0 / 0
14,19703/05/2013

حكم منع الجدة غير المسلمة من رؤية حفيدتها

السؤال: 192472

ما حكم منع أم زوجي غير الكتابية من قضاء وقت مع ابنتي ?
مع العلم بأنها عاملتنا معاملة سيئة ، كما أنها أعجمية ، تشرب الكحول أحيانا ، وتدخن الحشيش كل يوم ، وأنا قلقة من السماح لها برؤية ابنتي ، مع العلم أن زوجي لا يريد لأمه أن ترى ابنتي أيضا ؛ لعلمه بسوء خلقها >؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الذي نراه وننصح به في مثل هذه الأحوال هو التوسط والاعتدال ، فالقصد مفتاح نجاح العلاقات بين الأفراد والمجتمعات ، وهو أحد أهم وسائل التربية الحديثة ، خاصة في هذا الزمان الذي نعيش فيه انفتاحا كبيرا ، وتقاربا أكثر بسبب وسائل التواصل الاجتماعي ، فلم يعد المنع والحجر مجديا بقدر ما هو التوسط والاعتدال .
ومن أهم طرائق التوسط في هذا الباب هو تقدير سن البنت ومقدار تأثرها بجدتها ، فإذا كانت سنها صغيرة جدا ، رضيعة أو نحو ذلك ، ولا تكاد تتأثر بأخلاق وأطباع من تجالسهم لأوقات يسيرة ، فحينها تكون قطيعة الجدة عن حفيدتها ليست بذات جدوى ، ولن تعود عليكم إلا بمزيد من القطيعة بينكم وبينها ، وليس ذلك محبذا ، خاصة لابنها المطالب ببرها والإحسان إليها .
أما إذا كانت ابنتكم قد بلغت سن التمييز ، وبدأت في التلقي عمن حولها من الناس ، فمن المخاطرة الظاهرة حينها تسليمها لزيارة جدتها ، أو مجالستها الأوقات الطويلة ، من غير رقيب ولا حفيظ ، فقد تراها على حالها من شرب المسكرات أو الحشيشة ، بل قد يدفعها الفضول إلى تقليد جدتها في هذه المنكرات ، أو على الأقل إلى التساؤل عن مقدار المتعة المتحصلة من شرب هذه الأشياء ، فتنبعث في نفسها نوازع المعصية ، وتبقى في صراع بين نصائح والديها وتدينهم ، وبين ما نشأت على استسهاله لدى جدتها ، وحينها ليس بإمكان أحد أن يضمن استقامة الفتاة على طريق الهداية ، ولا يملك أحد كبح جماح الوساوس والخواطر السيئة ، ونخشى أن يتحمل الوالدان قسطا من وزرها ؛ لأن الولد أمانة في عنق والده ، عليه أن يحفظها ويكلأها بحق الأمانة التي كلفه الله إياها . وقد قال بعض الحكماء ” أفضل ما يورِث الآباءُ الأبناءَ ، الثناء الحسن , والأدب النافع , والإخوان الصالحون ” ينظر ” الأدب الصغير والأدب الكبير ” (ص :34 ) .

وفي حال قررتم أن تزور ابنتكم جدتها ، فينبغي أن يكون ذلك بمحضر منك أو من زوجك ، حتى تكونوا آمنين من أي لون من ألوان التأثير على ابنتكم ، وإبعادها عن المكان إذا حصل فيه ضرر أو أذى عليها ، كأن تكون الجدة تدخن بالقرب منها ، أو نحو ذلك .

وجميع ذلك لا يعني – في الوقت نفسه – قطيعة تلك المرأة ، من قبلكم أنتم ، قطيعة تامة ، بل ننصح بالاستمرار في التواصل معها والإحسان إليها ، فالمسلم داعية في جميع أحواله ، ولا ييأس من هداية أحد من البشر ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ : ” يَا رَسُولَ اللهِ ! إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي ، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ، فَقَالَ : ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم (2558) .

وأيضا فإن الأحفاد مطالبون ببر أجدادهم على وجه العموم ، وإن كان الوالدان أولى وأجدر بذلك ؛ لكن لا ينبغي قطيعة الأجداد أيضا ولو كانا كافرين ، بل لهما حق البر والصلة بقدر قرابتهما . لعموم قول الله عز وجل : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/15.

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الجد والجدة لهما بر ، لكنه لا يساوي بر الأم والأب ؛ لأن الجد والجدة لم يحصل لهما ما حصل للأم والأب من التعب والرعاية والملاحظة ، فكان برهما واجباً من باب الصلة ، أما البر فإنه للأم والأب ” انتهى من ” مكارم الأخلاق ” (ص/40) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android