0 / 0

تعاني من ضعف الذاكرة وكثرة النسيان ، وتخلط في صلاتها ، فهل تصح صلاتها؟

السؤال: 151319

تبلغ أمي 58 عاما وهي تعاني من ضعف الذاكرة طول حياتها وقد عادت لطبيعتها مع الالتزام بالعلاج لكن لسوء الطالع ترتكب الكثير في الصلاة فقد تصلي الوقت الطويل دون أن تدرك ماذا قرأت، ونحن نحاول أن نساعدها في تعلم وأداء الصلاة على الوجه الصحيح، لكنها تنسى هذا ما أن تبدأ الصلاة فهي تخطأ في قراءة السور وتخلط بين الركوع بالسجود. وتصلي أحيانا ولا تدرك أقامت بالركوع أو السجود، وأحيانا نستحثها بالوقوف معها للقيام بالركوع والسجود وقراءة التسابيح والتهليل وقراءة السور بشكل صحيح، فهل في هذا إفساد لصلاتها؟ وأنا أتساءل هل يمكن أن نقوم أنا وابنتها بالصلاة جماعة معها وليس يوجد هناك سوانا في البيت، وقراءة الصلاة بصوت جهوري والطلب منها أن تتبعنا في الركوع والسجود حتى يتسنى لها على أقل تقدير تحقيق الركوع والسجود بشكل صحيح.. تقبل الله منها صلاتها وتقبل جهدنا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قولك : ” لكن لسوء الطالع ترتكب الكثير في الصلاة ” هذه الكلمة يطلقها كثير من المسلمين وهم لا يعلمون أنها مخالفة للشريعة ، وقد سبق بيان مخالفتها للشريعة في جواب السؤال رقم : (158980).
ثانيا :
إذا عجز المسلم عن أداء الصلاة على صورتها الكاملة ، فإنه يأتي بما يستطيع ، ويسقط عنه ما لا يستطيعه ، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده وتيسيره لهم .
قال الله عز وجل : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن / 16 .
قال السعدي رحمه الله :
” هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ” انتهى .
“تفسير السعدي” (ص 868) .
وروى البخاري (7288) ومسلم (1337) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .
قال النووي رحمه الله :
” هَذَا مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام الْمُهِمَّة , وَمِنْ جَوَامِع الْكَلِم الَّتِي أُعْطِيهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَدْخُل فِيهِ مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَحْكَام كَالصَّلَاةِ بِأَنْوَاعِهَا , فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْض أَرْكَانهَا أَوْ بَعْض شُرُوطهَا أَتَى بِالْبَاقِي , وَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْض أَعْضَاء الْوُضُوء أَوْ الْغُسْل غَسَلَ الْمُمْكِن , وَإِذَا وَجَدَ بَعْض مَا يَكْفِيه مِنْ الْمَاء لِطَهَارَتِهِ أَوْ لِغَسْلِ النَّجَاسَة فَعَلَ الْمُمْكِن , وَإِذَا وَجَدَ مَا يَسْتُر بَعْض عَوْرَته أَوْ حَفِظَ بَعْض الْفَاتِحَة أَتَى بِالْمُمْكِنِ … وَهَذَا الْحَدِيث مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : ( فَاتَّقُوا اللَّه مَا اِسْتَطَعْتُمْ ) ” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” يجب على كل مسلم أن يصلي الصلوات الخمس في مواقيتها ، وليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر . لكن العذر يبيح له شيئين : يبيح له ترك ما يعجز عنه ، ويبيح له الجمع بين الصلاتين . فما عجز عنه العبد من واجبات الصلاة سقط عنه ” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (21 / 428).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
” يجب على كل مسلم أن يتعلم ما لا تصح صلاته إلا به ، من الأركان والواجبات والشروط ، ويستحب له أيضا أن يتعلم مكملات الصلاة من الأمور المستحبة ، كدعاء الاستفتاح ، لكن من لم يستطع أن يحفظ بعض أذكار الصلاة لكبر سنه أو أميته فصلاته صحيحة ، لقول الله تعالى: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) ، وقوله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) لكن يجب على المسلم أن يجتهد في حفظ الأمور الواجبة في الصلاة ، وأن يكرر ذلك حتى يتقنه ، ولو بعد حين ” انتهى
“فتاوى اللجنة الدائمة” (5 / 319) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أختي تبلغ من العمر 27 سنة ، ولديها تخلف نصفي في عقلها ، وهذا قول الدكتور لنا وما ظهر من تصرفاتها يدل على المس من الجن والله أعلم ؛ لأنها تضحك من غير سبب ، وطريقة الأكل تثير الاشمئزاز ، ولكن مع ذلك فهي تدرك الخير من الشر ، فهي تداوم على الصلوات الخمس ، لكنها لا تقرأ سوى الفاتحة وعندما نعلمها نجد صعوبة في نطقها وكثرة النسيان ، هل عليها ذنب في أداء صلاتها هكذا من غير تشهد ولا حتى آية قرآنية ؟
فأجابوا :
” إذا كان الأمر كما ذكر فلا حرج على أختك في اقتصارها على قراءة الفاتحة في الصلاة وتركها بقية أقوال الصلاة ؛ لأنها فعلت ما تقدر عليه ، ولا حرج عليها فيما تركته ولا تطالب بما لا تستطيع فعله أو حفظه ؛ لأنها معذورة في ذلك لحالتها المذكورة ، وعليكم أن تجتهدوا في تعليمها التشهد الأول والثاني وما تقوله في الركوع والسجود حسب الطاقة ” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (6 / 385-386) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
أصيبت والدتي بارتفاع في ضغط الدم ، فنتج عن ذلك شلل نصفي بحيث إنها لا تستطيع أن تحرك أعضاءها اليمنى ، وضعفت ذاكرتها فأصبحت تنسى بعض الآيات القرآنية ، وكذلك الفاتحة ، وكذلك بعض الأذكار التي تقال في الصلاة ، وثقل لسانها عن الكلام بحيث إنها لا تستطيع التفوه بالكلمة إلا بعد جهد كبير . فالسؤال : ما حكم صلاة والدتي إن تركت بعض الآيات أو الفاتحة أو بعض الأذكار الواجبة في الصلاة بعد اجتهادها ؟
فأجاب : ” إذا كانت لا تستطيع إلا هذا فهي معذورة ؛ لقول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) لكن لتحرص غاية الحرص على أن تأتي بالفاتحة والأذكار الواجبة بقدر المستطاع ، ولو أن يكون عندها أحد يذكرها . أما الشيء المستحب كقراءة ما زاد على الفاتحة وقراءة ما زاد على سبحان ربي الأعلى في السجود وسبحان ربي العظيم في الركوع وما أشبه ذلك فلا بأس بتركه ” انتهى .

وسئل أيضا :
لديه عمة لا تسمع ، وصلاتها عبارة عن تكبير وتحميد ودعاء دون أن تقرأ بأي سورة ولا فاتحة الكتاب ولا غير ذلك ، يقول : وأنا عاجز عن تعليمها لعدم سمعها ، فهل صلاتها صحيحة ؟ وهل آثم في أني لم أعلمها ؟
فأجاب : ” أما صلاتها فصحيحة لقول الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وأما أنت فلا تأثم لأنك تقول لو علمتها لم تفهم ، فكيف تؤاخذ على شيء لا تقدر عليه ولا فائدة منه ؟ ويكفيها أن تسبح وتهلل وتكبر ونسأل الله لها ولنا القبول ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (140 / 20) .

وعلى هذا ، فينبغي الاجتهاد معها حتى تأتي بأركان الصلاة ووجباتها ، ولو وقف بجوارها أحد وهي تصلي يأمرها بقراءة الفاتحة ، والركوع والسجود ويجهر بالأذكار لتقول مثله فلا حرج في ذلك ، ولو صلى معها أحد جماعة ويجهر بالصلاة لتفعل مثله ، فلا حرج في ذلك أيضاً .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android