0 / 0
9,34523/07/2018

حكم تغذية الرضيع بالطعام غير لبن الأم بعد شهره السادس

السؤال: 287812

زوجي يحب التمسك قدر الإمكان بما كان يفعله الصحابة ، وهذا أول مولود لنا ، ولا يريدني أن أغذيه بجانب الرضاعة أكلا عندما يبلغ الستة أشهر إلا إن كان هناك دليل عن الصحابة ، ولم أجد في بحثي ما يساعدني على إقناعه بمدى أهمية الغذاء له ، فهل لديكم دليل أو شيء يساعدني على إقناعه بضرورة بدء الأكل للرضيع بستة أشهر إلى السنتين، وأنه لا يجب الإكتفاء بالرضاعة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إطعام الرضيع بعد الشهر السادس هو من الأمور العادية البحتة، ولا علاقة لها بالتعبّد، ومثل هذه الأمور الأصل فيها الجواز؛ فلا يُنْهى عن شيء منها إلا بدليل من الشرع، فإن لم يوجد فإنها تبقى على الإباحة والجواز، هذه هي القاعدة المستقرة في الشرع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

” تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم .
فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها : لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.

وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى …

والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله:   قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا  ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه … وهذه قاعدة عظيمة نافعة ” .

انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (29 / 16 – 18).

ثم ينبني النظر بعد ذلك في أمر إطعام الطفل ، ونحوه من العادات ، والمباحات ينبني على مصلحة الطفل ، ونحوها من المصلحة ، فما ظهر فيه وجه المصلحة ، بحكم العادة والتجربة : عمل به الناس ، كما هو في سائر شؤونهم وأعمالهم ، وهو من فروع القاعدة العظيمة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه :   أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ   رواه مسلم (2363) .

ومن المعلوم أن بداية خروج أسنان الرضيع تبدأ تقريبا في الشهر السادس ، وأهم دور لها هو قضم الطعام ، وهذا مؤشر إلى أن جسمه في هذا السن مستعد لاستقبال الطعام ، غير لبن الأم ، فيشرع في التدرج معه في الطعام بما يناسبه.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

” وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم ، لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام، فإذا نبتت أسنانه قويت معدته، وتغذى بالطعام، فإن الله سبحانه أخر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه، ورحمة منه بالأم، وحلمة ثديها فلا يعضه الولد بأسنانه.

وينبغي تدريجهم في الغذاء، فأول ما يطعمونهم: الغذاء الليِّن، فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار، واللبن والحليب، ثم بعد ذلك الطبيخ، والأمراق الخالية من اللحم، ثم بعد ذلك ما لطف جدا من اللحم بعد إحكام مضغه، أو رضه رضا ناعما ” .

انتهى من “تحفة المودود بأحكام المولود” (ص 339).

ثم إن منع الرضيع بعد الشهر السادس من الطعام مطلقا، قد يكون فيه ضرر عليه؛ لأنه ربما لا يكفيه حليب الأم، ثم إنه يشتهي الطعام بعد الشهر السادس ؛ فحرمانه منه فيه نوع تعذيب وعدم رحمة له، كما أن في إطعامه بالتدريج تهيئة له للفطام حتى إذا جاء وقت فطامه يكون جسمه مستعدا للاستغناء عن اللبن ، والاكتفاء بالطعام .

وفي إعطائه الطعام الملائم لسنه ، بالتدريج ، فائدة نفسية أخرى ، تسهل عليه عملية الفطام عن أمه ، متى بلغ السن الفطام ، كما يقول المختصون بعلم النفس ، فيكون انقطاعه عن اللبن ، وعن صدر أمه : تدريجيا ، ليكون أرفق به عند تمام الرضاع ، وبلوغ الفطام .

وحرص زوجك على اتباع الصحابة مما يحمد عليه ، ولكن هذه المسألة وأمثالها مما لا علاقة له بالتعبد ، كما سبق ، وإنما هي من الأمور العادية ، والمصلحية ، فلا ينبغي طلب الدليل من فعل الصحابة عليها ، وإنما يطلب الدليل من فعل الصحابة على العبادات .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android