0 / 0
147,13819/06/2015

شرح حديث : ( الخوارج كلاب النار )

السؤال: 225251

انتبه ! نحن لم نقل هذا الكلام من أنفسنا بل قاله رسول الله : ( الخوارجُ كلابُ أهلِ النارِ ) تخريج ” كتاب السنة ” للألباني . هذه رسالة انتشرت ، وأختي سألتني فأجبتها أنه باعتقادي أن معناها أو المقصود أنهم من المجوس فهل هذا فهم صحيح للحديث ؟ وإن كان خطأ فهل علي إثم أني أفتيت بغير علم ؟ وما كفارة ما فعلت ؟ وما هو المعنى الصحيح للحديث ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الخوارج إحدى الفرق الضالة التي لها اعتقاداتها المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة .
وبعض الناس يتساهل في إطلاق هذا اللقب (الخوارج) فيطلقه على من لا يستحقه ، وقد سبق في الفتوى : (224823) بيان أهم الفروق بين أهل السنة والخوارج .

وبدعة الخوارج : هي أول بدعة حدثت في الإسلام ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” أَوَّلُ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةُ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ ، حَدَثَتَا فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَعَاقَبَ الطَّائِفَتَيْنِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (3/ 279) .

وقد اختلف العلماء في تكفيرهم ، والذي عليه جمهور العلماء أنهم ليسوا كفارا ، بل قد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق الصحابة على عدم تكفيرهم . فقال رحمه الله : “وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، على بن أبي طالب وغيره : لم يكفروا الخوارج الذين قاتلوهم ، بل أول ما خرجوا عليه ، وتحيزوا بحروراء ، وخرجوا عن الطاعة والجماعة: قال لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن لكم علينا أن لا نمنعكم مساجدنا ، ولا حقكم من الفيء ) ، ثم أرسل إليهم ابن عباس فناظرهم ، فرجع نحو نصفهم ، ثم قاتل الباقي وغلبهم ، ومع هذا لم يسب لهم ذرية ، ولا غنم لهم مالا ، ولا سار فيهم سيرة الصحابة في المرتدين كمسيلمة الكذاب وأمثاله ، بل كانت سيرة علي والصحابة في الخوارج مخالفة لسيرة الصحابة في أهل الردة ، ولم ينكر أحد على علي ذلك ، فعلم اتفاق الصحابة على أنهم لم يكونوا مرتدين عن دين الإسلام” .
انتهى من ” منهاج السنة النبوية ” (5/241) .
وقال أيضا :
“ومما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج : أنهم كانوا يصلون خلفهم ، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري ، وكانوا أيضا يحدثونهم ويفتونهم ويخاطبونهم كما يخاطب المسلم المسلم ، كما كان عبد الله بن عباس يجيب نجدة الحروري لما أرسل إليه يسأله عن مسائل ، وحديثه في البخاري ، وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة ، وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن كما يتناظر المسلمان ، وما زالت سيرة المسلمين على هذا ، ما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق رضي الله عنه ، هذا مع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم في الأحاديث الصحيحة ، وما روي من أنهم ( شر قتلى تحت أديم السماء ، خير قتيل من قتلوه) في الحديث الذي رواه أبو أمامة ، رواه الترمذي وغيره ، أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم ، فإنهم لم يكن أحد شرا على المسلمين منهم ، لا اليهود ، ولا النصارى ، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم ، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم ، وقتل أولادهم ، مكفرين لهم ، وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم ، وبدعتهم المضلة ، ومع هذا فالصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان لم يكفروهم ، ولا جعلوهم مرتدين ، ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل ، بل اتقوا الله فيهم ، وساروا فيهم السيرة العادلة ” .
انتهى من ” منهاج السنة النبوية ” (5/247) .
وانظر الفتوى رقم : (182237) .

ثانيا :
روى ابن ماجة (173) ، وأحمد (19130) عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى : قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ ) وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .
ورواه الترمذي (3000) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه . وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .

وأما معنى هذا الحديث ، فيحتمل أن يكون على ظاهره ، وأن الخوارج يكونون في النار على صورة الكلاب ، ويحتمل أنهم يكونون في النار ، على بعض صفات الكلاب ، أو وجوه الشبه بهم .
قال القاري رحمه الله :
“أَيْ هُمْ كِلَابُ أَهْلِهَا، أَوْ عَلَى صُورَةِ كِلَابٍ فِيهَا ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (6/ 2323) .
وقال المناوي رحمه الله :
” أي أنهم يتعاوون فيها عواء الكلاب ، أو أنهم أخس أهلها ، وأحقرهم ، كما أن الكلاب أخس الحيوانات وأحقرها ” انتهى من ” فيض القدير” (1/ 528) .

والحكمة من عقابهم بهذا العقاب : أنهم كانوا في الدنيا كلابا على المسلمين ، فيكفرونهم ويعتدون عليهم ويقتلونهم ، فعوقبوا من جنس أعمالهم ، فصاروا كلابا في الآخرة .
انظر : ” فيض القدير” (3/ 509) .

ثالثا :
أما تفسير كونهم كلاب النار بأنهم مجوس هذه الأمة : فتفسير غير صحيح ، ومجوس الأمة هم القدرية الذين ينفون أن الله تعالى قَدَّر مقادير الخلائق ، كما ورد به الأثر ، واشتهر تلقيبهم بذلك عند أهل العلم .
روى أبو داود (4691) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ) وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود” ، لكن الأظهر فيه أنه من رواية أبي حازم المدني ، عن ابن عمر ، وأبو حازم لم يسمع من ابن عمر ؛ فهو منقطع ، كما ذكر الحافظ ابن حجر وغيره . ينظر : ” إتحاف المهرة” (8/364) ، ” النقد الصحيح” للعلائي (29) .
قال الإمام الدارقطني ، رحمه الله : ” والصحيح الموقوف ، عَن ابن عُمر” .
انتهى من “العلل” (7/102) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
من هم مجوس هذه الأمة ؟
فأجاب :
” هم القدرية النفاة ، الذين نفوا القدر ….. فإن المجوس يقولون: إن للعباد إلهين ، النور والظلمة، ويقولون : النور خلق الخير ، والظلمة خلقت الشر، فشابههم نفاة القدر، حيث جعلوا لله شريكا في أفعالهم ، وأنهم يخلقون أفعالهم ، نسأل الله العافية. ونصيحتي لكل المسلمين ألا يخوضوا فيه ، بل يؤمنون بالقدر ولا يخوضوا في ذلك خوض المبتدعة بل يؤمنون بذلك ويسلمون لذلك ، ويعلمون أن الله قدر الأشياء ، وعلمها وأحصاها وأن العبد له مشيئة ، وله إرادة وله اختيار لكنه لا يخرج بذلك عما قدره الله سبحانه وتعالى ” .
انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (4/ 230) .

وقد روى ابن أبي عاصم في كتاب ” السنة ” (341) حديثاً أن فيه وصف القدرية المجوس بأنهم كلاب أهل النار ، غير أنه حديث ضعيف لا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال الألباني : ضعيف جدا .

فمن فسر حديث : (الخوارج كلاب النار) على أنهم مجوس الأمة فقد أخطأ وتكلم في دين الله بغير علم ، وعليه التوبة من ذلك .
وتراجع إجابة السؤال رقم : (21018) لمعرفة خطورة التسرع في الفتوى ، والكلام في الدين بغير علم .
والله تعالى اعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android