0 / 0
19,72803/01/2019

إذا سها إمامهم سلم تسليمة واحدة ثم سجد للسهو

السؤال: 298012

أدرس بالهند ، وعند السهو في الصلاة من زيادة أو نقصان بعد قراءة التشهد يسلم الإمام تسليمة واحدة عن يمينه ، وبعد ذلك يسجد سجدتي السهو ، ثم يقرأ التشهد والصلاة الإبراهيمية ، ثم يسلم تسلمتين ، كما لاحظت أن المامومين لا يسلمون مع الإمام في هذه التسليمة قبل سجدتي السهو ، علما بأنهم أي المجتمع الهندي يسلمون تسليمتين من الصلاة ، وليس تسليمة واحدة ؛ وأنا أعلم أنه يجوز التسليم من الصلاة بتسليمة واحدة ، فماذا يجب على أنا المأموم ؟ وهل أتابع الإمام أم أن هذا خطا ؟ أم تجب على مفارقته ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

اختلف الفقهاء في موضع سجود السهو، وقد ذهب الحنفية إلى أنه يكون بعد السلام، سواء كان السجود عن نقص أو زيادة، ويسلم تسليمة واحدة، فإن سلم تسلميتين سقط سجود السهو.

وعندهم أنه لو أتى بالسجود قبل السلام : جاز ، مع الكراهة.

قال في “الدر المختار”: “(يجب بعد سلام واحد عن يمينه فقط) لأنه المعهود، وبه يحصل التحليل وهو الأصح ..

وعليه : لو أتى بتسليمتين ، سقط عنه السجود.

ولو سجد قبل السلام : جاز ، وكره تنزيها”.

قال ابن عابدين في حاشيته عليه (2/ 78): “(قوله واحد) هذا قول الجمهور، منهم شيخ الإسلام، وفخر الإسلام. وقال في الكافي: إنه الصواب، وعليه الجمهور، وإليه أشار في الأصل اهـ إلا أن مختار فخر الإسلام : كونه تلقاء وجهه من غير انحراف.

وقيل يأتي بالتسليمتين، وهو اختيار شمس الأئمة ، وصدر الإسلام أخي فخر الإسلام ، وصححه في الهداية والظهيرية والمفيد والينابيع، كذا في شرح المنية. قال في البحر: وعزاه أي الثاني في البدائع : إلى عامتهم، فقد تعارض النقل عن الجمهور اهـ.

(قوله عن يمينه) احتراز عما اختاره فخر الإسلام ، من أصحاب القول الأول كما علمته.

وفي الحلية: اختار الكرخي وفخر الإسلام وشيخ الإسلام وصاحب الإيضاح : أن يسلم تسليمة واحدة. ونص في المحيط على أنه الأصوب. وفي الكافي على أنه الصواب.

قال فخر الإسلام: وينبغي على هذا أن لا ينحرف في هذا السلام، يعني فيكون سلامه مرة واحدة تلقاء وجهه.

وغيره من أهل هذا القول : على أنه يسلم مرة واحدة عن يمينه خاصة. اهـ.

والحاصل :

أن القائلين بالتسليمة الواحدة : قائلون بأنها عن اليمين ؛ إلا فخر الإسلام منهم : فإنه يقول إنها تلقاء وجهه ، وهو المصرح به في شروح الهداية أيضا ، كالمعراج و “العناية” و”الفتح”.

(قوله لأنه المعهود) تعليل لكونه عن يمينه .

(وقوله وبه يحصل التحليل) : تعليل لكونه واحدا، ويأتي وجهه قريبا…

 (قوله وعليه لو أتى إلخ) : هذا جعله في البحر قولا رابعا. واستظهر في النهر أنه مفرع على القول بالواحدة، وتبعه الشارح، ويؤيده ما وجهوا به القول بالواحدة من أن السلام الأول لشيئين: للتحليل وللتحية؛ والسلام الثاني للتحية فقط ، أي تحية بقية القوم ، لأن التحليل لا يتكرر؛ وهنا سقط معنى التحية عن السلام ، لأنه يقطع الإحرام ، فكان ضم الثاني إليه عبثا، ولو فعله فاعل لقطع الإحرام. قال في الحلية بعد عزوه ذلك إلى فخر الإسلام حتى إنه لا يأتي بعده بسجود السهو كما نقله في الذخيرة عن شيخ الإسلام، ومشى عليه في الكافي وغيره. اهـ.

وفي المعراج قال شيخ الإسلام: لو سلم تسليمتين لا يأتي بسجود السهو بعد ذلك ، لأنه كالكلام. اهـ. قلت: وعليه فيجب ترك التسليمة الثانية .

(قوله جاز) هو ظاهر الرواية، وفي المحيط: وروي عن أصحابنا : أنه لا يجزئه ، ويعيده .. ” انتهى.

وأما إعادة التشهد بعد سجود السهو : فهو مذهب الحنفية أيضا . كما في “بدائع الصنائع” (1/715) . 

وانظر في موضع سجود السهو: جواب السؤال رقم : (277355) .

وعليه، فالذي رأيته هو ما عليه الحنفية، وهو المذهب المعتمد في تلك البلاد. وهو من المذاهب الأربعة المتبوعة المعتبرة عند المسلمين .

والمشروع للمأموم ، إذا صلى خلف إمام ، يتبع المذهب الحنفي ، في مثل هذه المسائل المختلف فيها بين الفقهاء : أن يتابع إمامه في صلاته ، ولا يختلف عليه .

ثانيا:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجزئ في الصلاة أن يسلم المصلي تسليمة واحدة، خلافا للحنابلة فقد أوجبوا التسليمتين.

قال النووي رحمه الله :

” أَجْمَعَ الْعُلَمَاء الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ : عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِب إِلَّا تَسْلِيمَة وَاحِدَة .

فَإِنْ سَلَّمَ وَاحِدَة : اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمهَا تِلْقَاء وَجْهه .

وَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ جَعَلَ الْأُولَى عَنْ يَمِينه , وَالثَّانِيَة عَنْ يَسَاره , وَيَلْتَفِت فِي كُلّ تَسْلِيمَة ، حَتَّى يَرَى مَنْ عَنْ جَانِبه : خَدَّه , هَذَا هُوَ الصَّحِيح” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (5/83) .

وهذا الإجماع فيه نظر، لكن هو مذهب الجمهور، على كل حال .

قال المرداوي رحمه الله: “وهو قول أكثر أهل العلم، وحكاه ابن المنذر إجماعا ، فقال: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم: على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة : جائزة، وتبعه ابن رزين في شرحه.

قلت: هذا مبالغة منه، وليس بإجماع ، قال العلامة ابن القيم: وهذه عادته إذا رأى قول أكثر أهل العلم ، حكاه إجماعا” انتهى من “الإنصاف” (2/ 118).

وعليه : فمن سلم تسليمة واحدة ، قبل سجود السهو : فقد أتى بالسلام.

وعلى المأموم أن يتابعه، فيسلم مثله، ثم يسجد للسهو.

وأما ترك المأمومين لهذا السلام، فخطأ، وفيه مخالفة للإمام ، ونقص في المتابعة.

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (147193) ، ورقم : (272366) .

والحاصل :

أن هذه المسألة مبنية على أمرين: الأول: كون الأفضلية للسجود بعد السلام، وكون السلام يقع بتسليمة واحدة، إضافة إلى ما زاده الحنفية من التعليل ، وهو أن التسليمة الثانية للتحية فقط فهو كالكلام، ولهذا لو أتى به سقط سجود السهو.

وعامة المسائل المذكورة : هي من مسائل الاجتهاد ، وفيها خلاف معروف بين أهل العلم ؛ فلا حرج على الإمام ، ولا على المأموم في اتباع هذا المذهب، فهو مذهب معتبر .

وعلى المأموم أن يسلم كما سلم إمامه، وإلا كان مخالفا لإمامه ، وكان آتيا بالسجود قبل السلام.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android