0 / 0

حكم من حلف على شيء على غلبة ظنه فظهر خلاف ذلك

السؤال: 178051

ما هو حكم من يحلف بالله على ما لا يعرفه ، وهل هو حلال أم حرام؟ وهل يجوز إذا كان متأكدا ؟ فمثلا إذا قال له أحد : إن الشيخ فلان فعل كذا ، هو يرد : لا والله لم يفعل كذا ، مع أنه لا يعلم ما فعل الشيخ مثلا ، ولكن على يقين بأنه لم يفعل هذا ، أو مثلا يحلف على شيء في الغيب ، فما حكمه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يخلو الحالف من أحوال :
– إما أن يكون عالما بصحة وصدق ما يحلف عليه فهذا بار في يمينه ولا شيء عليه .
– أو يكون عالما بأنه كاذب في يمينه فهذا آثم مرتكب لكبيرة من الكبائر .
– أو يحلف وهو يغلب على ظنه أنه كاذب فهذا حانث ، وإن بان الأمر على ما حلف عليه .
– أو يحلف وهو يغلب على ظنه أنه صادق فهذا لا شيء عليه ، وإن بان بخلاف ما حلف عليه ؛ لأنه إنما حلف على ظنه ، يظن أنه صادق في يمينه .
– أو يحلف جزافا على شيء لا يعلم عنه فهذا آثم ؛ لأنه يحلف على غيب بالنسبة له لا يعلمه

فمن قال مثلا : إن فلانا لم يفعل كذا ، لأنه على يقين أو ظن غالب أنه لم يفعله ؛ لما يعلمه عنه من دين أو خلق أو حال تمنعه من فعل ذلك ، فهذا إنما يحلف على ظنه الغالب عنده ، وهذا لا شيء عليه في يمينه .
قال العمراني الشافعي رحمه الله في “البيان” (10/ 553) :
” غلبة الظن أجريت في الأحكام مجرى اليقين ” انتهى .

روى البخاري (2600) ومسلم (1111) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَكْتُ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ ، قَالَ تَجِدُ رَقَبَةً قَالَ لَا ، قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا ، قَالَ فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا ، قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِعَرَقٍ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ : اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ، قَالَ : عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، قَالَ اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ “
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” فيه جواز الحلف على غلبة الظن يؤخذ من قوله ( فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني ) لأن هذا الرجل لم يذهب إلى كل بيت يسألهم بلا شك ، لكن هذا غالب ظنه ؛ فحلف على غالب ظنه ” انتهى من “شرح الكافي” (4 /90) .

وقال ابن القيم رحمه الله :
” قَالَ الْقَاضِي: لَوْ وَجَدَ فِي دَفْتَرِ أَبِيهِ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ دَيْنًا جَازَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ قال ابن القيم : وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ ” انتهى من “إعلام الموقعين” (4/ 129) .
وقال ابن عثيمين :
” وأما من حلف على شيء بناء على غلبة الظن فتبين أنه على خلاف ظنه فلا بأس في ذلك ، مثل أن يحلف أن هذا الشيء قد كان بناء على ظنه ثم يتبين أنه لم يكن فإنه ليس عليه في ذلك إثم ؛ لأنه إنما حلف على ظنه وهو في حال حلفه صادق فيما يغلب على ظنه ، ومثل ذلك لو قال : والله ليقدمن فلان غدا ، أي ليقدمن من السفر غدا بناء على ظنه ثم لا يقدم فإنه لا شيء عليه على القول الراجح ، أي لا إثم عليه ولا كفارة ؛ وذلك لأنه إنما حلف على ظنه ” .
انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (21/ 2) .

وسئل الشيخ صالح الفوزان :
ما حكم من يحلف يمينا في حدوث شيء على أنه حدث ولكنه لا يعلم بحدوثه ؟ فقد حصل أن عملنا عملا يسيء إلى أحد الناس ، وسأل والدنا هل عملنا نحن ذلك العمل ، ولكن والدنا أنكر وحلف يمينا أننا أبرياء من ذلك مع أننا قد فعلنا ذلك ، ووالدنا لا يعلم فهل يجوز أن نكفر وهو لا يعلم أم نخبره وهو يكفر بنفسه أم ليس في ذلك إثم ؟
فأجاب :
” أولا : يجب على المسلم أن يحافظ على يمينه ولا يتسرع إلى اليمين إلا عند الحاجة ، وكان متأكدا مما يحلف عليه ، أما بالنسبة إذا حلف الإنسان على عمل أنه حصل أو لم يحصل ، بناء على غالب ظنه فيتبين خلاف ذلك ، فإنه لا إثم عليه ، لأنه حلف على غالب ظنه فلا إثم عليه ، ويكون هذا من اللغو في اليمين .
أما إذا حلف كاذبا متعمدا فإنه يأثم بذلك ، وليس عليه كفارة ، ولكن عليه الإثم ، ويستغفر الله ويتوب إليه ، والله يتوب على من تاب ، أما الكفارة فإنها لا تجب إلا في اليمين التي قصد عقدها على أمر مستقبل ممكن ” انتهى من “المنتقى من فتاوى الفوزان” (96 /1-2) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android