0 / 0
4,30809/02/2023

هل تلزمه الدية والكفارة إذا تسبب في موت أبيه أثناء العناية به في المستشفى، وهل يرث من أبيه؟

السؤال: 408883

السؤال:

اعتنيت بوالدي أثناء مرضه، وكنا في المستشفى، وأثناء ذلك أصابه صعوبة في التنفس، فأعلمت الممرض، فأتى، وقام بحقنه بمادة لا أدري ما هي؛ لأنني لست طبيبا، واتصلت بأختي الطبيبة، وأخبرتها بالأمر ، فقالت لي: أن أغير مصفي الأكسجين، و لأن الذي كان لديه سيء، فلم أكن أعرف ذلك، فطلبت من الذي كان يرعى المريض في الفراش المقابل بأن يفعل، ففعل، وأنا غيرت الماء الذي في الصفاية، ولكن تلك الصفاية لم يكن التدفق فيها كافيا، وأنا في ذلك الوقت ظننت أن الأمر عادي، وعاد أبي للتنفس بصعوبة، فقمت بإخبار الممرض، فقال لي: إنه سيعود كما هو، ثم اتصلت كذلك بأختي فأخبرتني أنها ستأتي لاحقا، وأنا قمت بالقيام بالفحوصات التي أعرفها من سكر، ونسبة الأكسجين في الدم، ولكن أبي قبل أن يجد صعوبة في التنفس في أول مرة أخبرني أن به دواراً، والدوار كنت أعرف أنه من الضغط، ولكن في ذلك الحين لم أكن أعرف كيف أتصرف، ولم تأتني الفكرة، المهم تحسن أبي بعد الحقنة الأولى للممرض مدة من الزمن، ثم بعد ذلك مع تغيير الصفاية عاد إلى التنفس بصعوبة، أتت أختي بعد مدة من الزمن، وقامت بتعديل جهاز الأكسجين، وكان أبي يتنفس بصعوبة، ولكنه واعٍ، وأتى الطبيب، وقمنا بقياس الضغط فوجده مرتفعا، فقاموا بحقنه بمادة لإخفاضه، ومواد أخرى، ومع كل تلك الحقن توفي أبي رحمه الله تعالى، وأنا أرى أنني من تسبب في قتله؛ لأنني لم أتأكد من أن صفاية الأكسجين كانت تعمل كما يجب، وأنا كنت أراه لا يتنفس جيدا، ولكن لم أدرِ ما أفعله.
فماذا علي؟ وهل علي الكفارة والدية؟ وهل محرم علي الميراث منه؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

نسأل الله تعالى أن يرحم والدك وأن يغفر له وأن يجمعكم به في جنات النعيم.

ثانيا:

الذي يظهر أنه لا يلزمك شيء في ذلك، وأن ما قمت به لم يكن هو السبب في وفاة والدك، والذي يظهر أن والدك كانت حالته حرجة، وأنه مات بسبب مرضه، ولو كانت وفاته سببها خطأ طبي، سواء كان منك أو من المسؤولين عن التمريض، لذكرت ذلك أختك، أو تكلم عنه أحد من الأطباء المباشرين للحالة.

والأصل براءة ذمة المكلف، وأنه لا تشغل ذمته بشيء من الحقوق، لا من الديات، ولا أروش الجنايات، ولا نحو ذلك؛ إلا ثبت سبب شغلها بذلك بيقين، أو ظن غالب معتبر.

وأما أن تشغل الذمة بمجرد الشك والوسواس، فهذا لا يجوز، وهو فتح لأبواب الشكوك والوساوس، وسوء حال العبد.

وقد سئل الشيخ ابن باز، رحمه الله: "

امرأة نامت وبجوارها طفلتها، وبعد اليقظة وجدتها ميتة، فماذا عليها؟".

فأجاب:

"إذا كانت لم تتيقن أنها ماتت بسببها فليس عليها شيء؛ لأن الأصل براءة الذمة من الواجبات، ولا يجوز أن تشغل إلا بحجة لا شك فيها.

أما إن تيقنت موتها بسببها فعليها الدية والكفارة، لأن هذا القتل في حكم الخطأ، والواجب في ذلك عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، أما الإطعام فليس له دخل في كفارة القتل" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (22/327).

والذي يظهر أن السبب فيما تشعر به: هو حالة الحزن الذي تمر به، وشعورك أن الأسباب أو التدابير الطبية لم تكن كافية لحال المريض، وهو شعور يصيب كثيرا من الناس في مثل هذه الأحوال.

ومثل هذه الشكوك أو المشاعر لا ينبني عليها شيء، ولا يلزم عنها حقوق، أو واجبات.

وإنما المرجع في ذلك إلى الأطباء، ومتى شهدت لجنة من ثلاثة أطباء بأن سبب الوفاة هو خطؤك، أو إهمالك، أو إهمالك غيرك، كان ذلك الحق في ذمة المتسبب، ولزمه ما يلزم عن القتل خطأ من دية، وكفارة.

ومتى لم يشهدوا بذلك، فالأصل براءة الذمة كما سبق، وإذا كان قد تم دفنه، ولم يتحقق سبب وفاته قبل الدفن، ولا قال الأطباء ذلك: فليس عليكم أن تفتشوا عنه، فالأصل أنه مات كما يموت غيره؛ وإذا حصل شك في سبب الوفاة، لم يلزمكم شيء؛ لأن الأصل براءة الذمة.

قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/15) : " مسألة : في امرأة نامت بقرب ابنها أو غيره فوجد ميتا " ثم ساق بإسناده : " عن إبراهيم النخعي في امرأة أنامت صبيها إلى جنبها فطرحت عليه ثوبا فأصبحت وقد مات ؟ قال : أحب إلينا أن تكفر … عن إبراهيم أنه قال : في امرأة غطت وجه صبي لها فمات في نومه ؟ فقال : تعتق رقبة .

قال أبو محمد : إن مات من فعلها، مثل أن تجر اللحاف على وجهه، ثم ينام ، فينقلب، فيموت غما، أو وقع ذراعها على فمه، أو وقع ثديها على فمه، أو رقدت عليه وهي لا تشعر: فلا شك أنها قاتلته خطأ؛ فعليها الكفارة، وعلى عاقلتها الدية، أو على بيت المال.

وإن كان لم يمت من فعلها: فلا شيء عليها في ذلك، أو لا دية أصلا.

فإن شكت أمات من فعلها أم من غير فعلها ؟ فلا دية في ذلك ، ولا كفارة ؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه ، ثم على شك : أمات من فعلها أم لا ؟

والأموال محرمة إلا بيقين ، والكفارة إيجاب شرع ، والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع ، فلا يحل أن تُلزم غرامة ، ولا صياما ، ولا أن تلزم عاقلتها دية بالظن الكاذب ، وبالله تعالى التوفيق " انتهى.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (277240) وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (285812)

وينظر في اعتبار شهادة ثلاثة أطباء: جواب السؤال رقم: (175020).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android