0 / 0
74,18531/01/2015

أصيبت بالشيب المبكر فهل لها أن تصبغ الشيب بالسواد ؟

السؤال: 202884

أنا شابة وأعاني من بياض شديد في الشعر ، وأشعر بضغط شديد أنني لو تزوجت ، فإن زوجي سوف يضحك علي ، وأنني صغيرة على أن يكون في شعري بياض ؛ فهل يجوز لي تلوينه بالسواد ؟ ، لأنني لا أخدع بسن غير سني ، وهل يوجد دعاء للشعر حتى يتوقف عن البياض ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
جاءت السُنّة آمرة بصبغ الشيب .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (‏ إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ ، فَخَالِفُوهُمْ ‏)‏ رواه البخاري (5899 ) .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : " أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (غَيِّرُوا هَذَا بشيء ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ ) "‏رواه مسلم ( 2102 ) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" أما الثَّغَامَة … قال أبو عبيد : هو نبت أبيض الزهر والثمر ، شبه بياض الشيب به ، وقال ابن الأعرابي: شجرة تبيض كأنها الملح .
وأما أَبُو قُحَافَةَ … واسمه عثمان ، فهو والد أبي بكر الصديق ، أسلم يوم فتح مكة ".
انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 14 / 79 – 80 ) .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
" ويستحبّ خِضاب الشّيب بغير السّواد ، قال أحمد : إنّي لأرى الشّيخ المخضوب فأفرح به . وذَاكَر رجلا ، فقال: لِمَ لا تختضب ؟ فقال: أستحي . قَال: سبحان اللّه ، سنّة رسول اللّه – صلّى اللّه عليه وسلّم – ! " انتهى من " المغني " ( 1 / 125 ) ، وينظر : " كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني " (4 / 334 ) .
وقال النووي رحمه الله تعالى :
" ومذهبنا – أي الشافعي – استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة " .
انتهى من "شرح صحيح مسلم" ( 14 / 80 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 2 / 281 ) :
" اتفق الفقهاء على أن تغيير الشيب بالحناء أو نحوه : مستحب للمرأة ، كما هو مستحب للرجل " انتهى.

ثانيا :
يستحب تغيير الشيب بغير اللون الأسود ، أما التغيير بالسواد فأكثر العلماء على النهي عنه ؛ لورد النهي عن ذلك في السُّنة .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : " أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (غَيِّرُوا هَذَا بشيء ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ ) رواه مسلم ( 2102 ) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ ، كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ) رواه أبو داود (4212 ) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " (4212 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وإسناده قوي ، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه ، وعلى تقدير ترجيح وقفه ، فمثله لا يقال بالرأي ، فحكمه الرفع " انتهى من " فتح الباري " ( 6 / 499 ) .
وفي " عون المعبود شرح سنن أبي داود " ( 11 / 266 ) :
" ( يَخْضِبُونَ ) : أي يغيرون الشعر الأبيض من الشيب الواقع في الرأس واللحية ( بِالسَّوَادِ) : أي باللون الأسود ( كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ ) : أي كصدورها فإنها سود غالبا وأصل الحوصلة المعدة والمراد هنا صدره الأسود " انتهى .

 

وقد اختلفوا في الصبغ بالسواد : هل هو مكروه أو محرّم ؟
فأكثر العلماء على أنه مكروه .
ففي " عون المعبود شرح سنن أبي داود " ( 11 / 266 ) :
" قال ميرك : ذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضاب بالسواد " انتهى .
وفي " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 2 / 280 ) :
" اختلف الفقهاء في حكم الاختضاب بالسّواد: فالحنابلة والمالكيّة والحنفيّة – ما عدا أبا يوسف – يقولون: بكراهة الاختضاب بالسّواد في غير الحرب " انتهى .

وذهب جماعة من العلماء إلى تحريم تلوين الشيب بالسّواد ، وممن صرّح بذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى .
قال في " المجموع " ( 1 / 345 ) :
" اتّفقوا على ذمّ خِضاب الرّأس أو اللّحية بالسّواد ، ثمّ قال الغَزالي في الإحياء والْبَغَوِيّ في التّهذيب وآخرون من الأصحاب : هو مكروه ، وظاهر عباراتهم أنّه كراهة تنزيه ، والصّحيح ، بل الصّواب : أنّه حرام " انتهى .
وممن ذهب إلى التحريم من المعاصرين ؛ الشيخ ابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين رحمهم الله تعالى .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " لا يجوز للمرأة ولا غيرها تغيير الشيب بالصبغ الأسود ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: غيروا هذا الشيب ، واجتنبوا السواد خرجه مسلم في صحيحه . أما تغييره بغير السواد فلا بأس ، أو بالحناء والكتم مخلوطين ، فلا بأس إذا خرج اللون ليس بأسود ، بل بين السواد والحمرة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (10/53) .

وسئل أيضا : عن حكم استخدام بعض المعاجين ، لامرأة شعرها أسود ، لكن يوجد من بينه شعيرات بيضاء نبتت ، ليس لكبر في السن .. ؟
فأجاب رحمه الله : " لا حرج في استعمال المعجون المذكور لتنعيم الشعر ، إذا كانت المرأة المستعملة لذلك ليس فيها شيب، أما مع الشيب فلا يجوز استعمال ما يجعل الشيب أسود .." .

بل إنّ الشيخ ابن عثيمين أشار إلى أنّ الصبغ بالسواد من كبائر الذنوب .
قال رحمه الله تعالى :
" فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بتغيير الشيب ، وأمر بتجنيبه السواد ، وتوعد من يخضبون لحاهم بالسواد بأنهم لا يريحون رائحة الجنة ، وهذا يدل على أن الصبغ بالسواد من كبائر الذنوب ، فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل ، وأن يتجنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليكون ممن أطاع الله ورسوله ، وقد قال تعالى: ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) . وقال: ( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) . ولا فرق بين الرجال والنساء في هذا الحكم فهو عام " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (11/121) .
وقد سبقه إلى نحو من هذا : ابن حجر الهيتمي في كتابه " الزواجر عن اقتراف الكبائر " ( 1/ 165 ) حيث قال :
" ( الكبيرة الحادية عشرة بعد المائة خضب نحو اللّحية بالسّواد لغير غرض نحو جهاد ) .
أخرج أبو داود والنّسائيّ وابن حبّان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد ، وزعم ضعفه ليس في محلّه ، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : ( يكون قوم يخضّبون في آخر الزّمان بالسّواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنّة ) .
تنبيه : عدّ هذا من الكبائر هو ظاهر ما في هذا الحديث الصّحيح من هذا الوعيد الشّديد ، وإن لم أر من عدّه منها " انتهى.

وينبغي أن ننتبه إلى أنه حتى على القول بالكراهة ، عند من يقول به من أهل العلم ، فإن ذلك خاص بالحالة التي لا يقصد فيها من التلوين بالأسود : التدليس والغش ، أما إذا كان المقصود من التلوين بالأسود التدليس والغش ، فقد نصوا على تحريم ذلك .
في " حاشية العدوي " في الفقه المالكي ( 4 / 333 ) :
" ( أما في البيع فيحرم ) أي : لأنه تدليس … كما لو باع عبدا وسوّد لحيته للونها الأبيض ، وكذا مريد نكاح امرأة فيصبغ شعر لحيته الأبيض .
والحاصل : كما يفيده زروق عن بعضهم : أنه إذا كان للتغرير : حَرُم … " انتهى.
وفي كتاب " مطالب أولي النهى " من كتب المذهب الحنبلي ( 1 / 89 ) : " وكره ( تغييره ) أي : الشيب ( بسواد ) في غير حرب ، ( وحرُم ) لتدليس " انتهى .

ومصلحة تغيير اللون الأبيض ، أو التزيين للزوج ، التي يراد تحصيلها من اللون الأسود ، يمكن تحصيلها بالصبغ بغير ذلك من الألوان المتاحة ، والمسموح بها ، وهي كثيرة ، ملائمة .

ومما سبق يتبين أن الخاطب ينبغي أن يقف على حقيقة الأمر ، من قبل الزواج ، بعدا عن غشه والتدليس عليه ، حتى يدخل على بينة ؛ ومثل هذه الأمور لا تخفى عادة ، فإذا اطلع عليها الزوج بعد ذلك ، فسوف تتضاعف آثارها السلبية ، وربما أدت إلى النفرة ، ووقوع الفرقة بين الزوجين .

ثالثا :
لا نعلم دعاء خاصا بوقف ظهور الشيب ، لكن بإمكانك أن تدعي الله عز وجل بما شئت من خير الدنيا والآخرة ، ومنه ما تسألين عنه ؛ فعن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهُ ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ) الترمذي ( 3381 )، وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " (3381 ) .
مع أنه يشرع لك أيضا أن تعرضي نفسك على طبيب أخصائي ، فربما كان هناك خلل في الهرمونات ، يسبب ذلك ، ويمكن علاجه ، أو التحكم فيه طبيا .

رابعا :
وأما عن معاناتك ، وتألمك بسبب ذلك ؛ فالواجب على العبد المؤمن أن يصبر على قدر الله وقضائه له ، ويعلم أن ما أصاب المؤمن فهو خير له ، وأنه لا أشرح للصدر ، ولا أنفع للعبد من الرضا بقضاء الله وقدره ، ثم اعلمي أنك لست الوحيدة التي شاب شعرها مبكرا فمثلك كثيرات ، بل انظري إلى من حولك من الصغار والكبار الذين ابتلوا بمرض مزمن ، أو حادث ، أو نحو ذلك من البلايا التي شغلتهم عن أمر عيشهم ؛ فاحمدي الله على العافية ، واسأليه من فضله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android