ، فلا يشركه حرم المدينة فيه .
قال الشيخ زكريا الأنصاري :
(فَرْعٌ: لَا يَلْتَقِطُ) أَحَدٌ (بِحَرَمِ مَكَّةَ) لُقَطَةً (إلَّا لِلْحِفْظِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ ، وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ … وَخَرَجَ بِحَرَمِ مَكَّةَ : حَرَمُ الْمَدِينَةِ ؛ فَهُوَ كَسَائِرِ الْبِلَادِ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ أَنَّهُ كَحَرَمِ مَكَّةَ كَمَا فِي حُرْمَةِ الصَّيْدِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ ، لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد فِي الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِهَا ” .
انتهى من “أسنى المطالب” للشيخ زكريا الأنصاري (2/494) .
وقال الخطيب الشربيني :
“وَخرج بحرم مَكَّة حرم الْمَدِينَة الشَّرِيفَة على ساكنها أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ كحرم مَكَّة ؛ بل هِيَ كَسَائِر الْبِلَاد كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْجُمْهُور” انتهى من “الإقناع” (2/375) وينظر أيضا : “مغني المحتاج” (3/569) .
واختار هذا القول : الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما في “فتاوى نور على الدرب” (245 /8) .
والشيخ صالح الفوزان :
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=56043#
وينظر : إجابة السؤال رقم (4050) .

فعلى ذلك : يلزم من وجد لقطة في حرم المدينة : أن يعرفها سنة ، قبل أن يتملكها ، أو يتصرف فيها ، وثلاثة أيام مدة ليست كافية في هذا ؛ بل إما أن يحفظها ، ويعرفها مدة سنة كاملة ، وإما أن يسلمها إلى الجهات المختصة بذلك في المدينة ، وهي تقوم بحفظها ، وتتولى أمانتها ؛ خاصة وأن من أهل العلم من ذهب إلى أن لقطة المدينة لا يحل تملكها لمن التقطها ، ولو بعد سنة .
وينظر جواب السؤال رقم (5049) ، ورقم (4046) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android