0 / 0
9,11226/11/2012

حكم قول القائل : ” لو كان رمضان طيلة السنة لقلت المنكرات ، ولكان ذلك أفضل “

السؤال: 185452

ما حكم أن يقول المرء لو كان رمضان طيلة السنة لقلت المنكرات ، ولكان ذلك أفضل ؟
مع العلم أن الشخص المتمني يعلم علم اليقين أن أحكام الله سبحانه وتعالى لا تناقش ، وأنه لا أحد يقترح على الله سبحانه وتعالى .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الذي ينبغي أن يمسك المرء لسانه ، ولا يتكلف ما ليس له به علم ، ولا يتكلم فيما لا يعنيه ولا فائدة من ورائه .
وقول القائل : ” لو كان رمضان طيلة السنة لقلت المنكرات ” وإن كانت لا تظهر لنا مخالفة شرعية في مجرد هذا القول ؛ لثبوت قلة المنكرات في رمضان شرعا وقدرا ؛ لأن الشياطين تسلسل فيه ويقل إغواؤهم وإيذاؤهم ؛ فالذي ينبغي ـ رغم ما ذكرناه ـ ألا نطلق ذلك ؛ فلا أحد يدري ما كان يصير أمر العباد لو أن الله كلفهم بصيام السنة كلها ؛ فذلك من أمر الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، وقلة المنكرات في رمضان الذي فرضه الله على عباده ، ليس بلازم أن يكون الحال كذلك ، لو أن الله قدر عليهم أن تكون السنة كلها رمضان ؛ وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33، وقال تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36 .

وأما قوله : ” ولكان ذلك أفضل ” فهذا أدخل في الباطل ؛ بل فيه من الجرأة على الله ، والقول على الله بغير علم ، الاقتراح عليه ما فيه ، وهو أدخل في سوء الأدب مع الله ، وأشبه بالاعتراض على شرعه وقدره سبحانه ، وقد منع الله تعالى أن يكون لأحد من خلقه شيء من الاختيار معه ، كما قال تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، فنفى أن يكون لأحد من خلقه شيء من الاختيار معه فيما خلق وقدر . وقال تعالى أيضا : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36 ، فنفى أن يكون لأحد من خلقه شيء من الخيرة في أمره وشرعه .
وتأمل ما وقع في خلق آدم ، وما كان من شأن الملائكة مع رب العزة في ذلك : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/30 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
” وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك ، فنزهوا الباري عن ذلك ، وعظموه ، وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة فقالوا: ( وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ) أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك ، ( وَنُقَدِّسُ لَكَ ) يحتمل أن معناها: ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص ، ويحتمل أن يكون : ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة ، كمحبة الله وخشيته وتعظيمه ، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة.
قال الله تعالى للملائكة: ( إِنِّي أَعْلَمُ ) من هذا الخليفة ( مَا لا تَعْلَمُونَ ) ؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم، وأنا عالم بالظواهر والسرائر، وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة ، أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر فلو لم يكن في ذلك إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين ، والشهداء والصالحين ، ولتظهر آياته للخلق ، ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة ، كالجهاد وغيره ، وليظهر ما كمن في غرائز بني آدم من الخير والشر بالامتحان ، وليتبين عدوه من وليه ، وحزبه من حربه ، وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه ، واتصف به ، فهذه حكم عظيمة ، يكفي بعضها في ذلك ” انتهى من “تفسير السعدي” (48-49) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android