0 / 0

حكم العمل في الصحف

السؤال: 82704

أعمل في إحدى الجرائد القومية في بلدي ، والمفروض أنها بلد إسلامية ، ولكن ليست كذلك ، وأنتم تعرفون مدى النفاق والتضليل الحكومي في هذه الجرائد ، وأعمل في القسم الخاص بتنفيذ صفحات هذه الجرائد ، فهل راتبي هذا حلال – خاصة وأن فرص العمل في بلدي صعبة جدا ، وأنا اضطررت أن أعمل فيها ، فلم أكن أرضى بالعمل فيها في بداية الأمر – ؟.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يهدي أصحاب القنوات الإعلامية لما فيه خير العباد ، وأن يعينهم على نشر الصدق والعفاف .

وللأسف ! قلما تخلو صحيفة أو مجلة من محاذير شرعية توجب هجر بيعها وشرائها ، ومن باب أولى هجر العمل فيها ، ومن هذه المحاذير :

1. وجود الأبراج والتكهن لأصحابها ، وهذا من كبائر الذنوب ، وقد يصل بصاحبه للكفر .

2. وجود جداول ببرامج القنوات الفضائية ، والغالب على هذه البرامج نشر المنكرات والفواحش .

3. وجود صور الفاتنات والفاجرات .

4. وجود الدعايات للبنوك والشركات التي تبيع المحرم وتصنعه .

5. وجود الرسوم الكاريكاتورية ، وهي محرمة لأنها رسم باليد لذوات الأرواح في غالبها .

6. النفاق للسلطان والحكومات بمدحها وهي غير مستحقة .

7. التقول على الشرع بالفتاوى الباطلة ، والطعن في الإسلام بالمقالات المنحرفة .

وغير ذلك من المحظورات والمحاذير الشرعية ، وهي تقل وتكثر ، وتقوى وتضعف بحسب الدولة ونظامها ، وبحسب الصحيفة وإدارتها .

ولذا جاءت فتاوى أهل العلم بالمنع من بيع وشراء الصحف والمجلات التي تحوي بعض تلك المحاذير ، فكيف إن اجتمع فيها عدة محاذير ؟! وكيف إذا كان الأمر في حكم القيام على تنفيذ هذه الصحف وإخراجها ؟! .

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :

لا يجوز لكم – ولا لغيركم – بيع الصحف والمجلات المشتملة على الصور النسائية ، أو المقالات المخالفة للشرع المطهر ؛ لقول الله سبحانه : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) .

” فتاوى إسلامية ” ( 2 / 371 ) .

2. وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله – :

أنا شاب عمري 21سنة توفي والدي ، وعندي خمسة إخوان ووالدتي ، وترك لنا محلات تجارية ، ومن بينها مكتبة لبيع الصحف والمجلات ، وكتب دينية ومصاحف ، وفي المكتبة عامل غير مسلم ، وأخبرت أخي الكبير أنه لا يجوز لهذا العامل أن يمس المصاحف والكتب الدينية ، كما لا يجوز بيع المجلات التي فيها صور ورفض ما قلت له ، فماذا أفعل ؟ هل يجوز لي الجلوس مع إخوتي والأكل معهم ؟

فأجاب :

نشكرك على ورعك وتحرجك عن الحرام أو عن المشتبه ، وننصحك بأن تحاول إبعاد هذا الكافر ، وستجدون مسلماً أميناً خيراً منه بكثير إن شاء الله .

فأما المجلات : فإذا كانت خليعة تدعو إلى التهتك والفجور : فحرام بيعها وربحها وتعاطي التجارة فيها ، فإن كانت الصور التي بها عادية وهي خالية عن الدعارة والفساد : فلا بأس ببيعها ويكون البيع والثمن لما فيها من العلوم والفوائد والكلام المباح ، وتكون الصور غير مقصودة لكم ، وننصحك بالإقامة مع إخوتك والأكل معهم ، ولا إثم عليك إن شاء الله .

” فتاوى إسلامية ” ( 2 / 371 ، 372 ) .

3. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – أيضاً – :

ما حكم الرسم ( الكاريكاتيري ) والذي يشاهد في بعض الصحف والمجلات ويتضمن رسم أشخاص ؟

فأجاب :

الرسم المذكور لا يجوز ، وهو من المنكرات الشائعة التي يجب تركها لعموم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم تصوير كل ذي روح سواء كان ذلك بالآلة أو باليد أو بغيرهما .

ومن ذلك ما رواه البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن آكل الربا وموكله ، ولعن المصور ) ، ومن ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) ، إلى غير ذلك الأحاديث الكثيرة في هذا الموضوع ، ولا يستثنى من ذلك إلا من تدعو الضرورة إلى تصويره لقول الله عز وجل : ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) .

أسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بشريعة ربهم والاعتصام بسنة نبيهم صلي الله عليه وسلم والحذر مما يخالف ذلك ، إنه خير مسؤول .

” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 362 ، 363 ) .

4. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

أقول للمسؤولين عن هذه الصحف : إنهم مسؤولون أمام الله عز وجل حينما يقفون بين يديه عز وجل ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، إن هؤلاء الذين ينشرون هذه المنكرات إنهم مسؤولون عن أي نتيجة تحدث من جراء ما نشروه ، إن المجتمع إذا صار مجتمعاً بهيميّاً : فإنه لا يمكن أن يحق حقّاً ولا ينكر باطلاً ، لا يمكن أن يخضع لأوامر الله فضلا عن أوامر عباد الله عز وجل ، وبهذا تكون الفوضى التي لا حدود لها … .

وقال :

ومن مفاسد هذه الصحف : ما يحصل للقلب من هيام في الحب وإغراق في الخيال الذي لا حقيقة له ، فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب .

ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات : أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة .

فيا أيها المؤمنون قاطعوا هذه الصحف والمجلات ، لا تعينوا ناشريها على إثمهم ؛ فإن شراءكم إياها إثراءٌ لهم وتقوية لرصيدهم المالي وإغراء لهم في نشرها وعلى ما هو أفظع من ذلك ، فيكون المشترك والمشتري والقابل لها معيناً على الإثم والعدوان ، وتذكروا يا أيها المؤمنون تذكروا قول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ اللهم اشهد عليَّ بما أقول ، واشهد على هؤلاء بما يسمعون ، وإنه يجب عليكم وأقولها وأكررها : يجب عليكم أن تقاطعوا هذه الصحف والمجلات وأن تحرقوا ما كان موجوداً منها بين أيديكم حتى تسلموا من إثمها .

” فتـاوى إسلامية ” ( 4 / 381 – 383 ) باختصار .

5. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :

لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية ، أو الدعاية إلى الزنا والفواحش ، أو اللواط ، أو شرب المسكرات ، أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه ، ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، ونشر الفساد في الأرض ، والدعوة إلى إفساد المجتمع ونشر الرذائل وقد قال الله عز وجل في كتابه المبين : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) .

” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 384 ) .

6. وسئل الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله – :

فضيلة الشيخ ، نأمل توضيح حكم الشرع فيما يعرض في بعض المجلات الساقطة بما يسمى بالبروج كبرج الثور وبرج العقرب وغيرها ، ويزعمون بأن من ولد في برج الثور مثلاً سيحدث له كذا .. ، ويسافر إلى بلاد .. ونحوه مما فيه ادعاء علم الغيب ، وكل برج له أحوال خاصة يتحدث بأصحابه ؟

فأجاب :

البروج هي منازل الشمس وهي اثنا عشر برجاً ، أقسم الله تعالى بقوله : ( والسماء ذات البروج ) ، وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ، وهي أشهر عادية ، ولا يعلم ما يحدث فيها إلا الله تعالى ، فمن ادَّعى أنه يحدث في برج الثور كذا ، أو في برج العقرب كذا : فهو ممن يدعي علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى ، ولا يجوز التخرص بالنظر في الأنواء أو في البروج والمنازل إلا بما يفيد الإنسان إيماناً وإسلاماً ، والله أعلم .

” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 386 ) .

7. وسئل علماء اللجنة الدائمة :

ما حكم من يسمح بدخول المجلات التي فيها صور ومقالات محرمة شرعاً إلى بيته وإلى أهله ؟

فأجابوا :

لا يجوز للمسلم أن يُدخل في بيته مجلات أو روايات فيها مقالات إلحادية ، أو مقالات تدعو إلى البدع والضلال ، أو تدعو إلى المجون والخلاعة ؛ فإنها مفسدة للعقيدة والأخلاق ، وكبير الأسرة مسئول عن أسرته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرجل راع في بيته وهو مسئول عن رعيته ) .

” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 387 ) .

8. وسئل الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله – :

تمارس جريدة ### دوراً سيئاً في تشويه أخبار المسلمين ، والكتم على قضاياهم ، وتشويه صورة الإسلام ، والنيل من قضايا الإسلام ، ومعالجتها بطريقة لا تخدم المصلحة الإسلامية بحال من الأحوال ، كما أنها تتابع أخبار الفنانين والفنانات من الكفار وغيرهم وتبرز صورهم ، فما رأيكم في هذه الجريدة ؟ وما حكم بيعها وشرائها وتوزيعها واقتنائها ؟ .

فأجاب :

إذا كان الأمر كما ذكر أعلاه : فإن التعامل معها طريق لتشجيعها وترويجها وتمكينها مع ما فيها ، وما تحدثه من الأضرار في المعتقد ، لذلك أرى النهي عن اقتنائها وشرائها وتوزيعها ، وأشير على كل ناصح أن يجتنب المساهمة فيها ، أو النشر فيها ؛ فإن ذلك ذريعة إلى إماتتها ، وإخماد ذكرها ، حتى تتغير عن هذا الأسلوب ، وتستبدل خيراً من هذه الطريقة .

” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 388 ) .

والخلاصة :

أنك رأيت فتاوى أهل العلم ، وما ذكروه من أسباب تحريم العمل في الصحف والمجلات التي تخالف الشرع ، وكذا حكم بيعها وشرائها ، ورأيت ما قدمناه في أول الجواب ، وعليه : فيمكنك أن تتأمل تلك الفتاوى لترى مدى انطباقها على الجريدة التي تعمل بها ، فإذا كانت هناك محاذير شرعية فيها : فلا تعمل بها ، واتق الله تعالى في نفسك ، واعلم أن الله تعالى قد وعدك خيراً إن اتقيته ، وجاء في السنة ما يبشرك بخير إن تركت العمل فيها لأجل الله تعالى .

قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2،3 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق/4 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ) صححه الألباني رحمه في ” حجاب المرأة المسلمة ” ( ص 49 ) .

وإذا رأيت أن بقاءك فيها يمكنك من تغيير بعض هذه المنكرات أو تقليلها والأمر بالمعروف ؛ وفتح المجال لأهل الاستقامة للكتابة فيها والدفاع عن الإسلام …. ونحو ذلك من المنافع ، فنرجو أن يكون بقاؤك فيها خيراً وتثاب عليه وعلى ما تبذله من جهد في تقليل المنكرات إن شاء الله تعالى .

أما إذا كنت عاجزاً عن ذلك والصحيفة مليئة بالمنكرات فليس أمامك إلا تركها ، والله تعالى يعوضك خيراً منها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android