0 / 0

يهدده بالانتحار إن لم يفعل به الفاحشة

السؤال: 93502

أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاماً ، وتربطني علاقة مع شاب بلغ من العمر 29 ، وعمر صداقتنا حوالي 10 سنوات تقريبا , في البداية كانت العلاقة على ما يرام ، ولم تكن هناك أي مشاكل ، وما إن وصل عمر صداقتنا إلى الخمس سنوات حتى انقلبت الدنيا على رأسي ، وبدأ صديقي يطلب مني أن يلامسني جنسيّاً ! ورفضت ، وقاومت ، رغم الضغوط التي واجهني بها ، وكنت أتحملها ، ولكن بعد فترة قام يهددني بالانتحار ، وبالفعل حاول فعلها مرات عديدة عندما رفضت الفعل الذي يريده ، ولكنني لم أصمد تجاه ما أراده ، فقد شاهدته يسكب البنزين ، ويشعل النار ، ويهددني ، ولولا رضوخي وبكائي لفعلها ! وبين كل فترة يعيد نفس الفعل ، ويقول لي هذه آخر مرة ، وأعدك بأن أترك هذا الفعل ، ولكن بعد فترة يخون ، ولا يترك الفعل المشين هذا ، وأقوم بمقاومته ، ولكن يواجهني بالانتحار ، فمرة يسكب الزيت لكي يحرق نفسه ، ومرة يشرب الغراء – مادة لاصقة – ، ومرة يريد أن يرمي نفسه من فوق المنزل ، ومرة بالسكين ….. الخ ، وكل مرة يقول : إني سأترك ، ولا يترك هذا الفعل ، فلا أعلم هل هو مريض نفسيّاً أو مصاب بسحر ، أو ، أو ، والعلم عندكم ، فأنا كرهته ، ولا أريد أن أصاحبه ، ولو لا تهديده بالانتحار لتركته ، ولكنه يهددني دائما بالانتحار ، ودائما يحاول أمام عيني أن ينتحر ، ولكنني أمتنع ، واخضع لطلباته الجنسية .
فأرجو منكم النظر في مشكلتي ، ومساعدتي في أقرب وقت ممكن ؛ لان التأخر قد يجعل حياته وحياتي في خطر .
أرجوك دكتور أن تعالجني .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إنا لله وإنا إليه راجعون ، من يعش في هذا الزمان يسمع ويرى عجباً ، ونحن في غاية العجب منك أخي السائل عندما تريد منا النصيحة والمشورة ، فهل ستظننا نوافق على أن تبذل عرضك لمجرم خسيس الهمة ، منتكس الفطرة ؟! وهل سننصحك بالبقاء معه ومصاحبته ؟! .
إن الذي يلزمك الآن ودون أدنى تردد أن تهجر هذا المجرم الخسيس ، وألا ترى عينك عينه.
واعلم أن ما فعلتَه من تسليم نفسك له منكر شنيع ، وكبيرة من كبائر الذنوب ، وأنه لا عذر لك في كونه سينتحر ، وهل حياة ذلك الخسيس أعظم عندك من عرضك ؟! إنه مستحق للقتل أصلاً من أول مرة فعل ذلك الفعل الشنيع ، ولو أنه انتحر وقتل نفسه لكان في ذلك إراحة للمجتمع من شره ، وإن كانت توبته أحب إلينا ، لكننا لا نراه حريصاً عليها ولا مهتما بها .
فاعلم أيها السائل أن هذا الرجل لو قتلك أنت فهو خير لك من مثل هذه الحياة التي تميتك في كل لحظة ، فكيف لا ترضى أن يكون المقتول هو نفسه ؟! .
قال ابن كثير رحمه الله :
ولأن يُقتل المفعول به خير من أن يُؤتى في دبره ؛ فإنه يُفسَد فساداً لا يُرجى له بعده صلاح أبداً ، إلا أن يشاء الله .
” البداية والنهاية ” ( 9 / 184 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
ولَأَن يقتل المفعول به خيرٌ له من أن يُؤتى ؛ فإنه يَفسد فساداً لا يرجى له بعده صلاح أبداً ، ويَذهب خيرُه كله ، وتمص الأرضُ ماء الحياء من وجهه ، فلا يستحيي بعد ذلك لا من الله ولا من خلقه ، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن .
” الجواب الكافي ” ( ص 115 ) .
وقال أيضاً:
وقتل المفعول به خيرٌ له من وطئه ؛ فإنه إذا وطئه الرجل قتله قتلاً لا تُرجي الحياة معه ، بخلاف قتله ؛ فإنه مظلوم شهيد ، وربما ينتفع به في آخرته .
” الجواب الكافي ” ( ص 119 ) .
لكن هذا لا يعني أن الله تعالى لا يقبل توبتك ، بل إننا نذكر لك هذا لنبين لك عظَم ما اقترفت من ذنب ، وقبح ما فعلتَ من معصية ، حتى إن بعض العلماء يقول بأنه لا يدخل الجنة مفعول به ! .
قال ابن كثير رحمه الله :
وقد اختلف الناس : هل يدخل الجنة مفعول به ؟ على قولين ، والصحيح في المسألة أن يقال : إن المفعول به إذا تاب توبة صحيحة نصوحاً ، ورُزق إنابةً إلى الله وصلاحاً ، وبدَّل سيئاته بحسنات ، وغسل عنه ذلك بأنواع الطاعات ، وغض بصره ، وحفظ فرجه ، وأخلص معاملته لربه : فهذا – إن شاء الله – مغفور له ، وهو من أهل الجنة ، فإن الله يغفر الذنوب للتائبين إليه ( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )الحجرات/11 ، ( فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/39 ، وأما مفعول به صار في كبَره شرّاً منه في صغره : فهذا توبته متعذرة ، وبعيدٌ أن يؤهل لتوبة صحيحة ، أو لعمل صالح يمحو به ما قد سلف ، ويخشى عليه من سوء الخاتمة ، كما قد وقع ذلك لخلقٍ كثيرٍ ماتوا بأدرانهم وأوساخهم ، لم يتطهروا منها قبل الخروج من الدنيا ، وبعضهم خُتم له بشرِّ خاتمة ، حتى أوقعه عشق الصور في الشرك الذي لا يغفره الله .
وفي هذا الباب حكايات كثيرة وقعت للوطية وغيرهم من أصحاب الشهوات ، يطول هذا الفصل بذكرها .
” البداية والنهاية ” ( 9 / 184 ) .
والواجب عليك بعد هجره بالكلية : أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة لا شائبة فيها ، ومن تمام توبتك البعد عنه محادثته ومراسلته ومشاهدته ، والواجب عليك – أيضاً – تحذير الذين يعرفهم ويصاحبهم من شره وكيده ، ولو بإخبار آبائهم وأهاليهم ، وليكن ذلك من غير طريقك لسببين : الأول : أن لا يتعرض لك بالأذى والضرر ، والثاني : أنه قد يتكلم في عرضك ، ويفضحك بين الذين تحذِّرهم منه ، وليس ذلك عنه ببعيد .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لتوبة صادقة ، وأن ييسر لك الهدى والتوفيق ، وأن يطهر قلبك وجوارحك من الإثم والعصيان .
وانظر جواب السؤال رقم (27176 ) ففيه أربع مسائل هي : قبح وشناعة فاحشة اللواط ، والآثار المترتبة عليها من حيث المخاطر الصحية ، وبيان سعة رحمة الله للتائبين ، وطرق العلاج لمن ابتلي بهذه الفاحشة .
والله الموفق

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android