0 / 0
39,63204/02/2015

يخاف من ” كما تدين تدان “

السؤال: 225094

أنا شاب كنت على الضلالة ، كنت تارة أتوب من المعاصي ، وتارة أخطئ ، لقد عملت علاقات مع فتيات خارج إطار الزواج ، علاقات محرمة ، والحمد لله الذي لم أمس إحداهن ، مع العلم أنني أعرف أنها علاقة محرمة ، وأنا آثم ؛ لأن النفس استهوتني ، والشيطان تملكني حتى منَّ علي الله بالهداية ، وقطعت دابر الشيطان ، وأصبحت أتقي الله ، وألتزم بالعبادات ، ولكني مع ذلك خائف هل ستمر ابنتي بما مررت به ، هل كما فعلت سيفعل بي ؟ أسئلة تجول في خاطري ، نعم أخطأت في الماضي لجهلي في العقيدة ، فهل أنا آثم ، وماذا أفعل ، إني خائف من ” كما تدين تدان ” ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

التساؤل حول العقوبة الدنيوية لبعض الذنوب من أكثر التساؤلات التي تحول بين الناس وبين التوبة ، ومن أكثر التساؤلات التي تطرأ في أذهان العاصين فتتركهم في هواجس دائمة لا يملكون الخروج من وحلها إلا أن يشاء الله ، وهذا كله مناقض لحقيقة التوبة نفسها ؛ فليست عقوبة الآخرة بأقل شأنا من عقوبة الدنيا ، فإذا استمر العاصي بالتساؤل عن جدوى التوبة وكأنها لا ترفع العقاب المحقق من الله عز وجل ، فلن يتوب أبدا ؛ ولا بد أن يستحضر أنه حين يتوب يطلب من الله سبحانه أن يعافيه من آثار الذنب ، سواء في الدنيا أو في الآخرة ، فيعود كما لو أنه لم يذنب أصلا ، بل يعود بعد التوبة أفضل حالا وشأنا منه قبلها ، وذلك إن أحسن التوبة وحرص على تكميلها .
وإذا كانت التوبة تمحو آثار الكفر كلها ، فهي أجدر أن تمحو أيضا آثار المعصية في الدنيا ؛ وذلك لما تنطوي عليه التوبة من عبادات عظيمة جليلة كالتذلل على أعتاب رحمة الله سبحانه ، والصدق في استحضار معاني اللجوء إليه عز وجل ، طلبا للرحمة والمغفرة والرضوان . وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجه (4250) ، وحسنه الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” (13/471)، والألباني في ” صحيح ابن ماجه ” .
قال المناوي رحمه الله :
” لأن التائب حبيب الله ( إن الله يحب التوابين ) وهو سبحانه لا يعذب حبيبه ، بل يغفر له ويستره ويسامحه …. قال الغزالي : من تاب قبل الموت ، لم تضره الذنوب الماضية وإن كثرت ، كما لا يضره الكفر الماضي بعد الإسلام ” انتهى من ” فيض القدير ” (3/276) .
إذن هما خوفان ، خوف من عقاب الله في الآخرة ، وخوف من آثار المعصية في الدنيا ، وهي آثار خطيرة جليلة ، وكلا الخوفين واجب على العبد ، لكنه خوف لا يبلغ اليأس والقنوط ، بل محفز له كي يسارع في طريق التوبة ، فيطلب من الله تعالى أن يتجاوز عنه كلا العقابين ، ويبدل سيئاته حسنات ، وذلك ما تحققه التوبة الصادقة .
لذلك : إن أهم ما يجب عليك العناية به تحقيق التوبة بين يدي الله تعالى ، بصدق الندم على ما فات ، والانقطاع عن وحل المعصية والعلاقات المحرمة ، والعزم على عدم العودة إليها ، وكثرة الاستغفار وعمل الصالحات ، فإذا قبل الله توبتك ، تجاوز عن آثار ذنبك في الدنيا والآخرة ، فلم يعاقبك في أهلك وأولادك بجنس عملك في الدنيا ، وتجاوز عنك يوم الحساب ، وهذا ما تقتضيه قاعدة ” الجزاء من جنس العمل ” نفسها ، فالتائب يجازى من جنس عمله ، فكما أحسن بالتوبة بعد الإساءة ، فإن الله تعالى يجازيه بالإحسان (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) . فالتائب يُدانُ [يجازى] بالخير الذي أهلته له توبته ، والمصر على معصيته يُدانُ بما يستحقه ؛ و” كما تدين تدان “.
وللمزيد راجع أرقام الفتاوى : (22769)، (47971) ، (81528) ، (98675) ، (134465).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android