إذا لم يثبت (ولم يغلب على الظن) ضرر هذه العطور فإنه لا حرج في بيعها وشرائها واستعمالها ،لأن الأصل إباحة ذلك ، وليس هناك دليل أو سبب ينقلنا عن هذا الأصل .
أما إذا ثبت ضرر هذه العطور فإنه ينهى عن استعمالها والتعطر بها .
فمما هو معلوم من نصوص الشرع ومقاصده : أن كل ما ألحق ضررا بالدين أو البدن ، من مطعوم أو مشروب أو دهن أو عطر وما شابه هذا فإنه ينهى الإنسان عن استعماله أو تناوله .
قال الله تعالى : (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة ( 195 ) .
ولا يجوز للمسلم بيع هذا العطر الضار ؛ لأن فيه إلحاق ضرر بغيره ، وذلك محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم ( 2 / 57 - 58 ) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 498 ) .
وإذا كان المشتري راضيا بشراء هذه العطور لأنه يريد أن يتشبه بالنساء فلا يجوز بيعها له أيضا ، لأن في ذلك إعانة له على التشبه بالنساء ، وذلك من كبائر الذنوب ، فقد (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ . " رواه البخاري (5435) .
ثانيا :
أما الاستفسار من موردي هذه العطور عن المواد التي تحتويها ، فإن حصل اليقين بضرر هذه العطور فلا حاجة إلى السؤال حينئذ ، لأن الواجب تركها ، والسؤال لن يغير من حقيقة الأمر شيئا ، أما إذا كانت هناك شكوك حول ضرر هذه العطور ولم يصل الأمر إلى اليقين فينبغي السؤال لتتعرف على حقيقة الأمر ، وكلما قويت الظنون والشكوك تأكد السؤال .
وهذا ... إذا كان المورد سيصدق في الجواب ، أما إذا كان سيكذب ليروج بضاعته فإن هذا السؤال لن يفيد السائل شيئا .
والله أعلم .