0 / 0

فعلت الفاحشة ثم تابت : فهل إذا تزوجها يكون له أجر من ستر مسلما ؟

السؤال: 201879

أنا شاب من شباب المسلمين أنعم الله عليه بالالتزام والحفظ من الوقوع في الزنا – والحمد لله لأنه حفظني فهو الحافظ وحده – فالحمد لله الذي هداني لهذا وماكنت لأهتدي لولا أن هداني الله . أعجبتني بنت أحد الأقارب ، وسعيت للزواج منها ، فهي كثيرة الصلاة ودوماً مسبحتها في يدها كما أخبرتني أمي وأخواتي ، فسألتها بيني وبينها فقط في الهاتف إن كانت أخطأت في حياتها من قبل فقالت لا لم تخطئ ، وعندما حلفتها بالله أخبرتني بأنها زنت من قبل مرةُ واحدة زنا تام مع زميل لها كانت تحبه في الجامعة ، وندمت علي ذلك أشد الندم وتابت . قبل أن تخبرني لم تكن محجبة فأخبرتها بفضل الحجاب وطلبت منها أن تتحجب فتحجبت بفضل الله ، وأخبرتها أن الله يحب أن يراها متنقبة ، وأنا أيضاً ، فأخبرتني أنها أيضاً تتمني النقاب ؛ لأنها بفضل الله وجدت نفسها مرتاحة جداً في اللبس المحتشم ، وقالت لي إذا أنا مقدمُ للزاج منها فلا مانع لديها بأن الشيلة أي الملبس كلها تكون نقابات .

الأن بعد أن أخبرتني بزناها ، أخبرتني أيضاً أنها تابت توبة نصوحة لله ، وتتمني مني أن أتزوجها لأنني أعينها علي طاعة الله والقرب منه . ســــــــــــؤالي هو :

إذا تزوجتها هل لي أجر بمفهوم الستر ؟ أم إذا لم أخبر أحداً ولن أخبر فهذا هو الستر ؟

أنا لا أريد شئ من هذه الدنيا ، فقط هل لي أجر عند الله إذا تزوجتها ؟

وهل هذا هو مفهوم الستر في حديث ) من ستر مسلمُ في الدنيا ستره الله يوم القيامة ) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا شك أن ستر المسلم الذي غلبته نفسه فوقع في المعصية ، فلم يجاهر بها ، وإنما بادر بالتوبة وأقبل عليها : من فضائل الأعمال ومحاسنها التي جاءت الشريعة بالحث عليها والترغيب فيها .
روى مسلم (2699) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
قال النووي رحمه الله :
" السَّتْر الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا : الْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات وَنَحْوهمْ ، مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد ، فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ , بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيّ الْأَمْر ، إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة ; لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء وَالْفَسَاد , وَانْتَهَاك الْحُرُمَات , وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله .
هَذَا كُلّه فِي سَتْر مَعْصِيَة وَقَعَتْ وَانْقَضَتْ , وَأَمَّا مَعْصِيَة رَآهُ عَلَيْهَا , وَهُوَ بَعْد مُتَلَبِّس بِهَا , فَتَجِب الْمُبَادَرَة بِإِنْكَارِهَا عَلَيْهِ , وَمَنْعه مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ , وَلَا يَحِلّ تَأْخِيرهَا ، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعهَا إِلَى وَلِيّ الْأَمْر إِذَا لَمْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَة " انتهى .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" من عمل ذنباً كالزنا، وشرب الخمر، وأخفى ذلك ، فالأولى نصحه وتحذيره ، فإن علم منه الندم والتوبة ، والصدق في ذلك ، فعليك الستر عليه ، فإن علم منه الكذب والتمادي في هذا الجزم ، سيما إذا كان ضرره متعدياً فلا يجوز الستر عليه " .
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (10/ 11) بترقيم الشاملة .
ثانيا :
كل ما كان في معنى الستر على المسلم المستتر ، التائب من ذنبه ، غير المجاهر : من كتمان أمره عن الناس ، والذب عنه في غيبته ، والثناء عليه في المجالس ، وإحاطته بالنصح ، وحثه على فعل الصالحات ، وتصحيح التوبة وتجديدها : داخل في معنى الستر الوارد في الحديث المتقدم وما في معناه .

ولا شك أن زواجك بقريبتك – حيث تابت وأحسنت – تبتغي بذلك سترها وإعفافها: داخل في معنى الستر الوارد في الحديث ، وزواجك بها يستتبع ما هو دون ذلك من معاني الستر المندوب إليها ، وزيادة على ذلك : إعالتها ، وكفايتها ، والقيام على أمرها ، وإعفافها ، وقطع داعية النفوس عن التطلع إلى الحرام .

سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
أنا شاب تزوجت بامرأة ، ولما دخلت بها لم أجدها بكرا ، فظلت تبكي بعدها، وسردت لي كثيراً من الحكايات عن هذا الموضوع التي تبرر فعلتها، فأخذت على نفسي عهداً أن أسترها أبغي الأجر والثواب من الله ، ولكن الآن أنا في حيرة من أمري .
هل ستلتزم بعد ما سترها الله ، أم تتمادى في أفعالها ؟
وهل هي صادقة معي أم لا ؟
وهل إذا طلقتها أكون قد ظلمتها ؟ وهل أخبر أهلها ؟
فأجاب :
" لك أن تسترها إذا رأيت أن كلامها مقنع ، وأنها ستكف عن فعلها، ولا تعود إلى فعل الفاحشة، وأن سترها فيه خير، فمن ستر مسلماً ستره الله ، ولعلك في إمساكها تعفها عن الحرام ، وتقوم بحاجتها، وتكون لك زوجة صالحة ، فإن ظهر لك أنها غير عفيفة ، ورأيت منها التطلع إلى الرجال ، والاتصالات المشبوهة ، والمكالمات والمعاكسات ، فالطلاق والفراق أولى بك ، حفاظاً على فراشك " .
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (23/ 29) بترقيم الشاملة .

ويراجع جواب السؤال رقم :(118538) ، (117567) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android