السابقالتالي
الفقه وأصوله
223

ما حكم العمل في برمجة بطاقات يتمكن بها المستخدم من شراء الطعام وقد يكون محرما؟

السؤال: 435718

أنا أعمل في شركة (***) كمبرمج كمبيوتر في فرنسا، هده الشركة تقوم بتوزيع تذاكر المطاعم للعمال في الشركات الأخرى بمختلف أنواعها، هذه التذاكر عبارة عن بطاقات إلكترونية يتم شحنها كل شهر مساهمة من طرف كلا من العامل بنصف المبلغ والشركة التي يعمل فيها بالنصف الآخر، بهذه التذاكر يمكن للعمال أكل وشرب كل أنواع الأطعمة في المطاعم حلالها وحرامها، أو شراء كل أنواع الأطعمة و الشراب حلالها وحرامها، فما حكم عملي في هذه الشركة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

لا حرج في برمجة وعمل بطاقات الكترونية للشركات، تمكن العامل من شراء الطعام بماله ومال شركته، ولا إثم على صانع البطاقة إذا استعملها العامل في شراء طعام محرم.

وذلك أن البطاقة في أصلها لا حرمة فيها، وهي وسيلة للتعامل، والعامل قد يستعملها في شراء الحرام أو الحلال، وهو أمر مجهول لصانع البطاقة.

فالمسألة مبنية على أصلين:

الأول: جواز بيع ما يستعمل في الحلال والحرام إذا جهل حال المشتري، وإلى هذا ذهب الجمهور.

قال ابن قدامة  رحمه الله في بيع عصير العنب لمن يتخذه خمرا: " فإنما يحرم البيع ويبطل، إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به، تدل على ذلك. فأما إن كان الأمر محتملا، مثل أن يشتريها من لا يعلم، أو من يعمل الخل والخمر معا، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر، فالبيع جائز" انتهى من "المغني" (4/ 168).

وقال الزركشي رحمه الله في "شرح مختصر الخرقي" (3/ 655): " وشرط البطلان على البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، أو بقرائن دلت على ذلك، أما إن ظن ذلك ولم يتحققه فإن البيع يصح مع الكراهة، قاله صاحب التلخيص.

وحكم ما كان وسيلة إلى المحرم كذلك، كبيع السلاح للبغاة، أو لأهل الحرب، أو الجارية للغناء، أو الأقداح والخبز والفواكه والمشموم والشموع لمن يشرب عليها المسكر، والبيض للقمار، والحرير لمن يحرم عليه، ونحو ذلك" انتهى.

وقال في "المبدع" (4/ 42): " (ولا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرا) قطعا؛ لقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة: 2]، وهذا معونة على الإثم فيكون محرما؛ ولا يصح؛ لأنه عقد على عين يقصد بها المعصية، أشبه إجارة الأمة للزنى أو للغناء.

والمذهب: إذا علم؛ أي: تحقق، وقيل: أو ظن، اختاره الشيخ تقي الدين" انتهى.

وقال ابن عابدين في حاشيته (6/ 391): " (قوله ممن يعلم) فيه إشارة إلى أنه لو لم يعلم، لم يكره، بلا خلاف. قهستاني" انتهى.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (9/ 210): " اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم، لم يكره بلا خلاف، كما ذكره القهستاني من الحنفية، وهو صريح كلام المرغيناني الآنف الذكر.

وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.

أما الشافعية فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمرا أو مسكرا، واختاره ابن تيمية.

أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم:

- فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة.

- ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه" انتهى.

وسئل علماء اللجنة الدائمة:"ما حكم الاتجار في زينة النساء وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع، كما يرى من حالها أمامه، وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟

فأجابوا:" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.

أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها، أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/ 67).

الأصل الثاني: أن الإعانة على المعصية إنما تحرم إذا كانت الإعانة مباشرة، أو كانت غير مباشرة لكنها مقصودة، أي يقصد أن يعينه على المعصية.

فإذا كانت الإعانة غير مباشرة ولا مقصودة، فإنها لا تحرم.

وصانع البطاقة لا يقصد أن يعين العامل على شراء المحرم، ولا يبيعه سلعة قد تستعمل في الحرام، بل يبيع شركته بطاقة يستعملها العامل في الشراء، فلا مباشرة، بل هي إعانة بعيدة بمراحل.

وينظر في ضابط الإعانة على المعصية: جواب السؤال رقم: (247586).

والحاصل:

أنه لا حرج عليك في برمجة هذه البطاقات.

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android