0 / 0

ما حكم القيام بأعمال البستنة في مقابر الكفار؟.

السؤال: 216095

أنا شاب من فنلندا ، وقد أسلمت قبل سنة ، وأعيش مع عائلتي غير المسلمة ، وأريد أن أعلم ما حكم العمل في مقبرة للنصارى ؟ مع العلم أنّ طبيعة العمل لا علاقة لها بالطقوس والشعائر النصرانية وعملية الدفن وحفر القبور بل تقتصر على أعمال البستنة مثل الاعتناء بالحديقة والنباتات وتنظيف الطريق ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز لك القيام بأعمال البستنة في مقابر الكفار ، وذلك لسببين :
الأول :
أن زراعة المقابر بالنباتات والزهور وتشجيرها : عمل غير مشروع ، فلو كان هذا العمل في مقابر المسلمين لما كان مشروعاً ، فكيف بغيرهم ؟!
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ : " أما تشجير المقبرة فهو لا يجوز ، وفيه تشبه بعمل النصارى الذين يجعلون مقابرهم أشبه ما تكون بالحدائق ، فيجب إزالتها وإزالة صنابير الماء التي وضعت لسقيها " .
انتهى من " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم " (3/200) .
وقال الشيخ علي محفوظ – من علماء الأزهر – : " لا يجوز بناء الحيشان والمساكن واتخاذ البساتين ، وإجراء المياه في المقابر ، وكل ذلك بدع سيئة واغتصاب لحقوق المسلمين ، وفيه من المفاسد ما لا يغيب عن بصير" .
انتهى من " الإبداع في مضار الابتداع " (ص181) .
وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بتحريم زراعة المقابر ، ومما جاء فيه : " فإن المجلس يقرر بالإجماع : تحريم التعرض للمقابر ، لا بتشجيرها ، ولا بإنارتها ، ولا بأي شيء من أنواع التجميل ؛ للإبقاء على ما كان عليه السلف الصالح ، ولتكون المقابر مصدر عظة وعبرة " .
انتهى نقلا من " نيل المآرب " للشيخ البسام (1/512).
وينظر جواب السؤال رقم : (14370) .

 

الثاني :
أن الكفار يعذبون في قبورهم ، ونحن منهيون شرعاً عن البقاء في أماكن العذاب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ) رواه البخاري (433) ، ومسلم (2980) .
فالواجب عند المرور بقبورهم البكاء والخوف وإظهار الافتقار إلى الله .
وقد ترجم الإمام النووي للحديث السابق بقوله : " باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى والتحذير من الغفلة عن ذلك " انتهى من "رياض الصالحين " (ص: 297) .
وقال القرطبي : " وَعَلَيْهَا حَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ دُخُولَ مَقَابِرِ الْكُفَّارِ ، فَإِنْ دَخَلَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَالْمَقَابِرِ فَعَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الِاعْتِبَارِ وَالْخَوْفِ وَالْإِسْرَاعِ " انتهى من " تفسير القرطبي" (10/46) .
وقال ابن رجب الحنبلي : " هذا الحديث نص في المنع من الدخول على مواضع العذاب ، إلا على أكمل حالات الخشوع والاعتبار ، وهو البكاء من خشية الله وخوف عقابه الذي نزل بمن كان في تلك البقعة ، وأن الدخول على غير هذا الوجه يخشى منه إصابة العذاب الذي أصابهم …
وهذا يدل على أنه لا يجوز السكنى بمثل هذه الأرض ، ولا الإقامة بها ، وقد صرح بذلك طائفة من العلماء ، منهم : الخطابي وغيره ، ونص عليه أحمد " .
انتهى من " فتح الباري " (3/237) .
وقال السفاريني : " وفي الحديث الحث على مجانبة محال غضب الله وسخطه ، والمباعدة عن قبور الظلمة وديارهم ومصارعهم مع الغفلة عما أصابهم من عقاب الله وعذابه " انتهى من " شرح ثلاثيات المسند " (1/51).
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى –: " من مر بديار المغضوب عليهم والمعذبين لم ينبغ له أن يدخلها ، ولا يقيم بها ، بل يُسرع السير ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً .
ومن هذا : إسراع النبي صلى الله عليه وسلم السير في وادي محسر بين منى وعرفة ، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه " انتهى من "زاد المعاد" (3/488) .

 

والحاصل :
أن القيام بأعمال البستنة في مقابر الكفار من الأعمال المحرمة التي لا يجوز للمسلم القيام بها ، والواجب البحث عن عمل آخر مباح .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android