ماذا لو اختار أحدهم أن يبقى عازباً في الدارين ؟
فالحاصل ؛ أن هذا الاستشكال مبني على قياس حياة أهل الجنة على حياة أهل الدنيا ، وقياس رغبات أهل الجنة الكاملة على رغبات أهل الدنيا التي يكتنفها القصور والجهل ، وهو قياس باطل ؛ لأنه قياس مع الفارق ، فهو قياس للحياة الكاملة على الحياة الناقصة. قال الله تعالى : ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت /64 . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى : " وأما الدار الآخرة ، فإنها دار ( الْحَيَوَانُ ) أي : الحياة الكاملة ، التي من لوازمها ، أن تكون أبدان أهلها في غاية القوة ، وقواهم في غاية الشدة ، لأنها أبدان وقوى خلقت للحياة ، وأن يكون موجودا فيها كل ما تكمل به الحياة ، وتتم به اللذات ، من مفرحات القلوب ، وشهوات الأبدان ، من المآكل ، والمشارب ، والمناكح ، وغير ذلك ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " انتهى من " تفسير السعدي " (ص 635) . والله أعلم .
39,471