0 / 0

حكم بيع المجسمات الأثرية

السؤال: 98632

ما حكم الإسلام في بيع المجسمات الأثرية المسماة بالتحف (تماثيل كاملة ورؤوس تماثيل وأبدان بلا رؤوس) ؟
حيث إنني أستطيع أن أزاول تجارة الأثريات بكل أشكالها مع ذوى الاختصاص بدراسة التاريخ والآثار القديمة والمتاحف العالمية وغيرها وذلك لغاية الدراسة والبحث العلمي والتاريخي .
وظروفي المادية والاجتماعية صعبة ، ولكني أردت أن أتأكد من حكم الشرع قبل أن أتاجر فيها ، وأعلم أن حكم الحلال والحرام ثابت في الفقر والغنى .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز صناعة التماثيل والمجسمات لذوات الأرواح ، من الإنسان أو الطير أو الحيوان ، لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد ، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (7222 )
وما حرمت صناعته ، فلا يجوز بيعه لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه .
روى أحمد (2678) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ ) والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند ، وأصله في الصحيحين .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل ، ويجعلها بضاعة له ، ويعيش من ذلك ؟
فأجاب : ” لا يجوز للمسلم أن يبيع أو يتجر فيها ، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح ، وإقامة التماثيل لها مطلقا ، والإبقاء عليها . ولاشك أن في الاتجار فيها ترويجاً لها ، وإعانةً على تصويرها وإقامتها بالبيوت والأندية ونحوها .
وإذا كان ذلك محرما ، فالكسب من إنشائها وبيعها حرام ، لا يجوز للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة أو نحو ذلك ، وعليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه ، ويتوب إلى الله تعالى ، عسى الله أن يتوب عليه ، قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 ، وقد صدرت منا فتوى في تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقا ، صورا مجسمة أو غير مجسمة ، بنحت أو نسخ ، أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة ” كوداك ” ” انتهى من “الجواب المفيد في حكم التصوير” لسماحة الشيخ ابن باز ص 49-50 .
وأما ما أزيل رأسه ، فلا يعد صورة محرمة ، ولا حرج في اقتنائه ، وبيعه إن كان ينتفع به ، بشرط ألا يستعان به على محرم ، كأن يكون جزءا من تمثال يعبد أو يتبرك به ونحو ذلك .
وقد دل على إباحة ما قطع رأسه من الصور ، ما رواه الترمذي (2806) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَنِ ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جَرْوًا لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
ورواه النسائي (5365) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ادْخُلْ فَقَالَ كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ ؟ فَإِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُءُوسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بِسَاطًا يُوطَأُ فَإِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ . وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3864) .
وبناء على ما سبق فلا يجوز لك الاتجار في المجسمات الأثرية المصورة على صور ذوات الأرواح ، إلا أن تكون مقطوعة الرؤوس ، وقد أحسنت في السؤال عن حكم العمل قبل أن تقدم عليه .
واعلم أن خزائن الله تعالى ملأى ، ورزقه واسع ، وعطاءه لا حدّ له ، وقد وعد أهل طاعته بالرزق الحسن فقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2، 3 .
وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 .
فما عليك إلا أن تبذل الأسباب ، وتستعين بالله تعالى ، وتبحث عن العمل المباح ، ثم أبشر بالخير والرزق الحسن .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android