0 / 0
62,52216/09/2014

ما حكم تأجير العقار لمن يفعل فيه المنكرات ؟

السؤال: 221522

اشتريت عقاراً بغية تأجيره ، ولأني خارج البلد طلبت من وكيلي أن يجد مستأجراً جيداً ، فقال إنه وجد مديراً في إحدى الشركات الكبيرة وأرسل لي أوراقه فوافقت على تأجير العقار له ، وعندما عدت إلى الوطن اكتشفت أن العقار قد تم تأجيره لشخص أحاله إلى بيت دعارة ، فطلبت منه المغادرة في الحال . سؤال هو : هل الإيجار الذي استلمته حتى الآن حرام ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

تأجير العقار لمن يفعل فيه المنكرات له ثلاث صور :
الأولى :
أن يؤجر العقار لغرض استعماله في الحرام ، بحيث تكون المنفعة المحرمة هي محل العقد ، كتأجير الشقة لمن يتخذها وكراً للدعارة ، أو تأجير المحل لمن يتخذه خمارة أو مرقصاً ، ونحو ذلك .
فهذا العقد باطل ، والأجرة التي يقبضها منه محرمة ، ويجب عليه التخلص منها بصرفها في وجوه الخير المختلفة .
وفي " الموسوعة الفقهية " (8/228) : " فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِجَارَةُ الْبَيْتِ لِغَرَضٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ ، كَأَنْ يَتَّخِذَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مَكَانًا لِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ لَعِبِ الْقِمَارِ ، أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهُ كَنِيسَةً أَوْ مَعْبَدًا وَثَنِيًّا .
وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ أَخْذُ الأْجْرَةِ كَمَا يَحْرُمُ إِعْطَاؤُهَا ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ " انتهى .

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (152481) .

الثانية :
أن يؤجر العقار لمن يستعمله في منفعة مباحة كالسكنى ، والبيع والشراء ، ومزاولة حرفة مباحة ، ونحو ذلك .
فهذا العقد صحيح ولا غبار عليه ، وارتكاب المستأجر شيئاً من المنكرات أثناء استيفاءه للمنفعة المباحة ، لا يؤثر على صحة العقد ، ولا يجعل الأجرة المستوفاة منه محرمة .

قال السرخسي رحمه الله : " ولا بأس بأن يؤاجر المسلم دارا من الذمي ليسكنها ، فإن شرب فيها الخمر ، أو عبد فيها الصليب ، أو أدخل فيها الخنازير : لم يلحق المسلم إثم في شيء من ذلك ، لأنه لم يؤاجرها لذلك ، والمعصية في فعل المستأجر ، وفعله دون قصد رب الدار ؛ فلا إثم على رب الدار في ذلك " انتهى من " المبسوط " (16/39) .

وفي سؤال موجه للهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي : نرجو إفتاءنا في حكم تأجير محل لغرض حلال ثم يخلطه المستأجر بالغرض الحرام ؟

فكان الجواب : " في الإجارة : يعتبر القصد الأساسي من النشاط المستخدم له محل الإجارة ، وهو هنا التجارة بالسلع المباحة ، وعليه تكون الإجارة للمحل جائزة ، وتكون المسئولية في إضافة المبيعات المحرمة على صاحبها ، مع السعي لاتخاذ الوسائل والاشتراطات التي تُؤمن بها هذا في المستقبل ، عندما تتوافر المقدرة لإملاء هذه الشروط .
وهذا يختلف عن إيجار محلٍّ ليستخدم على وجه الخصوص لبيع الخمر ، أو لحم الخنزير " انتهى من " فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي فتوى رقم (86) " .
وقد سبق نقل كلام أهل العلم في تقرير هذا في جواب السؤال رقم : (98555) ، وجواب السؤال رقم : (114010) .

الثالثة :
أن يؤجره العقار لمنفعة مباحة ، ثم يقوم المستأجر بتغيير الاتفاق ، واستغلال العقار في منفعة محرمة دون علم المؤجر .
ففي هذه الحال : لا حرج على صاحب العقار من قبض الأجرة عما مضى من المدة قبل علمه بحقيقة الأمر .
ويتوجب عليه منذ علمه بحقيقة الحال : فسخ العقد ، وإخراجه من العقار .

قال الشيخ عطية صقر رحمه الله : " لا يخلو حال المؤجر من أمرين :
إما أن يكون عالما بارتكاب المستأجر للمحرم ، كأن شرط في العقد أن الإجارة لهذا العمل ، أو لم يشترط ، ولكن يَعرف أن المحرم سيرتكب فيه .
وإما ألا يكون عالما بذلك .
وفى الحالة الثانية : الإجارة صحيحة ، والأجرة مستحقة وحلال ، باتفاق الأئمة .
وفى الحالة الأولى : قال الأئمة الثلاثة ووافقهم أبو يوسف ومحمد من أصحاب أبي حنيفة : بطلت الإجارة ؛ لأنها وقعت على معصية " انتهى من " فتاوى دار الإفتاء المصرية " (9/ 374 ) – بترقيم الشاملة – .

وعليه :
بما أنك أجرت هذا الرجل العقار للسكنى ، فالأجرة التي حصلت عليها مباحة ، واستعماله للشقة في الدعارة لا يجعل الأجرة محرمة ؛ لأنك لم تؤجره العقار للقيام بهذا المنكر ، ولم تكن تعلم به .
وقد أحسنت بإخراجه من السكن فور علمك بالأمر .

ونسأل الله أن يبارك لك في مالك ، وأن يرزقك الحلال الطيب .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android