0 / 0

لو أكرهت المرأة على الكفر أو الاغتصاب فماذا تقدم؟

السؤال: 344514

هل البنت في الإكراه علي الكفر مثل الولد، يعني هل الأفضل لها أن تتمسك بدينها حتي لو ماتت؟ وماذا إذا أدى ذلك إلي اغتصابها، فهل تترك دينها خوفا من الاغتصاب أم لا؟

ملخص الجواب

1. لا فرق في الإكراه بين الرجل والمرأة، فلو أكرهت المرأة على الكفر، وهددت بالقتل، جاز لها النطق بالكفر، أو إيثار القتل، وإيثار القتل أفضل. 2. إذا أكره الإنسان على الكفر إكراها معتبرا، جاز له أن ينطق بكلمة الكفر، مع اطمئنان قلبه بالإيمان، وجاز له أن يصبر على القتل والأذى، وهو أفضل. 3. لو كان الإكراه للمرأة بالاغتصاب، أي إما أن تكفر وإما أن تغتصب، فإنه يجوز لها النطق بالكفر، والظاهر أنه الأفضل هنا، وربما كان المتعيّن؛ لأنها لو اغتصبت، لم يمكن تدارك حرمة العرض التي تنتهك بالاغتصاب، بخلاف النطق بكلمة الكفر ظاهرا، فإنه متى كان القلب مطمئنا بالإيمان، ونطق بذلك تحت الإكراه، لم يكن عليه إثم، ولم تفت حرمة بمجرد النطق الظاهر، بل رخص الشرع في النطق بذلك، حتى فيما هو أخف من شناعة الاغتصاب. وينظر مزيد التفصيل في الجواب المطول  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هل يجوز التلفظ بكلمة الكفر إذا أكره اإنسان عليها؟

إذا أكره الإنسان على الكفر إكراها معتبرا، جاز له أن ينطق بكلمة الكفر، مع اطمئنان قلبه بالإيمان، وجاز له أن يصبر على القتل والأذى، وهو أفضل.

قال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  النحل/106.

قال ابن بطال رحمه الله في "شرح البخاري" (8/ 296): "أجمع العلماء أن من أكره على الكفر فاختار القتل: أنه أعظم أجرًا عند الله ممن اختار الرخصة" انتهى.

والإكراه المعتبر هو الإكراه الملجئ لصاحبه على قول تلك الكلمة. 

جاء في "الموسوعة الفقهية" (22 / 182): "والإكراه نوعان: نوع يوجب الإلجاء والاضطرار طبعاً، كالإكراه بالقتل، أو القطع، أو الضرب الذي يخاف فيه تلف النفس، أو العضو، قلَّ الضرب أو كثر.

وهذا النوع يسمَّى "إكراهاً تامّاً". 

ونوع لا يوجب الإلجاء والاضطرار، وهو الحبس أو القيد، أو الضرب الذي لا يُخاف منه التلف، وهذا النوع من الإكراه يسمَّى "إكراها ناقصاً". انتهى.

وينظر للفائدة حول الإكراه وشروطه: أحكام الإكراه في الفقه الإسلامي

ولا نعلم فرقا في ذلك بين الرجل والمرأة، فلو أكرهت المرأة على الكفر، وهددت بالقتل، جاز لها النطق بالكفر، أو إيثار القتل، وإيثار القتل أفضل.

قال ابن قدامة رحمه الله (9/ 25):

"ومن أكره على كلمة الكفر، فالأفضل له أن يصبر ولا يقولها، وإن أتى ذلك على نفسه؛ لما روى خباب، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: إن كان الرجل من قبلكم ليحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بمنشار، فيوضع على شق رأسه، ويشق باثنين، ما يمنعه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم، ما يصرفه ذلك عن دينه.. وجاء تفسير قوله تعالى: قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود [البروج 4- 7] أن بعض ملوك الكفار، أخذ قوما من المؤمنين، فخد لهم أخدودا في الأرض، وأوقد فيه نارا، ثم قال: من لم يرجع عن دينه فألقوه في النار. فجعلوا يلقونهم فيها، حتى جاءت امرأة على كتفها صبي لها، فتقاعست من أجل الصبي، فقال الصبي: يا أمه اصبري، فإنك على الحق." انتهى.

لو أكرهت فتاة على الكفر أو الاغتصاب فماذا تقدم؟

وأما لو كان الإكراه بالاغتصاب، أي إما أن تكفر وإما أن تغتصب، فإنه يجوز لها النطق بالكفر، والظاهر أنه الأفضل هنا، وربما كان المتعيّن؛ لأنها لو اغتصبت، لم يمكن تدارك حرمة العرض التي تنتهك بالاغتصاب، بخلاف النطق بكلمة الكفر ظاهرا، فإنه متى كان القلب مطمئنا بالإيمان، ونطق بذلك تحت الإكراه، لم يكن عليه إثم، ولم تفت حرمة بمجرد النطق الظاهر، بل رخص الشرع في النطق بذلك، حتى فيما هو أخف من شناعة الاغتصاب. 

ثم لعل هذا ألا يخلصها من الكفر، فيعيدون الطلب عليها؛ بخلاف النطق بالكفر فإن في اختياره تخلصا من الإكراه على الكفر، وأمنا من معاودة الطلب.

والقاعدة في الشريعة أنه ترتكب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما. فنطقها بالكفر إذا كان يوجب تركها وعدم التعرض لها، أقل مفسدة من اغتصابها وبقائها تحت احتمال معاودة الإكراه على الكفر.

وهذا إذا كان نطقها بالكفر ينجيها ويخلصها من أيديهم، بخلاف ما لو كانت أسيرة عندهم، وإذا كفرت، أجبرت على ترك الفرائض، وتزوجها واحد منهم، فوقع نفس محذور الاغتصاب.

قال ابن قدامة رحمه الله: "روى الأثرم، عن أبي عبد الله [أحمد بن حنبل]، أنه سئل عن الرجل يؤسر، فيعرض على الكفر، ويكره عليه، أله أن يرتد؟

فكرهه كراهة شديدة، وقال: ما يشبه هذا عندي الذين أنزلت فيهم الآية من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – أولئك كانوا يرادون على الكلمة، ثم يتركون يعملون ما شاءوا، وهؤلاء يريدونهم على الإقامة على الكفر، وترك دينهم.

وذلك لأن الذي يُكره على كلمة يقولها، ثم يُخَلَّى: لا ضرر فيها.

وهذا المقيم بينهم، يلتزم بإجابتهم إلى الكفر المقام عليه، واستحلال المحرمات، وترك الفرائض والواجبات، وفعل المحظورات والمنكرات، وإن كان امرأة تزوجوها، واستولدوها أولادا كفارا، وكذلك الرجل، وظاهر حالهم المصير إلى الكفر الحقيقي، والانسلاخ من الدين الحنيفي" انتهى من "المغني" (9/ 25).

وقال العز ابن عبد السلام رحمه الله:

"إذا اجتمعت المفاسد المحضة: فإن أمكن درؤها، درأنا. وإن تعذر درء الجميع، درأنا الأفسد فالأفسد، والأرذل فالأرذل. 

فإن تساوت، فقد يُتوقف، وقد يُتخير، وقد يختلف في التساوي والتفاوت. 

ولا فرق في ذلك بين مفاسد المحرمات والمكروهات." انتهى من "قواعد الأحكام" (1/ 93).

وينظر للفائدة جواب السؤال: حكم الدفاع عن العرض

والظاهر أنها مسألة افتراضية، نسأل الله السلامة والعافية، ولو انشغل الإنسان بتعلم ما يحتاجه كان أولى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android