0 / 0
18,73005/08/2013

حكم الصفير بالنسبة للنساء .

السؤال: 200092

سمعت أن الصفير للنساء حرام ؛ لأنه يعكس جانباً سيئاً عن الفتاة أو ما شابه ذلك ، وسمعت أيضا أن الجلوس وتشبيك الساقين علامة على الغرور، وأن تحريك الساقين أو القدمين أثناء الجلوس ليس جيداً ؛ لأنه ينزع البركة من البيت .
فما صحة كل هذه الأقوال ، وهل عليها دليل من السنة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ينبغي أن يعلم قبل النظر في هذه الجزئيات : أن الأصل في العبادات هو المنع والحظر ؛ فلا يعبد الله إلا بما شرع في كتابه ، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
وأن الأصل في العادات الإباحة ، فلا يمنع من فعل اعتاده الناس ، في الأمور العادية ، إلا بدليل من الشرع يمنع ذلك ، وما لم نجد هذا الدليل : فلا يمنع من ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَالْعَادَاتُ الْأَصْلُ فِيهَا الْعَفْوُ ؛ فَلَا يَحْظُرُ مِنْهَا إلَّا مَا حَرَّمَهُ وَإِلَّا دَخَلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا ) وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ شَرَعُوا مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، وَحَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/ 17) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الفرق بين العادة والعبادة :
أن العبادة : ما أمر الله به ورسوله تقرباً إلى الله ، وابتغاءً لثوابه .
وأما العادة : فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب ، والمساكن والملابس ، والمراكب والمعاملات ، وما أشبهها .
وهناك فرق آخر : وهو أن العبادات : الأصل فيها المنع والتحريم ، حتى يقوم دليل على أنها من العبادات ، لقول الله تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله ) [الشورى:21] ، أما العادات : فالأصل فيها الحل ، إلا ما قام الدليل على منعه ، وعلى هذا فإذا اعتاد الناس شيئاً وقال لهم بعض الناس : هذا حرام ، فإنه يطالب بالدليل ، يقال : أين الدليل على أنه حرام ؟ وأما العبادات فإذا قيل للإنسان : هذه العبادة بدعة ، فقال : ليست ببدعة ، قلنا له : أين الدليل على أنها ليست ببدعة ؛ لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” (72 / 2) .

ثانيا :
تقدم في إجابة السؤال رقم : (115403) الكلام على الصفير ، وذكر اختلاف العلماء في حكمه ، وأن الراجح كراهته ، وهذا في حق الرجال .
وأما في حق النساء فهو أشد كراهة ، ويتجه القول بتحريمه ، لأنه فعل لا يليق بالمرأة ، وفيه تشبه بالرجال ، بل بالسفهاء من الرجال ، ولا يعهد في المرأة المسلمة هذه الخصلة في حال من الأحوال ، فتنهى المسلمة عن هذا الفعل نهيا شديدا ، لا سيما إذا كان ذلك في ملأ وجمع ، ولو من النساء ؛ وأما ملأ الرجال : فلا يخفى ما في ذلك من الفحش والتفحش .

ثالثا :
قول القائل ” الجلوس وتشبيك الساقين علامة على الغرور ” : قول بلا دليل ، والأصل في العادات الإباحة ، وهذه الجلسة من العادات التي لم يرد نهي عنها فتبقى على الأصل .
وقد روى البخاري (6287) ، ومسلم (2100) عن عَبَّاد بْن تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ : ” رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ مُسْتَلْقِيًا وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ” .
وروى ابن أبي شيبة في “مصنفه” عدة آثار عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يستلقون ويجلسون مع وضع إحدى الرجلين على الأخرى ، منهم عمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله ، وابن مسعود ، وبلال ، وأسامة بن زيد ، وعكرمة ، وغيرهم .
ينظر : “المصنف” (5/227-228) .
وروى بسند صحيح (5/ 228) عَنِ الْحَكَمِ قَالَ : ” سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ عَنِ الرَّجُلِ يَجْلِسُ وَيَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى , فَقَالَ: ” لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَرِهَتْهُ الْيَهُودُ ، قَالُوا : إِنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ، ثُمَّ اسْتَوَى يَوْمَ السَّبْتِ , فَجَلَسَ تِلْكَ الْجِلْسَةَ ” .
على أن الواجب أيضا : مراعاة عادات الناس وأعرافهم في مثل ذلك ، وتفاوتها من زمان إلى زمان ، ومن مكان إلى مكان ؛ ويتقى الإنسان ظن السوء ، وقالة السوء على نفسه ، قدر جهده وطاقته .
جاء في “مطالب أولي النهى” (1/ 351) للرحيباني رحمه الله :
” قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ مِنْ عَادَاتِ النَّاسِ ، مُرَاعَاةً لَهُمْ وَتَأْلِيفًا لِقُلُوبِهِمْ ، إلَّا فِي الْحَرَامِ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِفِعْلِهِ ، أَوْ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِ ، فَتَجِبُ مُخَالَفَتُهُمْ ، رَضَوَا بِذَلِكَ أَوْ سَخِطُوا ” انتهى .
وقال الدردير المالكي رحمه الله في ” الشرح الصغير” (ص284) :
” الْمُرُوءَة هِيَ : كَمَالُ النَّفْسِ بِصَوْنِهَا عَمَّا يُوجِبُ ذَمَّهَا عُرْفًا وَلَوْ مُبَاحًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ ” انتهى .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
” الضابط في المروءة : أن لا يفعل ما ينتقده الناس فيه ، لا من قول ولا من فعل ” انتهى من “الشرح الممتع” (11 /108) .
تراجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (129182) .
رابعا :
القول بأن تحريك الساقين أو القدمين أثناء الجلوس ليس جيداً لأنه ينزع البركة من البيت : قول لا دليل عليه أيضا ، والأصل في ذلك الجواز على ما تقدم من التفصيل آنفا .
ومن قال بأن البركة تنزع من البيت بهذا الفعل فقد تقوّل على الشرع وجاء بما لا حجة له عليه .
خامسا :
أما بالنسبة للمرأة إذا جلست فإنها تحتشم وتنضم ، ولا تجلس جلسة – خاصة بحضرة الرجال – تعاب عليها ، وإن كان أصل الجلسة مباحا ، والحشمة في كل شيء من الوقار والحياء .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android