0 / 0
16,53127/04/2001

زوَّجها أخوها من غير رضا الأب ثم وافق بعد سنة

السؤال: 13929

تزوجت منذ عام ، وقد كان أخي وليا عني ، لأن أبي كان يعارض تزويجي . وبعد مرور عام ، قبل والدي زواجي وهو سعيد بذلك . لكني أتريب أحيانا بخصوص صحة نكاحي وشرعيته .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً : نوجه نصيحة للآباء .

الواجب على الآباء البِدَار بتزويج من لهم ولاية عليهم من النساء إذا تقدَّم لخطبتهن أحد ، وكان كفؤاً ورضيت المرأة بذلك ، ومن يخالف ذلك فإنما هو مخالف لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إذا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ  ) رواه الترمذي ( النكاح/1004) وحسَّنه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (865 ) ، ولا يجوز عضلهن لأي غرض من الأغراض التي لم يشرعها الله ورسوله .

والعضل كما عرَّفه ابن قدامة قال : وَمَعْنَى الْعَضْلِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ التَّزْوِيجِ بِكُفْئِهَا إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ , وَرَغِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ . انظر المغني ج/7 ص/24 ، فينبغي على الأولياء التعجيل في تزويج مولياتهم وذلك لأن فيه حفاظاً لهن عن الوقوع فيما حرّمه الله ، وحتى لا يقع الولي أيضاً فيما حرّمه الله من الإثم بالعضل . والأَصْلُ أَنَّ عَضْلَ الْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلايَةُ تَزْوِيجِهَا مِنْ كُفْئِهَا حَرَامٌ ; لأَنَّهُ ظُلْمٌ , وَإِضْرَارٌ بِالْمَرْأَةِ فِي مَنْعِهَا حَقَّهَا فِي التَّزْوِيجِ بِمِنْ تَرْضَاهُ , وَذَلِكَ لِنَهْيِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ فِي قَوْلِهِ مُخَاطِبًا الأَوْلِيَاءَ : ( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُن َّ) البقرة/232

ثانيا :

الحكم في هذه المسألة له صورتان :

الصورة الأولى : إذا كان الوليّ الأقرب عاضلاً للمرأة ـ وتقدَّم تعريف العضل ـ فإنه يصح أن يزوِّج الولي الأبعد حتى مع وجود الأقرب لأنه يكون حينئذٍ لا ولاية له .

قال المرداوي : قَوْلُهُ ( وَإِنْ عَضَلَ الأَقْرَبُ زَوَّجَ الأَبْعَدُ ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ . وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأَصْحَابِ .. . وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله مِنْ صُوَرِ الْعَضْلِ : إذَا امْتَنَعَ الْخُطَّابُ مِنْ خِطْبَتِهَا , لِشِدَّةِ الْوَلِيِّ .

الإنصاف ج/5 ص/74

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَإِذَا رَضِيَتْ رَجُلا وَكَانَ كُفُؤًا لَهَا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهَا كَالأَخِ ثُمَّ الْعَمِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهِ , فَإِنْ عَضَلَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا , زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ الأَبْعَدُ مِنْهُ ..

الفتاوى الكبرى ج/3 ص/83  

قال ابن قدامة : إذَا عَضَلِهَا وَلِيُّهَا الأَقْرَبُ , انْتَقَلَتْ الْوِلايَةُ إلَى الأَبْعَدِ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ .. المغني لابن قدامة ج/7 ص/24

قال الشيخ ابن عثيمين : إذا منع الأب تزويج بنته لكفء فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى .

فتاوى إسلامية ج/3 ص/149

الصورة الثانية : إذا زوَّج الأبعد مع وجود الولي الأقرب ولم يكن الولي عاضلاً لها :

قال المرداوي : ( وَإِذَا زَوَّجَ الأَبْعَدُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِلأَقْرَبِ , أَوْ زَوَّجَ أَجْنَبِيٌّ : لَمْ يَصِحَّ ) الإنصاف ج/8 ص/82  .

وقال البهوتي : ( وَإِذَا زَوَّجَ الأَبْعَدُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بِلا قُرْبٍ ) لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ … لأَنَّ الأَبْعَدَ لا وِلايَةَ لَهُ مَعَ الأَقْرَبِ . كشَّاف القناع ج/5 ص/56 .

ويتفرَّع من هذه المسألة ، ما إذا أجاز الولي الأقرب هذا النكاح فما حكمه ؟

إن أجاز الوليّ الأقرب هذا النكاح هل تصحح إجازته النكاح أم لا ؟!

قال العلماء : مَسْأَلَةٌ : ( وَإِذَا زَوَّجَهَا مَنْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ , وَهُوَ حَاضِرٌ , وَلَمْ يَعْضُلْهَا , فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ ) . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامٍ ثَلاثَةٍ ; أَحَدُهَا , أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ الأَبْعَدُ , مَعَ حُضُورِ الْوَلِيِّ الأَقْرَبِ ,  فَأَجَابَتْهُ إلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ , لَمْ يَصِحَّ .

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ .

وَقَالَ مَالِكٌ : يَصِحُّ ; لأَنَّ هَذَا وَلِيٌّ , فَصَحَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا كَالأَقْرَبِ .

الْحُكْمُ الثَّانِي , أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَقَعُ فَاسِدًا , لا يَقِفُ عَلَى الإِجَازَةِ , وَلا يَصِيرُ بِالإِجَازَةِ صَحِيحًا , …وَالنِّكَاحُ فِي هَذَا كُلِّهِ بَاطِلٌ , فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ . وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ .

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى , أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى الإِجَازَةِ ; فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ , وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ فَسَدَ .

( إنْكَاحُ الْفُضُولِيِّ ) والفضولي :

وهو َفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ يُطْلَقُ الْفُضُولِيُّ عَلَى مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلا إذْنٍ شَرْعِيٍّ وَذَلِكَ لِكَوْنِ تَصَرُّفِهِ صَادِرًا مِنْ غَيْرِ مِلْكٍ وَلا وَكَالَةٍ وَلا وِلايَةٍ . الموسوعة الفقهية ج/32 ص/171

وقد اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إنْكَاحِ الْفُضُولِيِّ مِنْ غَيْرِ وِلايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ عَلَى أَقْوَالٍ منها :

لِلْحَنَابِلَةِ , وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ : هُوَ أَنَّ إنْكَاحَ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ لا تُؤَثِّرُ فِيهِ  إجَازَةُ الْوَلِيِّ . ( أي لا بد من إعادة العقد من جديد ) .

وَالثَّانِي : لأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ , وَأَبِي يُوسُفَ : وَهُوَ أَنَّ إنْكَاحَ الْفُضُولِيِّ صَحِيحٌ , لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ , فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ , وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ .

الموسوعة الفقهية ج/32  ص/175

والخلاصة : أن الزوج لو كان كفؤا لك ، ورفضه الأب ، كان عاضلا ، وصح تزويج أخيك لك .وأما إن كان غير كفؤ لك ، لفسقه وعدم صلاحه مثلا ، فزوجك أخوك ، ثم رضي الأب بعد ذلك وأجاز النكاح ، فالعقد صحيح عند بعض العلماء ـ كما رأيت ـ ، وإن كنتِ تريدين مزيداً من الاطمئنَانِ والخروج من خلاف أهل العلم فأعيدوا عقد النكاح ، ولا يلزم لذلك إلا الإيجاب من ولِّيك ـ وهو الأب ـ والقبول من الزوج ، وشهادة رجلين مسلمين .

ونسأل الله لك التوفيق .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الشيخ محمد صالح المنجد

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android