0 / 0

زوجها يريد جماعها في الدبر في فترة النفاس

السؤال: 152251

زوجي كريم ويحبني ولا يبخل علي ، لم يمر على زواجنا سوى سنه فقط زوجي قبل أن يتزوجني كان يمارس اللواط ، وأنا لم أكن أعلم إلا بعد أن تزوجته ولاحظت ذلك من خلال طريقة مجامعته لي ، ثم بعد ذلك حاولت توضيح ذلك له ، بحثت في عدة مواقع وحاولت إرسال ما قرأت له حتى يقرأ ويعلم أنه حرام ، وقلت له : إن الله لا ينظر إلينا يوم القيامة
، أحسست أنه تعدل أياما ، ثم عاد ؛ علما بأنه لا يطلب ذلك مني إلا في فترات متفاوتة ، وأنا الآن على وجه ولادة ، وهو دايم يقول لي إنه لن يستطيع أن يتحمل في فترة النفاس ، وأنه يريد في هذه الفترة مجامعتي من الخلف ، حتى لا ينظر إلى شي في الخارج ، ولا ينظر أن يعمل شي حرام ، فجزاكم الله خيرا وضحوا لي ماذا أعمل ، وماذا أقول ؟!

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
وطء المرأة في دبرها محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وهو كبيرة من كبائر الذنوب لما جاء فيه من الوعيد الشديد .
قال تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ . نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة/222، 223
والحرث : موضع الولادة ، أي القبل ، فيجوز للرجل أن يأتي زوجته في القبل على أي كيفية شاء ومنها أن يأتيها من الخلف لكن في قبلها ، لا في دبرها .
من الأحاديث الواردة في ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجه (639) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في “صحيح الترغيب” (2433).
ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من أتى امرأة في دبرها فقال : (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا) رواه أبو داود (2162) والحديث صححه الشيخ الألباني في “صحيح الترغيب” (2432).
وقال صلى الله عليه وسلم : (لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلا أَوْ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ) رواه الترمذي (1166) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذه الأحاديث : ” طرقها كثيرة ؛ فمجموعها صالح للاحتجاج به ” انتهى من “فتح الباري” (8/ 191).
ثانيا :
اعلمي أن هذا العمل – مع كونه محرما – فيه من المضار والمفاسد على الرجل والمرأة ما يؤكد وجوب البعد عنه والنفور منه .
قال ابن القيم رحمه الله في بيان هذه المضار : ” وأيضاً : فللمرأة حق على الزوج في الوطء ، ووطؤها في دُبرها يفوِّتُ حقها ، ولا يقضي وطَرَها ، ولا يُحَصِّل مقصودها .
وأيضاً : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاءُ الأطباء منِ الفلاسفة وغيرهم ، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطءُ في الدُّبُر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كلَّ المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعى.
وأيضاً : فإنه يضرُّ بالمرأة جداً ، لأنه واردٌ غريب بعيدٌ عن الطباع، مُنافر لها غايةَ المنافرة .
وأيضاً : فإنه يُحِدثُ الهمَّ والغم ، والنفرةَ عن الفاعل والمفعول .
وأيضاً : فإنه يُسَوِّدُ الوجه ، ويُظلم الصدر ، ويَطمِسُ نور القلب ، ويكسو الوجه وحشةً تصير عليه كالسِّيماء يعرِفُها مَن له أدنى فراسة .
وأيضاً : فإنه يُوجب النُّفرة والتباغض الشديد ، والتقاطع بين الفاعل والمفعول ، ولا بُدَّ ” انتهى من “زاد المعاد” (4/ 262).
ثالثا :
لا يجوز لك تمكين زوجك من هذا العمل القبيح ، بل يجب الامتناع منه ولو أدى ذلك إلى ذهابك إلى أهلك ، بل إلى طلب الطلاق .
وزوجك هذا – على وجه الخصوص – يتأكد منعه من هذا المنكر ، لِما ذكرت من حاله قبل الزواج ، نسأل الله العافية ، فإن استمراره معك على هذا العمل ، وعدم اكتفائه واستغنائه بالوطء المباح ، قد يجره إلى الفاحشة مرة أخرى . ولا قيمة لما يذكره من أعذار ، ولا شأن لك بأعذاره ، فإنه يدعوك إلى النار وغضب الجبار ، والإنسان ليس له أن يريح غيره – إن كان في مثل ذلك راحة – بهلاك نفسه ، بل بهلاكهما معا .
وما دام أنه استقام بعض الأيام ، فنرجو أن يصرف الله عنه هذا البلاء ، وعليك أن تعينيه على ذلك بالرفض الجازم الذي لا هوادة فيه ولا تراخي ، حتى ييأس من مشاركتك له في الحرام ، وينقطع رجاؤه في ذلك .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها؟ وهل أباحه أحد من العلماء؟
فأجاب : “الحمد لله رب العالمين ، الوطء في الدبر حرام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين ، من الصحابة ، والتابعين ، وغيرهم ؛ فإن الله قال في كتابه : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ) ، وقد ثبت في الصحيح : أن اليهود كانوا يقولون : إذا أتى الرجل امرأته في قُبلها من دبرها جاء الولد أحول ، فسأل المسلمون عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله هذه الآية : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ) ، والحرث : موضع الزرع ، والولد إنما يزرع في الفرج ؛ لا في الدبر . وقد جاء في غير أثر : أن الوطء في الدبر هو اللوطية الصغرى ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله لا يستحيي من الحق ؛ لا تأتوا النساء في حشوشهن ) و ” الحش ” هو الدبر ، وهو موضع القذر ، والله سبحانه حرم إتيان الحائض ، مع أن النجاسة عارضة في فرجها فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلظة .
وأيضا : فهذا من جنس اللواط ” إلى أن قال : “ومن وطئ امرأته في دبرها وجب أن يعاقبا على ذلك عقوبة تزجرهما ، فإن علم أنهما لا ينزجران فإنه يجب التفريق بينهما . والله أعلم” انتهى من “مجموع الفتاوى” (32/ 267) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : فضيلة الشيخ أرجو الإجابة على هذا السؤال ؛ لأنه مهم عندي، فهو يقلقني ، زوجي يطلب مني أن يأتيني من الخلف –أي : من فتحة الشرج- وأنا أرفض ذلك ، وهو يجبرني على ذلك لدرجة أني أبكي وأرفض ولكنه يجبرني على هذا الشيء، أرجو الإفادة جزاك الله خيراً؟
فأجاب : “وطء المرأة في دبرها من كبائر الذنوب ، حتى جاء فيه الوعيد الشديد ، جاء الوعيد بالكفر ، وجاء الوعيد باللعن ، وسمي هذا: اللوطية الصغرى ، والنصوص في هذا كثيرة ، وما ذكر عن بعض السلف أنه أباحه خطأ عليهم ، كما ذكر ذلك ابن القيم في زاد المعاد ، وغيره ، وإنما أرادوا أن يأتيها في الفرج من ناحية الدبر ، وهذا جائز لا بأس به ، أن الإنسان يطأ زوجته في فرجها لكن من الخلف ، يأتيها من الخلف هذا لا بأس به ؛ لقوله تعالى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة/223، أما أن يطأها في الدبر فلا . وهنا مسألة : يظن بعض الناس أنه إذا فعل هذا -أي: أتى أهله من الدبر- انفسخ النكاح ، وليس كذلك ، فالنكاح باقٍ ، لكن لو عاود واستمر وجب أن يفرق بينهما ، أي يبن المرأة وزوجها الذي يفعل هذا الفعل .
وبالنسبة لها عليها أن تمتنع منه بقدر الاستطاعة . فنصيحتي أولاً للأزواج : أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي أهليهم ، وألا يعرضوا أنفسهم للعقوبة . ونصيحتي للزوجات : أن يمتنعن من هذا إطلاقاً ، حتى لو أدى ذلك إلى الخروج من البيت إلى أهلها : فلتفعل ، ولا تبق عند هذا الزوج ، وهي في هذه الحالة ليست بناشز ؛ لأنها فرت من معصية ، ولها النفقة على زوجها ، فلو بقيت عند أهلها شهراً أو شهرين فإنها تطالبه بالنفقة ، لأن الظلم منه هو ؛ لأنه لا يحل له أن يكرهها على هذا الأمر ” انتهى من “اللقاء الشهري” (59/ 14).

وأما دعواه أنه لا يريد أن ينظر إلى الحرام : فإن ما يريده هنا عين الحرام ، فأي فرق : ( كالمستجير من الرمضاء بالنار ) ؟!!
وبإمكانه ، إن كان صادقا ، أن يستمتع في فترة الحيض أو النفاس ، بكل شيء منك ، لكن من غير جماع مطلقا ، لا في القبل ولا في الدبر ، ولو أدى استمتاعه بك إلى أن ينزل في شيء من بدنك ، أو ينزل بيدك : فلا حرج في ذلك كله ؛ ما دام قد اجتنب الموضع الذي حرم الله عليه !!
أفليس في الحلال الطيب غنية ، يا عباد الله ؟!!

نسأل الله أن يهدي زوجك ، وأن يصلح حاله ، وأن يدفع عنكما الشر والبلاء والفتنة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android