0 / 0
19,22303/05/2010

لا يلزم الوقف بمجرد النية

السؤال: 146753

شخص ضمن اقتراض مبلغ من المال لشراء بيت بجانب المسجد ليكون من مرافق المسجد ، ثم بعد ذلك قام هذا الرجل بوضع هذا البيت باسمه بدلاً من أن يجعله باسم المسجد ، فما العمل الآن ؟ ومن له الحق في البيت ؟ هل للمسجد أم للرجل ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يلزم الوقف بمجرد نية صاحبه أنه وقف ، وإنما يلزم باللفظ [كهذا وقف] ، أو بالفعل الدال على أنه وقف ، كمن بنى مكاناً ثم أذن فيه للصلاة ، فهذا يدل على أنه أوقفه مسجداً .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (44/119 ، 120) :

"اختلف الفقهاء في لزوم الوقف ، فذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة في المذهب وأبو يوسف ومحمد من الحنفية إلى أن الوقف متى صدر ممن هو أهل للتصرف مستكملا شرائطه أصبح لازماً ، وانقطع حق الواقف في التصرف في العين الموقوفة بأي تصرف يخل بالمقصود من الوقف ، فلا يباع ولا يوهب ولا يورث ؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : (تصدق بأصله ، ولا يباع ولا يوهب ولا يورث) ، ولأن الوقف تبرع يمنع البيع والهبة والميراث فلزم بمجرد صدور الصيغة من الواقف كالعتق ، ويفارق الهبة فإنها تمليك مطلق ، والوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، فهو بالعتق أشبه ، فإلحاقه به أولى .

وعند أبي حنيفة : الوقف جائز غير لازم وللواقف الرجوع فيه حال حياته مع الكراهة ويورث عنه … ولكن الفتوى عند الحنفية على قول أبي يوسف ومحمد وهو اللزوم ، قال ابن عابدين نقلا عن "الفتح" : والحق ترجيح قول عامة العلماء بلزومه ؛ لأن الأحاديث والآثار متضافرة على ذلك ، واستمر عمل الصحابة والتابعين ومن بعدهم على ذلك ، فترجح قولهما" انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

"يزول الملك ويلزم الوقف بمجرد اللفظ به ؛ لأن الوقف يحصل به ، وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى : لا يلزم إلا بالقبض وإخراج الواقف له عن يده …. ثم استدل لصحة القول الأول فقال : "ولنا : ما رويناه من حديث عمر ، ولأنه تبرع يمنع البيع والهبة والميراث فلزم بمجرده كالعتق ، ويفارق الهبة ؛ فإنها تمليك مطلق ، والوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، فهو بالعتق أشبه ، فإلحاقه به أولى" انتهى .

"المغني" (6/208) .

وعليه :

فإن كان صاحب البيت ناوياً (مجرد نية) أن يجعل البيت وقفاً لله تعالى تابعاً للمسجد : فلا يلزمه جعله كذلك ، بل له الرجوع في نيته ، وأما إن صرَّح بالوقف بعد أن اشترى البيت فقال : إنه وقف لله تعالى : فلا يحل له الرجوع في الوقف ، بل يجب عليه أن يجعله وقفاً كما قال ، وإن كان قد وعد أهل المسجد بجعل البيت وقفاً لله تعالى تابعاً للمسجد فخير له أن يوفي بوعده ؛ فإن ذلك من عظيم أخلاق المسلمين .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إن سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد الله آل سعود وعد بمنح قطعة أرض بيضاء بجهة قرية "الضبيعة" ليبني عليها مدرسة ، غير أن تنفيذ ذلك مشروط بجواز رجوعه عن وعد سابق بمنحها ليبني عليها مسجد عيد ، وطلب سموه منا استشارة العلماء في ذلك ، هل يختار منحها لمسجد العيد وفاء بالوعد السابق ، أو منحها لوزارة المعارف لتقيم عليها مدرسة ؟ علماً بأن هناك حاليّاً مسجداً لصلاة العيد غربي "الضبيعة" .

فأجابوا :

"إن كان سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد الله آل سعود قد منح قطعة الأرض بالفعل ليقام عليها مسجد عيد فهي لمسجد العيد ، وليس له أن يرجع في منحته ، وإن كان الذي حصل منه  مجرد وعد بمنح قطعة الأرض ليقام عليها المسجد ، فخير له أن ينفذ ما وعد به وفاء بالوعد" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/93 ، 94) .

وانظر جواب السؤال رقم (125101) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android