0 / 0

توضيح لفتوى حكم أداء العمرة بعد حج الإفراد

السؤال: 174622

جزاكم الله خيراً ، نحن ننوي بإذن الكريم أن نؤدي فريضة الحج هذا العام ، وسيكون سفرنا حسب الحملة التي سنذهب معها في ” يوم التروية ” ، لذلك فالخيارات المتاحة لنا هي الإفراد أو القران ؛ لأن التمتع صعب أداؤه لضيق الوقت ، سؤالنا هو : أننا سنمكث يوماً بعد انتهاء أيام العيد ، هل يمكننا أن نؤدي العمرة لأننا نأتي من ” الأردن ” وبالنسبة لي أنا السائل قد لا يتاح لي السفر مرة أخرى بسهولة لأداء العمرة ، وأرغب جدّاً بأداء العمرة بعد الحج ، وقرأت في فتوى عندكم لا يشرع أداء العمرة للمفرد بعد الحج ، لكننا عند قراءتنا للفتوى لم نجد في ذلك نصّاً صريحاً على ذلك ، فنحن في حكم السيدة عائشة التي بقيت بعد انتهاء العيد ، وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
أنساك الحج ثلاثة يُخيَّر من يريد الإحرام بينها ، وهي : التمتع – وهو الأفضل – ، والقِران ، والإفراد .
فالتمتع هو : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج فيأتي بأعمالها ثم يتحلل منها ، ثم يحرم بالحج من عامه , وعليه دم إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام .
والقران : أن يحرم بالحج والعمرة معا ، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها ، وعليه دم كالمتمتع .
والإفراد هو : أن يحرم بالحج مفرداً ، فيبقى على إحرامه إلى أن يرمي الجمرة يوم العيد , ويحلق رأسه , ويطوف طواف الإفاضة , ويسعى بين الصفا والمروة .

ثانياً:
أما بخصوص الفتوى التي أشرتم لها ، فالموقع فيه فتويان في الموضوع ، فإذا كنتم تريدون الفتوى برقم ( 36364 ) – وهي عن الشيخ عبد العزيز بن باز – فنقول : هي صحيحة في مضمونها وخطأ في عنوانها ؛ إذ ليست هي في ” المفرد ” ، بل هي في القارن والمتمتع وهما اللذان لا يشرع لهما العمرة بعد أداء الحج وقد سبقت منهما عمرة الحج ، وهو مرادنا بنقل الفتوى ؛ إذ فيها ” وقد سبق أن اعتمر ” ، وفيها ” اشتغال الحجاج بعمرة أخرى بعد فراغهم من الحج سوى العمرة التي دخلوا بها مكة يشق على الجميع ” ، وهذا لا ينطبق على ” المفرد ” والذي لم يأتِ بعمرة في نسكه ولا كان جاء بها من قبل ؛ فإن هذا تشرع له العمرة بعد حجه ، كما بينَّاه في جواب السؤال رقم ( 106576 ) – وهي عن الشيخ محمد الصالح العثيمين – ، وفيها : أنه سئل – رحمه الله – عن العمرة بعد الإفراد ، فأجاب : ” هذا العمل لا أصل له في السنَّة ، فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم مع حرصهم على الخير يأتون بهذه العمرة بعد الحج ، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، وأصحابه الذين هم خير القرون … .
نعم : لو فرض أن بعض الحجاج يصعب عليه أن يأتي إلى مكة بعد مجيئه هذا ، وهو قد أتى بحج مفرد ، فإنه في هذه الحال في ضرورة إلى أن يأتي بعد الحج بالعمرة ، ليؤدي واجب العمرة ؛ فإن العمرة واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم ؛ وحينئذ يخرج إلى ” التنعيم ” أو إلى غيره من الحل فيحرم منه ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر ” انتهى .
لذا فإذا حججتم متمتعين أو قارنين : فلا تأتوا بعمرة بعد حجكم ، وإذا حججتم مفردين ولم يتيسر لكم العمرة من قبل : فلا بأس من إتيانكم بعمرة بعد حجكم ، وعائشة رضي الله عنها لم تأتِ بنسك لأجل ما أصابها من عذر الحيض ؛ ولكنها أصَّرت على أداء أعمالها بعد حجها ، فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما لم يفعله غيرها ممن حج قارناً أو متمتعاً ، حتى إن أخاها الذي ذهب معها للتنعيم لم يعتمر معها ، فدل ذلك على اختصاص ذلك بمن كان على مثل حالها .
والعمرة التي يأتي بها المفرد بعد حجه إذا لم يكن قد اعتمر من قبل : هي عمرة الإسلام في حقه فلا بأس أن يأتي بها إذا كان يصعب عليه الرجوع إلى مكة لأدائها في سفرة مستقلة ، وأما إذا كان قد اعتمر من قبل : فنرى أنه لا يشرع له الإتيان بعمرة بعد حجه ، كما ذكرناه في جواب السؤال رقم ( 106576 ) وكما سنوضحه عن الشيخ ابن باز رحمه الله – وهو صاحب الفتوى نفسها برقم ( 36364 ) – .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :
حججتُ حجة فرض ولم أعتمر معها فهل عليَّ شيء ؟ ومن اعتمر مع حجه هل يلزمه الاعتمار مرة أخرى ؟ .
فأجاب : ” إذا حج الإنسان ولم يعتمر سابقا في حياته بعد بلوغه : فإنه يعتمر سواء كان قبل الحج أو بعده ، أما إذا حج ولم يعتمر : فإنه يعتمر بعد الحج إذا كان لم يعتمر سابقا ؛ لأن الله جل وعلا أوجب الحج والعمرة ، وقد دل على ذلك عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فالواجب على المؤمن أن يؤديها ، فإن قرن الحج والعمرة : فلا بأس ، بأن أحرم بهما جميعاً أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج فلا بأس ويكفيه ذلك ، أما إن حج مفرداً بأن أحرم بالحج مفرداً من الميقات ثم بقي على إحرامه حتى أكمله : فإنه يأتي بعمرة بعد ذلك من ” التنعيم ” أو من ” الجعرانة ” أو غيرها من الحل خارج الحرم ، فيحرم هناك ثم يدخل فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر هذه هي العمرة ، كما فعلت عائشة رضي الله عنها فإنها لما قدمت وهي محرمة بالعمرة أصابها الحيض قرب مكة فلم تتمكن من الطواف بالبيت وتكميل عمرتها ، فأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج وأن تكون قارنة ففعلت ذلك وكملت حجها ثم طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر ؛ لأن صواحباتها قد اعتمرن عمرة مفردة ، فأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى ” التنعيم ” فتحرم بالعمرة من هناك ليلة أربعة عشر ، فذهبت إلى ” التنعيم ” وأحرمت بعمرة ودخلت وطافت وسعت وقصرت ، فهذا دليل على أن من لم يؤد العمرة في حجه يكفيه أن يحرم من التنعيم وأشباهه من الحل ، ولا يلزمه الخروج إلى الميقات ، أما من اعتمر سابقاً وحج سابقاً ثم جاء ويسر الله له الحج : فإنه لا تلزمه العمرة ويكتفي بالعمرة السابقة ؛ لأن العمرة إنما تجب مرة في العمُر كالحج سواء ، فالحج مرة في العمُر والعمرة كذلك لا يجبان جميعا إلا مرة في العمر ، فإذا كان قد اعتمر سابقا : كفته العمرة السابقة ، فإذا أحرم بالحج مفرداً واستمر في إحرامه ولم يفسخه إلى عمرة : فإنه يكفيه ، ولا يلزمه عمرة في حجته الأخيرة ، لكن الأفضل له والسنة في حقه إذا جاء محرماً بالحج أن يجعله عمرة بأن يفسخ حجه هذا إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ، فإذا جاء وقت الحج أحرم بالحج يوم الثامن ، هذا هو الأفضل وهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في حجة الوداع لما جاء بعضهم محرماً بالحج وبعضهم محرماً بالحج والعمرة وليس معهم هدي ، أمرهم أن يحلوا ويجعلوها عمرة ، أما من كان معه الهدي : فيبقى على إحرامه حتى يكمل حجه إن كان مفرداً ، أو عمرته إن كان معتمراً مع حجه ” انتهى من ” فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 16 / 356 – 358 ) .

والخلاصة :
أن للمفرد أن يأتي بعمرة بعد حجه إذا لم يكن قد اعتمر من قبل ، ولا يشرع له ذلك إذا كان قد أدى عمرة ، كما لا تشرع العمرة بعد الحج للمتمتع أو القارن .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android