0 / 0
100,18916/04/2008

الحكَم الجليلة في تحريم الزنا

السؤال: 115486

عندي صديق يحاول أن يفهم لماذا حُرِّم الزنا ! كلانا يتصفح هذا الموقع ، لكن كل ما وجدناه هو أن هناك نصوصاً من الكتاب والسنَّة تخبرنا بعدم ارتكاب الزنا ، وأن العقوبة تنتظرهم ، على أية حال : هل يمكنكم أن تبيِّنوا الحكمة من عدم ارتكاب الزنا ؟ هل هناك أي مثال في القرآن يبين سبب جعله حراماً ؟ هناك أسباب واضحة مثل قطع البنية الاجتماعية ، وإيجاد نساء مومسات ، لكن هل هناك أي قصة في القرآن والحديث ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً : الواجب على المؤمن أن يمتثل حكم الله تعالى سواء عرف الحكمة أم لم يعرفها ، مع تسلميه بأن الله تعالى لم يشرع هذا الحكم إلا لحكم عظيمة ، تحقق المصلحة والخير للناس ، وتدفع عنهم الشرور والمفاسد .
قال الله تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون) النور/51 .
ومع ذلك … فلا مانع من أن يبحث المؤمن عن الحكمة حتى يزداد يقينه بكمال هذه الشريعة ، وأنها ـ حقاًّ ـ من عند الله تعالى ، وليستطيع بذلك مجادلة غير المسلمين ، وإقناعهم بأن هذه الشريعة حق .
ثانياً :
لقد حرم الله تعالى الزنا ، تحريماً قطعياً ، وأوجب على من ارتكبه عقوبة تقام عليه في الدنيا ، وهي الحد ، ولسنا بحاجة إلى ذكر بعض النصوص في ذلك ، لأنها معلومة ، ولكننا نذكر هنا بعض الحكم لتحريم الزنا .
فمن هذه الحكَم :
1. موافقة هذا التحريم للفطرة التي فطر الله الناس عليها ، من الغَيْرة على العِرْض ، وبعض الحيوانات تغار على عرضها ، فقد ثبت في صحيح البخاري (3849) عن عمرو بن ميمون الأودي قال : رأيت في الجاهلية قرداً زنا بقردة ، فاجتمع القرود عليها ، فرجموها حتى ماتت! .
فإذا كان القرد يغار على عرضه ، ويستقبح الزنا ، فكيف لا يغار الإنسان على عرضه ؟
فأي رجل يقبل أن يجعل زوجته أو ابنته أو أمه أو أخته متاعاً للناس وسلعة مجانية ، فقد رضي لنفسه أن ينزل عن مرتبة بعض الحيوانات ، كما يوجد الآن في بعض البلاد الغربية ما يسمونه بـ “نوادي تبادل الزوجات” !!
2. المنع من اختلاط الأنساب ، فمن أباح الزنا فإنما يبيح إدخال ما ليس من صلبه في أسرته وعائلته ، فيشارك أفراد الأسرة في الميراث وهو ليس منهم ، ويعاملهم معاملة المحارم وهو ليس محرماً لهم .
3. المحافظة على الأسرة والحياة العائلية فإن الزنا يُفسد البيوت ويدمرها ، فإذا اتخذ الزوج عشيقة ، أو اتخذت الزوجة عشيقاً ، فلا شك أن ذلك سيدمر الأسرة ويشتتها .
4. الحماية من الأمراض ، التي هي عقوبة ربانية على انتشار تلك الفاحشة ، ولا يخفى ما تعانيه كثير من الشعوب الإباحية من أمراضٍ خطيرة ، كالزهري والسيلان ، والإيدز الذي أفنى ملايين الناس ، وما يزال الملايين مصابين به ، ففي عام 1427 هجري ، الموافق 2006 م بلغ عدد المصابين بهذا المرض : 45 مليوناً ، وقد مات بسببه : 20 مليوناً، وحوالي 301 مليوناً نتيجة لأسباب مرتبطة بذلك المرض .
ويعتبر الإيدز السبب الرئيس للوفاة في أفريقيا ، والسبب الرابع للوفاة على مستوى العالم.
فأي عاقل يرضى بانتشار هذه الأمراض في المجتمعات؟
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا) . رواه ابن ماجه ( 4019 ) ، وحسنه الألباني في ” صحيح ابن ماجه ” .
وقد وقع ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
5. المحافظة على كرامة المرأة ؛ فإن إباحة الزنا يعني سلب المرأة كرامتها ، وجعلها سلعة مهانة ، والإسلام جاء لإكرام الناس ، وبخاصة المرأة ، بعد أن كانت في الجاهلية متاعاً يورَث ، ومحلاًّ للإهانة والتحقير .
6. المنع من انتشار الجرائم ، فالزنا من أسباب انتشار جرائم القتل وكثرتها ، فقد يقتل الزوج زوجته وعشيقها ، وقد يقتل الزاني زوج معشوقته أو من ينازعه عليها ، وقد تقتل المرأة من زنى بها ، إن كان قد زنا بها بالإكراه مثلاً .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
“ولمَّا كانت مفسدة الزنا من أعظم المفاسد ، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب ، وحماية الفروج ، وصيانة الحرمات ، وتوقي ما يوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس ، من إفساد كل منهم امرأة صاحبه ، وبنته ، وأخته ، وأمه ، وفي ذلك خراب العالم : كانت تلي مفسدة القتل في الكبَر ، ولهذا قرنها الله سبحانه بها في كتابه ، ورسوله صلى الله عليه وسلم في سننه ، قال الإمام أحمد : ” ولا أعلم بعد قتل النفس شيئاً أعظم من الزنا ” ، وقد أكد سبحانه حرمته بقوله : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاما * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما) الفرقان/68-70 .
فقرنَ الزنا بالشرك ، وقتل النفس ، وجعل جزاء ذلك : الخلود في النار في العذاب المضاعف المهين ، ما لم يرفع العبد موجب ذلك بالتوبة ، والإيمان ، والعمل الصالح ، وقد قال تعالى : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) ، فأخبر عن فُحشه في نفسه ، وهو القبيح الذي قد تناهى قبحه حتى استقر فحشه في العقول ، حتى عند كثير من الحيوانات” انتهى .
” الجواب الكافي ” ( ص 105 ) .

والله الموفق

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android