0 / 0

ماذا تصنع في مشكلاتها مع أم زوجها ؟ وهل لها أن تمنعها من رؤية حفيدتها ؟

السؤال: 178418

أنا امرأة أمريكية متزوجة من رجل من غير جنسيتي ، ومشكلتي مع والدته التي تثير الفتن باستمرار ، إن زوجي بعيد عن البيت هذه الأيام ، والتواصل معه غير حاصل ، وأسأل الله أن يعيده لنا سالماً ، إن لي منه طفلة صغيرة في الشهر التاسع ، وهي محور المشكلة مع أمّ زوجي ، إنها تريدها أن تكون معها باستمرار ، وتتجاهل أني أنا أمها ويجب أن تبقى معي لا مع غيري .
إن أم زوجي مطلّقة وتعيش في بيت آخر ، في حين أني أعيش مع والد زوجي ، فهو من يعتني بي وبابنتي ، وقد أخبرني أن لا أستجيب لمطالبها بإعطائها ابنتي ، إنها تثير المشاكل والقلاقل وتحذر أبناءها من التحدث معي وتتكلم عني بسوء ، بل بلغ بها الحد إلى الدعاء على ابنتي بأن يأخذها الله فتموت ، عندئذٍ ستتخلص مني لأن زوجي سيطلقني ، هكذا تقول !
أسئلتي هي :
– هل أمنعها من رؤية ابنتي ؟ .
– وهل لي الحق بمنعها من رؤيتها حتى في حضرة زوجي ؟ .
– ما مقدار المدة التي يحق لي فيها منعها من رؤيتها ؟ .
– وما حقوق الجدّات على أحفادهن حتى نعرف لها حقها فنقوم به دون أن نظلمها ؟ .
لقد حاولت جاهدة تحسين العلاقة معها ولكنها لا تريد التجاوب معي ، وقد مضى إلى الآن شهران ولم تر فيها ابنتي ، أسأل الله أن يعفو عنّا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فإن الله تعالى يقول ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) النساء/ 128 .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ) رواه مسلم ( 2594 ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم ( 2558 ) .
تسفُّهم الملّ : المل : الرماد ، والمعنى : كأنك تطعمهم الرماد .
فهذه النصوص تحثنا على تغليب جانب البر والمعاملة بالحسنى ، وأن للإنسان أن يعامل مَن عاقبه بالمثل ، لكن الصبر واحتمال الأذى أفضل عند الله وأكبر ، قال تعالى ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/ 126 .

والجدة لها رحم مع حفيدتها ، وتحن إلى رؤيتها كما تحن الأم إلى رؤية ابنها ، فحرمانها هذا الحق من غير مانع قوي جرم عظيم ، فإذا لمستِ منها هذا القلب الرحيم فلا تمنعيها حقًّا شرعه الله لها ، فهذا حق لها .
ويضاف إلى ذلك أن احترام الجدة وإعطاءها حقها هو من البر بالزوج ، ومن إفراح قلبه ، ومن عشرته بالمعروف ، ولا تدرين لعلك إن أحسنتِ إليها ذكرتك بخير عند زوجك ، فرجع التصافي بينك وبين الزوج ، والواقع يشهد بأن أم الزوج أو الزوجة تكون سبب سعادة إن أحسنت التصرف ، وسبب شقاوة إن أساءت في المعاملة ، فتنبَّهي لهذا ابتداء .

ولا بأس بمداراتها ، بل وبالتملق لها ، واحتضانها ، وتقبيل رأسها ، احتراماً وتقديراً ؛ فلعل هذا أن يزيل ما حل في قلبها عليك من البغضاء .
وإن بعض كبار السن يصعب مزاجه مع الكبَر ، ويغضب لأي سبب ، فاحتملي الأذى قربة لله ، خاصة وأنها مطلقة ، وزوجها عندك وهو المتكفل بالعناية بك وبابنتك ، فقد يكون هذا مما يزيدها غضباً ، فتجعل من ابنتك سبباً للمشكلات ، وربما يكون سبب المشكلة الحقيقي هو وجودك مع الذي طلقها ، وفي رعايته ، وهو الجد .

ولا يعني هذا تقديم حقها عليك ، ولكن الكلام السابق من باب المعاملة بالتي هي أحسن ، فأنت أم ابنتك ، وحقك في الرعاية والعناية مقدم على الجدة .
وأما الجواب التفصيلي لأسئلتك :
1. هل أمنعها من رؤية ابنتي ؟ .
الجواب : لا يجوز منعها ، إلا إذا خشيتِ الضرر على ابنتك منها ، وحتى تكوني بعيدة عن الإثم والخوف : يمكنكِ أن تجعليها ترى ابنتك أمام عينك ، فتزوريها ، وتسلمي عليها ساعة ، ثم تنصرفين راشدة إلى بيتك ، ومعك ابنتك ، أو تجتمعين معها في بيت أحد المقربين منكما ويكون موضع تواصل بينكما .
2. هل أمنعها من رؤية ابنتي في حضرة الزوج ؟ .
الجواب : كذلك لا يجوز إلا خوف الضرر ، ومنعها في هذه الحالة أشد من السابقة ، ومن المستبعد أن تكِيد الجدة لابنتك في حضور زوجك ؛ فإن زوجك يخشى على ابنته كما تخشين ، والقرار في ذلك يكون بيد زوجك ؛ فاحذري غضبه عليك ، وإذا رأيتِ أن المصلحة في المنع فاكشفي للزوج سبب منعك حتى يكون عوناً لك .
وهنا أمر يجب التنبيه عليه :
احرصي على بيان ما يحصل مع الجدة للزوج ، وأوضحي له ما يكون بينكم من المشكلات حتى يلُم الشملَ ويفُض النزاعَ ؛ فإن كلامه أقرب إلى الجدة من كلامك ، وكلامه مصدق لديها ، فليحاول بلطف ولين أن يبين لأمه حسن مقصدك ، وأنك تحبينها وتجعلينها بمقام والدتك ، وأنه لا يحسن بها أن تتصرف معك هذا التصرف ، وأنت لها كابنتها في المقام ، وزوجة لابنها في الحقيقة .
3. وأما ما مقدار المدة التي يحق لك أن تمنعيها من رؤية ابنتك ؟ .
فالجواب عنه : أن عرف الناس هو المرجع في ذلك ، والناس يتفاوتون في تقدير ذلك ؛ فقد تكون زيارة كل شهر كافية عند قوم ، وقطيعة عند آخرين . وبعض الناس يرى كثرة الزيارة برا وصلة ، وبعضهم يرى ذلك فتحا لباب المشكلات . فينبغي النظر إلى أعراف الناس ، وعاداتهم ، وقبل كل ذلك : إلى ظروف كل حالة ، وطبيعة الأطراف المتعلقة بها .
4. وأما ما حقوق الجدات على أحفادهن ؟
فالجواب : هو الاحترام والتقدير ، والبر والصلة ، بكل ما يراه الناس احتراما وبرا وصلة ؛ وتلمُّس حاجاتها ، وخدمتها ، والاستماع إلى حديثها وعدم إغضابها .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا ) رواه الترمذي ( 1920 ) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
فكيف إذا كان هذا الكبير جدة ؟! بل إن الجدة والجد يأخذان كثيراً من أحكام الوالدين في وجوب البر والصلة وغير ذلك من أحكام الشرع وآدابه .

وينظر جواب السؤال رقم (111892 ) .

وأما ما تسمعين به من الانتقاص والدعاء عليك : فاحتسبي الأجر عند الله ، وادعي لها بالهداية والصلاح ولا تعامليها بالمثل ؛ قال الله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .
سورة فصلت/34-36

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android