0 / 0
24,95323/06/2021

هل كان الخضر وليا أو نبيا؟

السؤال: 332928

سؤالي يخص سيدنا الخضر الذي ظهر في قصة سيدنا موسى عليه السلام، أنا أعلم أن العلماء أجمعت على وفاته، وسؤالي هو: هل كان الخضر نبيا أو وليا؟

ملخص الجواب

1. اختلف العلماء في الخضر هل هو ولي أم نبي، على التفصيل المذكور في الجواب المطول 2. مات الخضر ولم يدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا قبله في الزمان الذي سبق مبعثه، فإنه كان قد مات قبل ذلك بكثير، كحال أهل زمانه. ​

الجواب

أولًا:

هل الخضر ولي أو نبي؟

اختلف العلماء في الخضر هل هو ولي أم نبي، قال "ابن تيمية" "والخضر إما نبيٌّ، أو من أتباع الأنبياءِ، وعلى التقديرين فعليه أن يُؤمنَ بمحمدٍ ويَنصُرَه، ومعلوم أن ذلك لو وقعَ لكان مما تَتوفَّر الدَّواعي والهِمَمُ على نقلِه، فقد نَقَلَ الناسُ مَن آمنَ بمحمدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – من الأحبارِ والرُّهبان، فكيف لا يُنقَل إيمانُ الخضرِ وجهادُه معه، لو كان قد وقعَ؟

وقولُ من قال: "الخضر كان حيًّا في حياته"، بمنزلةِ قولِ من يقولُ: "يُوشَع بن نُون كان حيًّا، أو بعضُ أنبياءِ بني إسرائيل كإلياسَ"؛ وهذا باطلٌ لمقدمتين:

إحداهما: لو كانَ حيًّا، لوجبَ عليه أن يُؤمنَ به ويُهاجِرَ إليه ويُجاهِدَ معه.

والثانية: أنَّ ذلك لو وقعَ، لتوفَّرتِ الدواعيْ والهِمَمُ على نقلِه.

وإذا كانَ هارونُ ونحوُه تبعًا لموسى، وكان أنبياءُ بني إسرائيلَ تبعًا لموسى، فكيفَ لا يكون الخضرُ ونحوُه، إنْ قُدِّرَ نبوتُه تبعًا لمحمدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الذي ما خَلَقَ الله خلقًا أكرمَ عليه منه، وما تَلَقَّوه عن الله بواسطةِ محمد – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أفضلُ مما تَلَقَّوه بغيرِ واسطةِ موسى.

وأيضًا فإنَ النبيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قد أخبرَ بنزولِ المسيح ابنِ مريمَ آخرَ الزمانِ، وذكرَ أنه يَحكُمُ فينا بكتاب الله وسنة رسوله، والمسيحُ أفضلُ من الخضرِ، فلو كان الخضرُ حَيًّا، لكان يكونُ مع محمدٍ، ومع المسيحِ ابنِ مريمَ"، انتهى من"جامع المسائل – المجموة الخامسة" (134 – 135).

ثانيًا:

للأنبياء من المنزلة والعلم ما ليس للأولياء

على القول بنبوة الخضر، فإن للأنبياء من المنزلة والعلم ما ليس للأولياء، وإن كان وليًا فقد يكشف الله لبعض أوليائه بعض المغيبات.

ولم ينكر أحد من أهل السنة والجماعة أن الاطلاع على بعض الغيب، والإخبار عن بعض المغيبات: يمكن أن يقع لأحد العلماء والصالحين على وجه الكرامة، ولم نقف على من ينفي ذلك من المتقدمين، بل ما زالت كتب العقائد وأبواب الكرامات في مصنفات العلماء تتناقل حكاية إخبار أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ببعض المغيبات، كإخبار أبي بكر بجنس الحمل الذي كان في بطن زوجته، كما في "موطأ مالك" (2/752)، ونداء عمر بن الخطاب القائد سارية ليتحصن بالجبل، كما رواه اللالكائي (1/120) وغيرها من الحوادث المشهورة.

وينظر جواب السؤال رقم : (217253).

وهؤلاء هم سادة أولياء الله، قال ابن تيمية: "وليس لأولياء الله وعباده الصالحين زيٌّ مخصوصٌ يتميَّزون به على غيرهم في الظاهر، لا حلقُ رأس، ولا لبسُ صوفٍ أو شَعر، ولا اعتزالٌ في المنزل دائمًا، ولا تركُ مخالطة الناس دائمًا، ولا غير ذلك من الأمور التي هي غير مستحبَّةٍ في الشريعة.

بل ولا من خصائصهم أو لوازمهم لزومُ شيءٍ معيَّن مستحبٍّ في الشريعة، ولا الزهدُ في فضول المباح، ولا صوم الاثنين والخميس، ولا صلاة الضحى، ولا التسوُّك، ولا غير ذلك.

بل أولياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، من جميع أصناف الناس، وتقوى كلِّ شخصٍ بحسب ما أمره الله تعالى به ونهاه.

فولاة الأمور تقواهم في العدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحكم بالكتاب والسُّنَّة، بحسب الإمكان.

وتقوى التاجر أن يكون صدوقًا أمينًا، مع ما يلزمه من الواجبات في غير تجارة.

فكلُّ من آمن الإيمانَ الذي أمره الله تعالى به، واتقى الله التقوى التي أمره الله تعالى بها، فهو من أولياء الله تعالى، سواء كان من العلماء، أو الأجناد، أو الزهَّاد، أو التجَّار، أو الصُّنَّاع.

فإن الله لما ذكر القُرَّاء في القرآن، الذين هم أهلُ الدين والعبادة، قال تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ [المزمل: 20].

ومعنى قول من قال: إن لم يكن العلماء العاملون أولياء الله فما لله تعالى وليٌّ، أي: أنهم من أولياء الله، أو من خير أولياء الله، أو من كبار أولياء الله. لا أن يكون أولياء الله مخصوصين بهم، كما ليسوا مخصوصين بغيرهم.

ويكونون في الفقراء والأغنياء، وفي العبيد والملوك، وغيرهم، كما كان أصحابُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذين فيهم سادة الأولياء، وعمدة الأصفياء، من المهاجرين والأنصار." انتهى من "جامع المسائل – المجموعة التاسعة" (49).

ثالثًا:

هل أدرك الخضر زمان النبي عليه الصلاة والسلام؟

مما تقرر يتبين أن الخضر عليه السلام قد مات، ولم يدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا قبله في الزمان الذي سبق مبعثه، فإنه كان قد مات قبل ذلك بكثير، كحال أهل زمانه. 

وليس في دعوى بقائه حيا إلى زمان النبي صلى الله عليه وسلم، فضلا عما بعده من أزمان: سوى الدعاوى من برهان من قائلها، وأحسن حال قائلها: أن يكون قد شبه، والتبس عليه الأمر.

ثم ينبغي أن يعلم أنه: "ليس في دعوى الاجتماع بالخَضِر فائدةٌ في دين المسلمين، سواءٌ كانت صدقًا أو كذبًا، ذلك أنه لا يُرْجَعُ إلى الخَضِر، ولا إلى من يَنْقُل عن الخَضِر من غير طريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ في شيءٍ من دينهم.

والصواب موت الخَضِر قبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه لم يُدْرِك زمنَه، ولا رآه، ولا ذكر أحدٌ من الصَّحابة أنه كان موجودًا.

وأن كلَّ من ذكَر أنه حيٌّ، فإن كان صادقًا فهو مُلَبَّسٌ عليه؛ وإن كان كاذبًا، كان من أهل الإفك المستحقِّين التعزير".

"جامع المسائل، لابن تيمية – المجموعة التاسعة" (13، 55 – 61).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android