0 / 0
22,50315/05/2010

الذهاب إلى الكنيسة وطلب المساعدة من الأب ؟

السؤال: 147094

عرض علي الذهاب إلى الكنيسة ، وأن يقرا علي الأب لاني أعاني من مشاكل لها علاقة بالسحر مع العلم بأنني ذهبت إلى الكثير من المشايخ ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ينبغي أن يعلم أن الرقية هي من أنواع العلاج الشرعية ، غير أن لها شروطا لنفعها ، وشروطا لقبولها ، كما أن للأدوية الحسية شروطا تناسبها .

قَالَ ابن التِّين رحمه الله :

” الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ وَغَيْرهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه هُوَ الطِّبّ الرُّوحَانِيّ , إِذَا كَانَ عَلَى لِسَان الْأَبْرَار مِنْ الْخَلْق حَصَلَ الشِّفَاء بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى , فَلَمَّا عَزَّ هَذَا النَّوْع فَزِعَ النَّاس إِلَى الطِّبّ الْجُسْمَانِيّ وَتِلْكَ الرُّقَى الْمَنْهِيّ عَنْهَا الَّتِي يَسْتَعْمِلهَا الْمُعَزِّم وَغَيْره مِمَّنْ يَدَّعِي تَسْخِير الْجِنّ لَهُ ، فَيَأْتِي بِأُمُورٍ مُشْتَبِهَة مُرَكَّبَة مِنْ حَقٍّ وَبَاطِل ، يَجْمَع إِلَى ذِكْر اللَّه وَأَسْمَائِهِ مَا يَشُوبهُ مِنْ ذِكْر الشَّيَاطِين ، وَالِاسْتِعَانَة بِهِمْ وَالتَّعَوُّذ بِمَرَدَتِهِمْ , وَيُقَال : إِنَّ الْحَيَّة لِعَدَاوَتِهَا لِلْإِنْسَانِ بِالطَّبْعِ تُصَادِق الشَّيَاطِين لِكَوْنِهِمْ أَعْدَاء بَنِي آدَم , فَإِذَا عَزَّمَ عَلَى الْحَيَّة بِأَسْمَاءِ الشَّيَاطِين أَجَابَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ مَكَانهَا , وَكَذَا اللَّدِيغ إِذَا رُقِيَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاء سَالَتْ سَمُومهَا مِنْ بَدَن الْإِنْسَان , فَلِذَلِكَ كُرِهَ مِنْ الرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ بِذِكْرِ اللَّه وَأَسْمَائِهِ خَاصَّة ، وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ الَّذِي يَعْرِف مَعْنَاهُ لِيَكُونَ بَرِيئًا مِنْ الشِّرْك , وَعَلَى كَرَاهَة الرُّقَى بِغَيْرِ كِتَاب اللَّه عُلَمَاء الْأَمَة ” .انتهى .

نقله الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

” وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز الرُّقَى عِنْد اِجْتِمَاع ثَلَاثَة شُرُوط : أَنْ يَكُون بِكَلَامِ اللَّه تَعَالَى أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاته , وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ أَوْ بِمَا يُعْرَف مَعْنَاهُ مِنْ غَيْره , وَأَنْ يَعْتَقِد أَنَّ الرُّقْيَة لَا تُؤْثَر بِذَاتِهَا بَلْ بِذَاتِ اللَّه تَعَالَى ” انتهى . من ” فتح الباري ” .

والحاصل أنه ليست كل رقية نافعة ، وليس كل ما نفع من الرقى مقبول شرعا ؛ بل لا بد من توفر الشروط السابق ذكرها فيها ، أيا كان الراقي .

وإذا كان أهل العلم قد اشترطوا أن تكون الرقية باللسان العربي ، أو بما يعرف ، خشية أن يقع في كلام الراقي ما يكون شركا ، أو سببا من أسبابه ، من غير أن ينتبه المرقي ؛ فإن المشكلة تكون أعقد إذا كان الراقي من أهل الكتاب ، وهم أهل شرك ، والأصل فيهم أن يرقوا بما يوافق دينهم ، لا سيما إذا كانوا يرقون بلسان لا يعرفه المرقي ، ولا سيما ـ أيضا ـ إذا كان المرقي هو الذي ذهب إليهم في كنائسهم ، وبيعهم .

وهذا هو عمدة من منع من رقية أهل الكتاب للمسلمين ، من أهل العلم .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

” كان مالك يكره رقية أهل الكتاب وذلك – والله عز وجل أعلم – بأنه لا يدري أيرقون بكتاب الله تعالى أو بما يضاهي السحر من الرقى المكروهة ” انتهى . من ” الاستذكار ” (9/376) .

وَقَالَ الْمَازِرِيّ رحمه الله :

” اُخْتُلِفَ فِي اِسْتِرْقَاء أَهْل الْكِتَاب فَأَجَازَهَا قَوْم وَكَرِهَهَا مَالِك لِئَلَّا يَكُون مِمَّا بَدَّلُوهُ . وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَ بِأَنَّ مِثْل هَذَا يَبْعُد أَنْ يَقُولُوهُ , وَهُوَ كَالطِّبِّ سَوَاء كَانَ غَيْر الْحَاذِق لَا يُحْسِن أَنْ يَقُول وَالْحَاذِق يَأْنَف أَنْ يُبَدِّل حِرْصًا عَلَى اِسْتِمْرَار وَصْفه بِالْحِذْقِ لِتَرْوِيج صِنَاعَته . وَالْحَقّ أَنَّهُ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال ” انتهى . من ” فتح الباري ” .

ولأجل ذلك المأخذ ، فإن من رخص في رقى أهل الكتاب ، من أهل العلم ، قد شرط فيه أن تكون الرقية بما يعرف من كلام الله وذكره .

قال الربيع بن سليمان ، تلميذ الشافعي :

” سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن الرُّقْيَةِ ؟ فقال : لاَ بَأْسَ أَنْ يرقى الرَّجُلُ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وما يَعْرِفُ من ذِكْرِ اللَّهِ .

قُلْت : أيرقى أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ ؟

فقال : نعم ؛ إذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ من كِتَابِ اللَّهِ ، أو ذِكْرِ اللَّهِ .

فَقُلْت : وما الْحُجَّةُ في ذلك ؟

قال : غَيْرُ حُجَّةٍ ؛ فَأَمَّا رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِك ـ يعني : الإمام مالكا رحمه الله ـ ؛ فإن مَالِكًا أخبرنا عن يحيى بن سَعِيدٍ عن عَمْرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دخل على عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فقال أبو بَكْرٍ أرقيها بِكِتَابِ اللَّهِ ” انتهى .

“الأم” للشافعي (7/228) .

ولا شك أن الأحوط للدين ، والأبرأ للذمة البعد التام عن استرقاء أهل الكتاب ، لا سيما وقد علم غشهم للمسلمين ، بل علم ـ أيضا ـ أنهم إما يستعينون بالجن والشياطين في علمهم ، بحيث تكون رقاهم هذه من جنس السحر ، أو يقربون الصليب إلى المريض ، ويستعينون بإخوانهم من الشياطين على ذلك ، على ما سبق شيء منه في كلام ابن التين رحمه الله .

وأمر الرقية ميسور إن شاء الله ، كثير من يحسنه من المسلمين والصالحين ، ولا أنفع من أن يرقي الإنسان نفسه ، بكلام الله ، أو ما صح من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم .

ولذلك أفتى علماء اللجنة الدائمة بمنع ذلك ، حيث سئلت :

علاج الصرع عندنا في مصر هو الذهاب إلى الكنيسة خاصة كنيسة (ماري جرجس) ، أو الذهاب إلى السحرة والدجالين الذين ينتشرون في القرى ، وأحيانا يأتي بفائدة ، فهل هذا يجوز فعله ؟ مع العلم بأن الشخص المصروع إذا لم يسرعوا بعلاجه فإنه يهلك ويموت ؟

ثم ما العلاج الذي شرعه الله لهذا الداء ، حيث إن لكل داء دواء إلا الهرم ؟ ” .

فأجاب علماء اللجنة :

” لا يجوز الذهاب إلى الكنيسة لعلاج الصرع ، ولا إلى السحرة ولا إلى الدجالين ؛ أما طرق العلاج المباح فيعالج بالرقي المشروعة ، مثل قراءة القرآن؛ كسورة (الفاتحة) و (قل هو الله أحد) و (المعوذتين) و (آية الكرسي) ، وما ورد من الأذكار والأدعية الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وبالله التوفيق ” انتهى .

“فتاوى اللجنة” (1/292-293( .

على أن دخول الكنائس ممنوع أيضا ، سواء كان للرقية أو غيرها ، إذا كان ذلك في يوم عيد من أعيادهم ، أو كان في تلك الكنيسة صورة من صورهم .

روى ابن أبي شيبة في المصنف (8/291) : لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الدَّهَّاقِينَ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ صَنَعْت لَكَ طَعَامًا فَأُحِبَّ أَنْ تَجِيءَ ، فَيَرَى أَهْلُ عَمَلِي كَرَامَتِي عَلَيْك ، وَمَنْزِلَتِي عِنْدَكَ ، أَوْ كَمَا قَالَ ، فَقَالَ : إِنَّا لاَ نَدْخُلُ هَذِهِ الْكَنَائِسَ ، أَوْ قَالَ : هَذِهِ الْبِيَعَ ، الَّتِي فِيهَا هذه الصُّوَرُ.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android