0 / 0

آثار الزواج المترتب على علاقة غير شرعية

السؤال: 106288

امرأة في عمر 27 سنة ، تقدَّم لها شخص للزواج ، وعارض أهلها ؛ للفرق التعليمي بينهما فقط ، علماً أن المرأة موافقة ، فتعاهد الرجل والمرأة على محاولة إقناع الأهل على الموافقة ، مع العمل من قبَل الرجل لتحسين المركز العلمي ، وعلى مدى أربع سنوات ناضل الرجل والمرأة لكي يحصلوا على الموافقة للحب الذي يجمعهم ، والذي تعاهدوا به أمام الله بألا يفترقوا أبداً ، والحمد لله جاءت موافقة الأهل ، وتم عقد القران بوجود الجميع الوالد ، والوالدة ، وأهله ، والشهود ، مبارك من الكل ، ولكن خلال الأربع سنوات الماضية تمت لقاءات محرَّمة بين الاثنين ! يشهد الله أن الاثنين لا يريدون أن يذكروها ، الحمد لله بعد الزواج استقاموا على حياة كريمة ، أنجبوا ، وأصبحت لهم عائلة طيبة ، واستقام الاثنان على الابتعاد عن كل ما يغضب الله ، ويسر لهم الله الذهاب إلى الحج ، وأداء العمرة عدة مرات ، وهم في محبة عظيمة – بفضل الله – إلى أن كان يوم ، وبعد عشرة سنوات ، سمعا على الراديو أحد الشيوخ يقول : إن من كانت له علاقة محرمة يجب أن يعلن توبته قبل الزواج ، وإلا فالنكاح باطل ، ومن هنا بدأت الشكوك ، هل هذا يطبق عليهم ، أي : هل يفسخ العقد أم لا ؟ وبعد هذه المدة الطويلة ، إذ منذ العقد لم يرتكبوا أي زلة في حق الله ، ويحاولون أن يجعلوا حياتهم صالحة ، ولا كان في حياة كل منهما شخص آخر ، ونظراً لبُعد الوقت فهم في حيرة من أمرهم ، إذ هل كان هناك ملامسة تستحق التعزير ، أم الحد ، ولكن الأكيد أن الدخول الكامل كان بعد الزواج ، أي : أنهم ليسوا متأكدين من وقوع الفاحشة إذ لم تكن هناك أي دلائل تشير لها ، فهل هما زانيان ؟ وتطبق عليهما ما جاء في سورة النور إذ تبينا معناها على مختلف التفاسير أن هذه الآية تدل على الأشخاص الذين يتخذون هذا السلوك دائماً ؟ . هذه باختصار المشكلة ، فهل يفسخ العقد أم لا ؟ وإذا تم هذا الأمر بدون معرفة ما هو مطلوب قبل الزواج ، فهل هم ملامون على عدم المعرفة ؟ ولما تم تذكره أن المرأة استحاضت بعد الزواج ، وقبل العقد أيضا ، ولكنها غير واثقة من التوقيت ، أي : قبله مباشرة أم قبل وقت أطول ، بقي شيء واحد : لو أن أحد الطرفين ارتكب وهو في سن ال 16 شيئاً من هذه القاذورات مع من هو أصغر سنّاً لفترة في عمر المراهقة وتوقف عن هذا الفعل سنين عديدة ، لم يفكر أن يفعله أبداً إلى أن التقى بالشخص الذي تزوج منه ، فهل يؤثر في الحكم على المشكلة الحالية ؟ أم يسترها ولا يذكرها ؟ . أرجو إفادتنا مع الحلول التي تجعلنا بعيدين عن ملاقاة الله ووجوهنا ذليلة أمامه بالمعاصي ، ولكن بقلوب علمت ما حرَّم الله ، وأصلحت طريقها إلى الآخرة ، ما نريد أن نعرف هل حياتهم الآن حلال أم حرام ؛ لأنه منذ علموا بالأمر وحياتهم تعكرها الوساوس بعدما كانا سعيدين . جزاكم الله كل خير .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قد ذكرنا بتفصيلٍ وافٍ ما يؤيد الذي سمعتموه من أن المسلم لا يحل له التزوج بزانية ، وأنها لا تتزوج بزانٍ إلا أن يتوب كلاهما ، وأن تستبرئ بحيضة قبل الزواج .
وينظر تفصيل ذلك في أجوبة الأسئلة : ( 87894 ) و ( 50508 ) و ( 85335 ) .
والذي نريد التحقق منه من الطرفين هو مسألتان مهمتان ، وعليهما يبنى الجواب :
الأولى : هل وقع الزنى بينهما ؟ ونعني به : الإيلاج ، وليس المماسة ، وقضاء الشهوة ، ولو تم الإنزال .
والثانية : هل حصلت توبة منهما قبل عقد النكاح ؟ .
وعلى ضوء هاتين المسألتين نستطيع الإجابة على تساؤلهما :
فإن وقع الزنى ، ولم تحدث منهما توبة : انطبق الكلام الذي سمعوه – وكذا الذي أحلناهما عليه – على حالهما .
وإن وقع بينهما زنى ، وكانا قد ندما وتابا : فإن نكاحهما صحيح ، ولا داعي للتشكك فيه .
وإن لم يقع الزنى منهما ، بل كانت علاقة مماسة ومباشرة ، ولم يحدث إيلاج : فإنهما لا يسمَّيان زانيين ، ولو حصل إنزال ، مع وجود الآثام العظيمة على تلك الأفعال ، لكن لا يسمى زنى إلا أن يكون فيه إيلاج الفرج في الفرج .
وعليه :
1. فعدم حصول الزنى ، أو حصوله مع التوبة : لا يحتاج معه إلى شيء ، بل يستمران على زواجهما ، وليكثرا من الأعمال الصالحة .
2. وإن كان حصل بينهما زنى ، ولم تحض قبل الزواج : فتكون زوِّجت قبل الاستبراء ، وهذا موجب لفسخ العقد .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – :
لا يجوز الزواج من الزانية حتى تتوب … وإذا أراد رجلٌ أن يتزوجها : وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح ، وإن تبين حملها : لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها .
" الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة " ( 2 / 584 ) .
ومثله عن علماء اللجنة الدائمة كما في " فتاواهم " ( 18 / 383 ، 384 ) .
3. وإذا حصل بينهما زنى ، ولم تصدر منهما توبة : فعليهما فسخ العقد ، واستبراؤها بحيضة ، وله أن يعيد العقد عليها ، خاطباً جديداً ، بعقد ومهرٍ جديدين .
وقد قلنا في الجواب الأخير مما أحلناك عليها :
" وعلى من ابتُلي بذلك ، وعقد النكاح قبل التوبة : أن يتوب إلى الله تعالى ، ويندم على ما فعل ، ويعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب ، ثم يعيد عقد النكاح مرة أخرى " .انتهى
4. وإذا كان لكما أولاد في زواجكما هذا : فإن الأولاد يُنسبون لأبيهم ؛ لأن ما حصل هو عقد شبهة ، وهو لم يكن يعلم بحرمة العقد – إن كان وقع الزنى ولم يتب منه – ، وهذا بخلاف الإنجاب من الزنا ؛ فإنه لا يثبت نسب الأولاد للزاني ، بل لأمهم .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الصحيح من أقوال العلماء : أن الولد لا يثبت نسبه للواطئ ، إلا إذا كان الوطء مستنداً إلى نكاح صحيح ، أو فاسد ، أو نكاح شبهة ، أو ملك يمين ، أو شبهة ملك يمين ، فيثبت نسبه إلى الواطئ ، ويتوارثان ، أما إن كان الوطء زنا : فلا يلحق الولد الزاني ، ولا يثبت نسبه إليه ، وعلى ذلك لا يرثه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 387 ) .
ومن يتأمل السؤال يجد عدم وضوح الحال من السائل ، فلا ندري وقع الزنا أم لا ، ولا ندري حصلت التوبة أم لا ، ولا ندري حاضت المرأة قبل النكاح أم لا ، وكل ذلك مؤثر في الجواب ، ولذا ذكرنا الإجابة على الوجوه كلها ، وحبذا أن يتم السؤال مباشرة مع أحد أهل العلم ليوقفه الرجل على حقيقة الحال ، أو يوضح متعلقات السؤال كاملة ، ونرجو أن يكون الجواب مُفهماً له ، ومغنياً عن الاستفسار والتوضيح .
على أن قول السائل في سؤاله : " ولكن الأكيد أن الدخول الكامل كان بعد الزواج ، أي : أنهم ليسوا متأكدين من وقوع الفاحشة إذ لم تكن هناك أي دلائل تشير لها " ، إن كان حقا كما يقول : من أن الزنى هنا غير مقطوع بحصوله ، والأكيد أن الدخول الكامل كان بعد الزواج ، فالجواب واضح مما ذكرنا من أن ذلك لا يؤثر في صحة النكاح والعقد شيئا ، ولا يحتاج إلى فسخ ولا عقد جديد ، ولا داعي لفتح باب الوسوسة في أمر زواجهما ، وإنما عليهما أن يتقيا الله تعالى فيما بقي ، وأن يجتهدا في العمل الصالح ، عسى الله أن يتوب عليهما ، ويبدل سيئاتهما حسنات : إنه كان غفورا رحيما .

والله أعلم
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android