0 / 0
35,37208/12/2013

هل الحسن البصري من الصوفية ؟

السؤال: 201911

ما مفهوم تصوف الزهد ?
وهل ينسب الحسن البصري رحمه الله للصوفية؟
والفرق بين تصوف الزهد والتصوف الفلسفي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ينبغي أن يعلم أن لفظ التصوُّف من الألفاظ الحادثة في الإسلام ، إذ لم يكن معروفًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عهد أصحابه ، بل ولم يشتهر ذكره في القرون المفضلة الثلاثة الأولى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” أَمَّا لَفْظُ (الصُّوفِيَّةِ) فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ ؛ وَإِنَّمَا اُشْتُهِرَ التَّكَلُّمُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَقَدْ نُقِلَ التَّكَلُّمُ بِهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالشُّيُوخِ ؛ كَالْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ، وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (11/ 5).

وعلى هذا؛ فنسبة الحسن البصري إلى التصوُّف بالمعنى الاصطلاحي الذي عُرِفَ عند المتأخرين ؛ هي نسبة غير صحيحة ؛ فإنَّ التصوف بالمعنى المفهوم لم يكن قد نشأ في وقت الحسن البصري .

ثانيًا:
تصوُّف الزُّهد الذي يُروى في كتب الصُّوفيَّة ، أو كتب الرقائق ، عن الحسن البصري أو غيره من السلف والأئمة ، ممن لهم لسان صدق في الأمة ، المقصود به:
العناية بباب الأخلاق والزهد والرقائق ، وما أشبه ذلك ، بحيث يكثر الإشارة إلى ذلك ، بل والعبارة عنه ، في أقوالهم ، ومأثورات أخبارهم وأحوالهم . وقد نُقِلَ في ذلك عن الحسن البصري الشيء الكثير الطيب النافع ، وهذا سرُّ وجود بعض أقواله في كتب الصُّوفيَّة.

والتصوُّف بهذا المعنى هو من دين الإسلام ، وهو أمر حسن مطلوب ، كما هو ظاهر.

ثالثًا:
التصوُّف الفلسفي هو المآل الذي انتهى إليه تطور خطوات الإحداث والابتداع في المفاهيم والتصورات التي دخلت إلى طريق التصوف ، وواكبت التطور والإحداث المسلكي ؛ فحاصل انحراف طريق التصوف ، عن الطريق السلفي الأول : إحداث مسالك تعبدية مبتدعة ، خارجة عن السنن الأول ، وما كان عليه السلف الصالح .
والثاني : إدخال مسائل علمية ، وتصورات ومفاهيم ، هي مسالك علمية مبتدعة ، نشأت من جراء اتصال الحركة العلمية بالفلسفات اليونانية والوثنية بصفة عامة ، ومذاهب الباطنية والغنوصية .
فقد بدأ التصوُّف كـ”حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري ، كنزعاتٍ فردية ، تدعو إلى الزُّهد وشدة العبادة كردِّ فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري ، ثم تطوَّرت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرق مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخّى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة ، لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية!! ولذا جنحوا في المسار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية والفارسية واليونانية المختلفة ” .
انتهى من ” الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة “(1/ 249).

وهذا التصوُّف الفلسفي يتفاوت في بعده عن السنة بقدر ما يحصل فيه من العقائد والسلوكيات المخالفات للكتاب والسنة ، ومنهج الصحابة والسلف في الزهد والتقلل من الدنيا ، حتى يصل الأمر ببعض فرق الصوفية إلى ارتكاب نواقض مخالفة لأصل الديانة وصحيح الاعتقاد .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” والشيوخ الأكابر الذين ذكرهم أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية ، وأبو القاسم القشيري في الرسالة : كانوا على مذهب أهل السنة والجماعة ، ومذهب أهل الحديث ، كالفضيل بن عياض والجنيد بن محمد وسهل بن عبد الله التستري وعمرو بن عثمان المكي وأبي عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي وغيرهم ، وكلامهم موجود في السنة ، وصنفوا فيها الكتب .
لكن بعض المتأخرين منهم كان على طريقة بعض أهل الكلام في بعض فروع العقائد ، ولم يكن فيهم أحد على مذهب الفلاسفة .
وإنما ظهر التفلسف في المتصوفة المتأخرين ، فصارت المتصوفة : تارة على طريقة صوفية أهل الحديث ، وهم خيارهم وأعلامهم . وتارة على اعتقاد صوفية أهل الكلام ، فهؤلاء دونهم . وتارة على اعتقاد صوفية الفلاسفة ، كهؤلاء الملاحدة ” انتهى من “الصفدية” (1/267) .

وللاستزادة يمكن مراجعة السؤال رقم : ( 4983) و ( 166464) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android