ما هو رأي الإسلام في الذين يمارسون اللواط أو السحاق ولكنهم تابوا وأقلعوا عن هذا الفعل ؟
هل يجب رجمهم حتى الموت ؟ هل يمكن أن يُغفر لهم ؟ هل يجوز لهم أن يتزوجوا من الجنس الآخر ؟.
هل يغفر لممارس اللواط وهل يجوز له الزواج ؟
السؤال: 5177
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لاشك أن فاحشة اللواط من أعظم المعاصي بل من الكبائر التي حرمها الله عز وجل ، وقد أهلك الله قوم لوط عليه السلام لما تمادوا في غيهم واستمرؤوا هذا الفعل الشنيع بأنواع رهيبة من العقوبة ، قال الله تعالى : ( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود . مسومة عند ربك ) ثم قال سبحانه محذرا من يأتي بعدهم من الأمم التي تفعل فعلهم ( وما هي من الظالمين ببعيد ) . وقال تعالى : ( ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر . ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه أحمد 2727 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم 6589 .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : اقتلوا الفاعل والمفعول به . رواه أهل السنن الأربعة وإسناده صحيح ، وقال الترمذي حديث حسن .
وحكم به أبو بكر الصديق ، وكتب به إلى خالد بعد مشاورة الصحابة ، وكان علي أشدهم في ذلك . وقال ابن القصار وشيخنا : أجمعت الصحابة على قتله ، وإنما اختلفوا في كيفية قتله ، فقال أبو بكر الصديق : يرمى من شاهق ، وقال علي رضي الله عنه : يهدم عليه حائط ، وقال ابن عباس : يقتلان بالحجارة . فهذا اتفاق منهم على قتله ، وإن اختلفوا في كيفيته ، وهذا موافق لحكمه صلى الله عليه وسلم فيمن وطئ ذات محرم ، لأن الوطء في الموضعين لا يباح للواطئ بحال ، ولهذا جمع بينهما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، فإنه روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه ) وروى أيضا عنه : ( من وقع على ذات محرم فاقتلوه ) وفي حديثه أيضا بالإسناد : ( من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه ) – أخرجه أحمد 2420وأبو داود 4464 والترمذي 1454 والحاكم 4/355 – .
وهذا الحكم على وفق حكم الشارع ، فإن المحرمات كلما تغلظت ، تغلظت عقوباتها ، ووطء من لا يباح بحال أعظم جرما من وطء من يباح في بعض الأحوال ، فيكون حده أغلظ ، وقد نصّ أحمد في إحدى الروايتين عنه ) زاد المعاد ج5 ص40-41 .
وكذلك الأمر بالنسبة لفاحشة السحاق ، فإنه لاشك بين الفقهاء أن السحاق حرام ، وهو من الكبائر كما نصّ عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى . الموسوعة الفقهية ج24 ص251 .
أما بخصوص الحد المذكور في السؤال وهو الرجم حتى الموت فإن هذا النّوع من الحد متعلق بالزاني المحصن وأما الحدّ الشرعي لجريمة اللواط فهو القتل – بالسيف على الراجح – كما ورد في الحديث السابق على خلاف بين أهل العلم في كيفية هذا القتل ، أما السحاق فإنه لا حد فيه لكن فيه التعزير . الموسوعة الفقهية ج24 ص253 .
أما إذا تاب الفاعل لهذه الفاحشة أو كل ما يستوجب حدا وأقلع عن هذا الذنب واستغفر وندم ونوى ألا يعود إليه فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن ذلك فأجاب بقوله : ( إذا تاب إلى الله توبة صحيحة تاب الله عليه من غير حاجة إلى أن يقر بذنبه حتى يقام عليه الحد ) مجموع الفتاوى ج34 ص180.
قال الله تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا . إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما . ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) . فإن تاب إلى الله توبة صحيحة فلا مانع من أن يتزوّج بل قد يجب عليه ذلك إحصانا لنفسه واتّباعا لما أحلّه الله . والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الشيخ محمد صالح المنجد