0 / 0

تزوجت دون أن توثق العقد وتسأل عن حكم الطلاق بسبب أن الدولة لا تعترف بالنكاح دون توثيق

السؤال: 217698

ما هو حكم الطلاق بين شخصين مش من نفس الجنسية ، هل هو حرام أو حلال ، بعد ما صار تحسس وجماع ؟
والسبب عدم اعتراف الدولة بالعقد ، لعدم إدراجه بعد .
وهل يعتبر عقد الكتاب باطل أو صحيح ؟ مع العلم أنه في محكمة ، وعند شيخ ، وبوجود شهود .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
عقد النكاح إذا تم مستوفيا أركانه ، من وجود الزوجين الخاليين من موانع النكاح , ووجود الإيجاب من ولي المرأة أو وكيله ، والقبول من الزوج أو وكيله , ثم استوفى أيضا شروط صحته من تعيين الزوجين بإشارة أو تسمية , ورضاهما , ووجود شاهدي العدل : فقد تم حينئذ النكاح ، وصارت المرأة زوجا شرعيا للرجل , ولو لم يحدث توثيق للعقد في المؤسسات الرسمية في الدولة .
وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم : (2127) .
لكن لا يصح أن يُهمل هذا التوثيق ، فبدونه تضيع الحقوق , وتحصل التهمة والريبة , ويسهل التدليس والخداع , خصوصا مع ضعف الدين ، وفساد الذمم والضمائر عند كثير من الناس .
فالتوثيق إذن ليس شرطا في صحة العقد ، وإنما هو لحفظ الحقوق وقطع النزاع .
ويراجع حكم توثيق العقد في هذه الأزمان في الفتوى رقم : (129851) .

وأنتِ – أيتها السائلة – قد ذكرت أن العقد قد تم بشهادة الشهود , فإن كان قد عقده وليُّك ، فهو عقدٌ صحيح , وإن كنتِ أنتِ من باشر العقد دون الولي ، فهذا العقد غير صحيح على مذهب جماهير أهل العلم ، فيحتاج إلى تجديده عن طريق الولي .

وعلى كلٍ ، فلا ينبغي أن تفارقي زوجك بسبب أن العقد لم يوثق ، بل الواجب عليكما أن تحفظا عقد الزواج الذي تم على وجه الصحة ، مع السعي في توثيقه بعد ذلك في الجهات الرسمية .
ويمكنكما – أيضا – أن تشرعا في إجراءات توثيقه , بعد تجديده إن كان قد تم دون ولي.

ثانيا :
أما بخصوص حكم الطلاق – في حال كان النكاح صحيحا – فبالنسبة للمرأة : لا يجوز لها طلب الطلاق من زوجها دون سبب معتبر شرعا ، كنقص دينه , وسوء خلقه , وظلمه لها , فإن طلبت الطلاق من غير سبب معتبر شرعا ، فقد أساءت وعرَّضت نفسها للوعيد الشديد , فقد أخرج الترمذي (1187)، وأبو داود (2226)، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ) والحديث صححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وقوله : ” من غير بأس ” أي : من غير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة .

أما بالنسبة للرجل : فإن الطلاق في حقه له خمس حالات ، كل حالة لها حكم خاص بها , وقد سبق بيانها في الفتوى رقم  : (146949) .
وبينا في الفتوى المذكورة : أن الأصل في الطلاق الحظر , كما قال العلَّامة ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى (32 / 293): ” الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ الْحَظْرُ؛ وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَاجَةِ .. ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – : ” والأصل في الطلاق أنه مكروه ، ولو قيل الأصل أنه محرم لم يبعد ، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى في الذين يُؤْلُون من نسائهم ، قال : ( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ) وختم الآية بهذين الاسمين ( سميع عليم ) إذا عزموا الطلاق يُشعر بأن الله جل وعلا لا يحب هذا ، لأن الفيئة ـ وهي الرجوع ـ للمرأة بعد أن حلف أن لا يُجامعها ـ قال فيها : ( فإن الله غفور رحيم ) ، وهذا واضح في أن الله تعالى يحب أن يرجع هذا الذي آلى ، وأما من عزم الطلاق فإنه يُشعر بأن الله تعالى يكره ذلك لقوله : ( فإن الله سميع عليم ) ، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) وهذا الحديث ليس بصحيح ، لكن معناه صحيح ، أن الله يكره الطلاق ، ولكنه لم يحرّمه على عباده للتوسعة لهم ، فإذا كان هناك سبب شرعي أو عادي للطلاق صار ذلك جائزاً ، وعلى حسب ما يؤدي إليه إبقاء المرأة ، إن كان بقاؤها يؤدي إلى محذور شرعي لا يتمكن رفعه إلا بعد طلاقها ، فإنه يطلقها كما لو كانت المرأة ناقصة الدين ، أو ناقصة العفة ، وعجز عن إصلاحها ، فهاهنا نقول : الأفضل أن تطلق ، أما بدون سبب شرعي أو سبب عادي ، فإن الأفضل ألا يُطلق بل إن الطلاق حينئذٍ مكروه” انتهى من ” أسئلة الباب المفتوح لابن عثيمين ” ص/113 , ويراجع في ذلك الفتوى رقم : (12902) .

ثالثا :
إذا كان هذا العقد قد تم دون ولي ، واحتاج الزوجان إلى الفراق ، فإن الزوج يطلقها أيضا , وإن حَكَمْنا بعدم صحة النكاح , لأنهما ( الزوجان ) يعتقدان صحتَه , وقد نص أهل العلم على إيقاع الطلاق عند الفراق فيما هو أوضح وأبين من هذا في الفساد , كالنكاح بغير ولي ولا شهود , جاء في ” مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى ” (5 / 129) : ” وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ ، وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ ، كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ ؛ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ” انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ” الفتاوى الكبرى لابن تيمية ” (3 / 84) : ” وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ، إذَا اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ ” انتهى .

رابعا :
الذي ننصح به في هذه الحالة عدم إيقاع الطلاق , والأخذ بالأسباب اللازمة لتوثيق العقد في مؤسسات الدولة , فإن تعذر توثيقه ، وكان الزواج في هذه الحالة يمثل عبئا على الزوجين ، ويحول دون تحقيق مصالحهما كزوجين , فلا حرج حينئذ في إيقاع الطلاق .

خامسا :
لا تأثير لاختلاف الجنسية في أمر النكاح والطلاق , فما دام النكاح قد وُجِد , فمن أحكامه إمكانية حصول الطلاق ، سواء اختلف الزوجان في الجنسية أو اتفقا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android