0 / 0
2,55014/04/2023

الخاطب ذو أخلاق وسمعة طيبة، لكن ابتلي بمشاهدة المحرمات، فهل تقبله؟

السؤال: 440749

الخاطب إنسان طيب و سمعته و سمعة عائلته بين الناس طيبة من التزام و أخلاق.
لكن تم اكتشاف أنه ابتلي بمشاهدة الفواحش على الهاتف.
تمت مواجهته بذلك دون تجريح له، فلم ينكر أنه ذنب لابد من التوبة منه. لكن أمر زواجه قد طال عليه و هو يبحث عمن تناسبه فلم يجد و قد خاف على نفسه من الزنا، فلم يجد لنفسه حلا إلا أن يقع في حرام اتقاء حرام أكبر منه، و ذلك بحجة أن من يشاهد هذه المنتجات يصبح لا يتأثر بما هو في الشارع من سفور. و يصبح هذا السفور أمرا عاديا ليس من شأنه أن يثير. و لا شك أن هذا من تلبيس إبليس على العباد. و هو يقول أنه غير مدمن على هذه المشاهدات. و هو يريد الزواج كي ينقذ نفسه و يحصنها و يبتعد عن كل حرام.
و للعلم فالخاطب قد سبق له الزواج، و بعد الطلاق مباشرة بدأ في البحث الحثيث كي يتزوج. لكن مرت عليه بضع سنوات دون أن يحصل له نصيب. و ذلك لعدة أسباب كغلاء المهور و غير ذلك، فكانت النتيجة هي علة المشاهدات هذه.
و هو إنسان يتعظ بالنقاش معه في مختلف المواضيع، فلا يصر على رأيه إذا تبين له خطأه. أي أنه إذا تناقش في أي موضوع إما أن يُقنع الطرف الآخر أو أن يقتنع هو.
اتخاذ القرار من ناحية الاستمرار في هذا الطريق من عدمه صعب. فمميزات الخاطب الإيجابية كثيرة من دين و خلق و علم. لكن بلوى المشاهدات هذه محرمة و دليل على ضعف فيه يحتاج إلى تقوية و تزكية و تربية للنفس و هذه المشاهدات لا شك أنها معكرة للصفو و كاسرة للثقة و الأمان. إلا أنه لا ينكر أنه لابد من التوبة منها كما سبق لنا ذكر ذلك. لكنه يربط توبته بتمام الزواج و يرى فيه الحل. لكن الزواج لا ينهي مسألة المشاهدات هذه بالضرورة.
فماذا على الفتاة أن تقرر ؟ أشيروا علينا أثابنا و أثابكم الله.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا:

يعكس السؤال قدرًا كبيرًا من الوعي بأبعاد مشكلة الإباحية، ومراتب الناس في التورط فيها، فقد كنت حريصة على التأكد من دوافعه، وعلى سؤاله هل هو مدمن أم لا، وعلى معرفة نوعيته كشخص من جهة العناد أم الاعتراف بالخطأ، وأيضًا وهذه أهم نقطة: وعيك الكبير بأن الزواج لا يحل مشكلة الإباحية بالضرورة.

ثانيًا:

هناك قاعدة أساسية في المشكلات المتعلقة باتخاذ القرار، وهي أنه لا يمكن لأحد لا نحن ولا غيرنا أن يتخذ القرار بدلًا من صاحب المشكلة، والسؤال محمَّل برغبة عارمة في أن نتخذ القرار بدلًا منك، وللأسف هذا غير ممكن، لأنك أنت من ستتعاملين مع تبعات القرار ولسنا نحن؛ لأجل ذلك لابد أن يظل القرار داخل حدود مسؤوليتك.

والحياة مليئة بالغموض وعدم اليقين عند اتخاذ القرارات، ونحن نأخذ قرارتنا مع عدم ضمان مآلاتها، نبذل أحسن ما نستطيع عند اتخاذ القرار، لكن لا يمكننا أن نطلب أن يكون المآل مرضيًا لنا، أو أن تكون هناك ضمانة أننا اتخذنا القرار الصحيح، والصواب أن نعتبر خطأ اتخاذ القرار إن حدث؛ نوعًا من الابتلاء نصبر عليه، وألا نجلد أنفسنا ما دمنا قد بذلنا جهدنا، واستخرنا الله، واستشرنا من نثق به.

ثالثًا:

لا يخلو زواج من نقص، ولا زوج من عيب، القضية كلها تكمن في محاولتنا قياس قدرتنا على التعامل مع العيب والنقص الذي علمنا به قبل الزواج كما في حالتك.

ولكي نفكر تفكيرًا سليمًا هاهنا، لابد أن نفترض استمرار الخاطب في تعلقه بالإباحية بعد الزواج، لا يمكننا أن نفترض تعافيه من ذلك تماما، ولا أن نبني قرارنا على هذا الافتراض.

وبعد أن نفترض هذا الاستمرار، نحاول أن نقيس قدرتنا على التعامل مع هذا العيب، وألمه، واحتياجه للمجاهدة، فإن وجدنا أننا لا نطيق ذلك بحال؛ فلعله أن يكون الأفضل هو عدم الاستمرار في هذه الزيجة، وإن وجدنا أن لنا قابلية على مجاهدة ألم هذا العيب والنقص، في مقابل مميزات الخاطب؛ فهنا يترجح جانب الاستمرار في هذه الزيجة.

ثم هناك عامل آخر مؤثر في اتخاذ القرار الملائم لك، وهو مرحلة السنية، وفرصك في الزواج من غير هذا الخاطب، إن تم رفضه، وفرص العثور على من هو أمثل منه، وأكرم خلقا، وأسد حالا؛ نعم، كل هذا من أمر الغيب، وهو رزق بيد الله سبحانه، لكن المؤشرات العامة غالبا ما تفيد في تكوين غلبة  ظن في مثل ذلك.

وإن احترنا تماما، فلم نستطع أن نتبين رجحان أمر في ذلك، يعيننا على اتخاذ القرار الملائم؛ لم يبق إلا اتباع الحدس، والميل النفسي العاطفي، بعد استخارة الله جل جلاله، وسؤاله السداد والتوفيق لما فيه الخير والرشاد؛ فإن وجدنا الصدود وعدم الراحة هو الغالب علينا، ابتعدنا. وإن وجدنا الميل والإقبال هو الغالب علينا، استمرينا، وسألنا الله أن يعيننا على تبعات ذلك.

رابعًا:

إن كان القرار هو الاستمرار فأنت تحتاجين مزيجًا من إعانته على تجاوز البلاء، ودلالته على طرق التعافي، مع شيء من التغافل وعدم المراقبة، وعدم الحرص على معرفة هل ما زال يشاهد هذه الأمور أم لا؟ فشغل نفسك بالموضوع ومتابعته ومراقبته سيضرك، ويضر زواجك.

نسأل الله أن يُلهمك رشدك، وأن يعينك على اتخاذ القرار الأنسب لك ولحالك، وأن يعافي خاطبك من هذا البلاء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android