0 / 0
64,47123/02/2011

هل يجوز له أن يتمنى أن لا يزوجه الله في الجنة بالحور العين وأن يدعو بذلك ؟

السؤال: 160958

أعلم أن المسلم سيرزق في الجنة بالحور العين إن شاء الله تعالى ، ولكني لا أريد حوريات في الجنة !! أريد أن أكون وحدي أنا وزوجتي ، أنا لم أتزوج بعد ولكن أريد هذه الأمنية من الله عز وجل أن أظل أنا وزوجتي بمفردنا في الجنة . قد تظنون سؤالي سخيفاً ولكنه طلبي بصدق وصراحة أدعو به الله عز وجل في الجنة أرجو أن يتقبله الله عز وجل مني ، فهل هذا ممكن ؟ . أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
الذي يظهر أن فيما تقوله اعتداء في الدعاء يقتضي المنع منه ؛ وأسباب المنع منه كثيرة ، منها :
1. أن فيه ردّاً لفضل الله تعالى وكرمه على عبيده الذي أكرمهم الله بالجنة ، ودل به على حالهم وما يكونون فيه ؛ وحقيقة دعائك هو رد هذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها من أكرمه بالجنة ، ورغَّبهم فيها كثيراً ، كما في قوله تعالى ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ . فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ . كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ) الدخان/ 51 – 54 ، وقوله تعالى ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ . مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ) الطور/ 19 ، 20 ، وقوله ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ) النساء/ 57 ، ، قال تعالى : ( وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ . جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الواقعة/ 22 – 24 . وانظر جواب السؤال رقم ( 25843 ) .

2. أن دعاءك بعدم التزويج بالحور بالعين يدل على عدم علمك بحقيقة النعمة التي أنعم الله بها على من كتب له الجنة ، فصفات الحور العين مما أخبرنا الله تعالى بها يجعل المسلم في شوق لأن يحوز هذه النعمة وذلك الفضل ، ومن حصر تلك النعمة بمجرد الجماع فقد أخطأ في فهمه لحقيقة تلك النعمة ، ولم يقدرها حق قدرها ، فقد جاء – مثلاً – أن الحور العين يغنين لأزواجهن في الجنة ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ ، إِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ : نَحْنُ الْخَيِّرَاتُ الْحِسَانُ أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ ) رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 5 / 149 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3 / 269 ) ، ومن ذلك : حسن تبعلها وحسن منطقها مع زوجها بما يدخل غاية السرور إلى قلبه ، وهو معنى " العُرب " .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : " ( عُرُبًا أَتْرَابًا ) ملازم لهن في كل حال ، والعروب : هي المرأة المتحببة إلى بعلها بحسن لفظها ، وحسن هيئتها ودلالها وجمالها ومحبتها ، فهي التي إن تكلمت سبت العقول وود السامع أن كلامها لا ينقضي ، خصوصاً عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة والنغمات المطربة ، وإن نظر إلى أدبها وسمتها ودَلِّها : ملأت قلب بعلها فرحاً وسروراً ، وإن برزت من محل إلى آخر : امتلأ ذلك الموضع منها ريحاً طيباً ونوراً ، ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع .
والأتراب اللاتي على سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة ، التي هي غاية ما يتمنى ونهاية سن الشباب ، فنساؤهم عرب أتراب ، متفقات مؤتلفات ، راضيات مرضيات ، لا يَحزن ولا يُحزن ، بل هن أفراح النفوس ، وقرة العيون ، وجلاء الأبصار " . انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 833 ) .

3. ويبدو أن من أسباب رغبتك بذلك الدعاء تأثرك بقصص الحب الرومانسية ، والتي تبالغ في إبراز محبة كل طرف للآخر ، ولا بأس بمحبة الزوجين لبعضهما ، بل هو أمر مطلوب ممدوح ، لكن المبالغة في ذلك ، حتى ينفر من فكرة الزواج الآخر في الدنيا ، مع شرع الله له ، وتعلق كثير من مصالح الدنيا به ، فهذا هو المنكر ، ثم ها نحن نرى المبالغة في ذلك قد وصلت إلى الآخرة ، فلا يحب أن يكون لزوجته شريك في الجنة .
فاعلم ـ يا عبد الله ـ أخيرا : أن الجنة أمرها مختلف ، وحالها مختلف عن حال الدنيا ، وليس فيها مما في الدنيا إلا الأسماء ، فاجتهد في سلوك الطريق الموصلة إليها ، وادع الله أن يجعلك من أهلها ، ثم دعك من القياس بحال الدنيا ، ولا تتحجر واسعا من رحمة الله ، وهناك ـ إن شاء الله إن كنت من أهلها ـ سوف تدري أن الأمر مختلف !!

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android