0 / 0
75,65509/07/2017

حكم لعن الجمادات

السؤال: 274272

ما حكم لعن الجمادات ؟ كأن يلعن الانسان سيارته ، أو كأسه ،أو قلمه ، فيقول للقلم ( الله يلعنك ) ، وأعرف بعض النساء تسمي المواعين ـ الأواني المنزلية ـ الملاعين ، فهل يعتبر هذا من اللعن ؟

ملخص الجواب

ملخص الجواب : لا يجوز للمسلم أن يلعن شيئا من الحيوانات ولا الجمادات ، والواجب على من فعل شيئا من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويكف لسانه عن مثل ذلك ويعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الإكثار من اللعن من الصفات المذمومة التي لا ينبغي للمؤمن أن يتصف بها ، وقد جاءت أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين ذلك ، سبق ذكر بعضها في السؤال رقم (45148) ، (83390) .

وقد ثبت النهي عن لعن ما لا يستحق اللعنة ، وإن لم يكن مكلفا ، أو لم يكن من شأنه أن يعقل اللعن ، أو يتأذى به ، من الحيوانات.

روى مسلم (2595) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ ، فَضَجِرَتْ ، فَلَعَنَتْهَا ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : (خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا ، فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ) قَالَ عِمْرَانُ : فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ .

وروى مسلم أيضا (2596) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ ، إِذْ بَصُرَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَضَايَقَ بِهِمْ الْجَبَلُ ، فَقَالَتْ : حَلْ ، اللَّهُمَّ الْعَنْهَا ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ) .

(حَلْ) كلمة تقال لزجر الإبل حتى تسرع المشي .

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (8/409) :

“قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاقَة الَّتِي لَعَنَتْهَا الْمَرْأَة : ( خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَة ) وَفِي رِوَايَة : ( لَا تُصَاحِبنَا نَاقَة عَلَيْهَا لَعْنَة ) : إِنَّمَا قَالَ هَذَا زَجْرًا لَهَا وَلِغَيْرِهَا , وَكَانَ قَدْ سَبَقَ نَهْيهَا ، وَنَهْي غَيْرهَا عَنْ اللَّعْن , فَعُوقِبَتْ بِإِرْسَالِ النَّاقَة . وَالْمُرَاد النَّهْي عَنْ مُصَاحَبَته لِتِلْكَ النَّاقَة فِي الطَّرِيق , وَأَمَّا بَيْعهَا وَذَبْحهَا وَرُكُوبهَا فِي غَيْر مُصَاحَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَات الَّتِي كَانَتْ جَائِزَة قَبْل هَذَا : فَهِيَ بَاقِيَة عَلَى الْجَوَاز ; لِأَنَّ الشَّرْع إِنَّمَا وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُصَاحَبَة , فَبَقِيَ الْبَاقِي كَمَا كَانَ” انتهى .

وقال الخطابي في “معالم السنن” (2/251) :

“قلت : زعم بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بذلك فيها لأنه قد استجيب لها الدعاء عليها باللعن : واستدل على ذلك بقول : فإنها ملعونة.

وقد يحتمل أن يكون إنما فعل ذلك عقوبة لصاحبتها ، لئلا تعود إلى مثل قولها” انتهى .

وقال ابن القيم في حاشيته على “تهذيب السنن” :

“وَالصَّوَاب أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَة لَهَا ، لِئَلَّا تَعُود إلى مِثْل قَوْلهَا ، وَتَلْعَن مَا لَا يَسْتَحِقّ اللَّعْن …

وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْد اللَّه بْن حَامِد عَنْ بَعْض أَصْحَاب أَحْمَد : أَنَّهُ مَنْ لَعَنْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعه ، زَالَ مُلْكه عَنْهُ . وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم” انتهى .

وقال ابن حجر الهيتمي في “الزواجر” (2/366) :

“وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي لَعْنِ الدَّوَابِّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَبِهِ صَرَّحَ أَئِمَّتُنَا” انتهى .

وقد ورد – أيضا – النهي عن لعن ما لا يستحق اللعن ، على جهة العموم ، وحذر الشرع من ذلك : أن تعود اللعنة على قائلها .

فروى الترمذي (1978) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (لَا تَلْعَنْ الرِّيحَ ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ) .

وعموم هذا الحديث يدل على تحريم لعن من لا يستحق اللعن ، إنسانا كان ، أو حيوانا ، أو حتى جمادا ؛ فهذا ينطبق عليه أنه : شيء ؛ لا يستحق اللعن!! .

قال الصنعاني في “التنوير شرح الجامع الصغير” (3/509) :

“(لعن شيئًا) أي : من حيوان ، أو جماد” انتهى .

وقال ابن علان في “الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية” (7/53) :

“(لعن شيئًا) عام في كل شيء من إنسان وغيره” انتهى .

وفي “تكملة حاشية رد المحتار” (1/564) :

“لا يجوز لعن الدابة وغيرها من الجماد، وقد ورد التصريح بالنهي عن اللعن” انتهى .

وفي “حاشية قليوبي وعميرة” (11/63) الشاملة :

“وَإِنَّمَا يَحْرُمُ [اللعن] لِمُعَيَّنٍ ، وَلَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ كَالْجَمَادِ .

نَعَمْ ، يَجُوزُ لَعْنُ كَافِرٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ” انتهى .

وقال الغزالي في “إحياء علوم الدين” (3/123) وهو يعدد آفات اللسان :

“الآفة الثامنة : اللعن إما لحيوان ، أو جماد ، أو إنسان ؛ وكل ذلك مذموم” انتهى

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

ما حكم سب البهائم، حيث أني شاهدت من يفعل ذلك، وخاصة عندما ينهمك ويتعب معها، وهو يسبها من غير شعور – كما يقول – وبعضهم يسب في الحلال باللعن وغيره؟

فأجاب :

“سب البهائم لا يجوز، وهكذا سب الجمادات؛ النبي صلى الله عليه وسلميقول : (إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة). وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء). وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سمع امرأة تسب ناقة ، تلعنها ، فأمر أن يلقى ما عليها وقال : (لا تصحبنا ناقة ملعونة). فالواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن السب للبهائم أو لأولاده أو لغيرهم.

أما سب الكفار على العموم أو الظالمين أو الفساق : فلا حرج ، إذا قال: لعن الله الظالمين، لعن الله الكافرين، لعن الفاسقين، لعن الله السارق، لعن الله شارب الخمر ، عموماً فلا حرج في ذلك” انتهى .

http://www.binbaz.org.sa/noor/341

ثانيا :

أما تسمية “المواعين” بـ “الملاعين”: فهو مما يجب على المسلم حفظ لسانه عنه ، لأن “الملاعين” جمع “ملعون” كما في لسان العرب (13/387) ، و”القاموس المحيط” (ص 1588) .

وهذا يحتمل أنه دعاء على المواعين باللعنة ، فيكون من لعن الجماد ، وهو محرم كما سبق ، ويُخشى على قائل ذلك أن تعود اللعنة عليه .

ويحتمل أنه مجرد خبر عن هذه المواعين ، أنها ملعونة ، وهو خبر كاذب ، لأن المواعين ليست مكلفة حتى تكون معلونة ، ولا هي من شأنها أن يلعنها الناس ، ولا تستحق ذلك أصلا .

ولذلك قال القرطبي رحمه الله في شرحه لحديث المرأة التي لعنت ناقتها:

“حمله بعض الناس على ظاهره ، فقال : أطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على أن هذه الناقة قد لعنها الله تعالى ، وقد استجيب لصاحبتها فيها .

فإنَّ أراد هذا القائل : أن الله تعالى لعن هذه الناقة ، كما يلعن من استحق اللعنة من المكلفين؟ كان ذلك باطلا ، إذ الناقة ليست بمكلفة .

وأيضًا : فإنَّ الناقة لم يصدر منها ما يوجب لعنها” انتهى من “المفهم” (21/16).

والخلاصة : أنه لا يجوز للمسلم أن يلعن شيئا من الحيوانات ولا الجمادات ، والواجب على من فعل شيئا من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويكف لسانه عن مثل ذلك ويعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android