0 / 0
4,01104/04/2023

هل يجوز أن يكون رأس مال شركة المضاربة من العروض؟

السؤال: 315728

والدي تاجر، ويمتلك ٣ محلات، أدرت أحدهم مقابل راتب ثابت، وبعد ٣ سنوات أصبحت عليم بهذه التجارة، وعملنا اتفاقا آخرا، وهو: أن تكون التجارة بيني وبينه علي سبيل المضاربة، هو برأس المال، وهو عبارة عن بضاعة معلوم ثمنها، ونقود، ومكان العمل، أما أنا بالعمل فقط، على أن تكون نسبة الربح بيني وبينه مناصفة، فهل الاتفاق صحيح؟

ملخص الجواب

القول الأقرب جواز المضاربة والشركة بالعروض، بشرط تقويمها عند بدء المضاربة، وتقويمها عند انتهائها.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اشترط جمهور الفقهاء في المضاربة أن يكون رأس المال نقدا، فلا تصح عندهم المضاربة بالعروض.

وذهب بعض الحنابلة إلى الجواز، وهو رواية عن أحمد رحمه الله.

قال ابن قدامة في “المغني” (5/13): “ولا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير، فإنهما قِيَم الأموال، وأثمان البِياعات، والناس يشتركون بها من لدن النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى زمننا من غير نكير.

فأما العروض، فلا تجوز الشركة فيها، في ظاهر المذهب. نص عليه أحمد، في رواية أبي طالب وحرب. وحكاه عنه ابن المنذر.

وكره ذلك ابن سيرين، ويحيى بن أبي كثير والثوري، والشافعي وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي…

وعن أحمد رواية أخرى، أن الشركة والمضاربة تجوز بالعروض، وتُجعل قيمتها وقت العقد رأس المال.

قال أحمد: إذا اشتركا في العروض، يُقسم الربح على ما اشترطا.

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن المضاربة بالمتاع؟ فقال: جائز.

فظاهر هذا صحة الشركة بها. اختار هذا أبو بكر، وأبو الخطاب. وهو قول مالك، وابن أبي ليلى. وبه قال في المضاربة: طاوس، والأوزاعي، وحماد بن أبي سليمان؛ لأن مقصود الشركة جواز تصرفهما في المالين جميعا، وكون ربح المالين بينهما، وهذا يحصل في العروض كحصوله في الأثمان، فيجب أن تصح الشركة والمضاربة بها، كالأثمان. ويرجع كل واحد منهما عند المفاصلة بقيمة ماله عند العقد، كما أننا جعلنا نصاب زكاتها قيمتها” انتهى.

وفي “موسوعة فقه المعاملات” (1/405 ترقيم الشاملة) : “تجوز المضاربة باتفاق الفقهاء إذا كان رأس المال نقدا رائجا، لأن النقود هي قيم الأشياء وأصول الأثمان وتصح المضاربة بها لكونها ثابتة القيمة , وتمنع حصول المنازعات إذ يتحدد بها رأس المال وكذلك الربح الزائد عن رأس المال بطريقة جلية دون حزر أو ظن خلافا للعروض التي قد ترتفع أو تنخفض قيمتها فيتضرر أحد الطرفين عند تقويمها وتحدث المنازعات.

أما إذا كان رأس المال من العروض، فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك:

فلا يجوز عند الحنفية والمالكية والشافعية جعل العروض – مثلية أو قيمية – رأس مال المضاربة لأن قيمة العروض غير ثابتة وهى عرضة للزيادة والنقصان، وذلك مما يؤدي إلى عدم التمكن من تقدير رأس المال بدقة عند تصفية المضاربة وهو ما ينتج عنه جهالة الربح وقت القسمة , فقد تقوم العروض:

– بأكثر من قيمتها الحقيقية، وهو ما يؤدي إلى اختصاص رب المال بجزء من الربح زائد عما شرط له.

– بأقل من قيمتها، وهو ما يؤدي إلى أخذ المضارب جزءا من رأس المال.

وكلا الأمرين ممنوع في المضاربة.

هذا وقد أجاز الحنفية المضاربة بثمن العروض بعد بيعها، فيكون رأس مال المضاربة هو ثمن العروض.

أما عند الحنابلة، فإنه تجوز المضاربة بالعروض وذلك بأن تقوم عند العقد وتجعل قيمتها المتفق عليها رأس مال المضاربة بحيث يعيد المضارب هذه القيمة نقدا عند انتهاء المضاربة.

وبهذا القول فإنه لن يكون هناك اختصاص لرب المال بجزء من الأرباح زائدا عما شرط له , أو أخذ المضارب لجزء من رأس المال لأن اتفاق الطرفين هو رد المضارب قيمة ما أخذه من العروض عند التعاقد (وليس قيمة العروض عند التصفية). وهذا يقطع النزاع ويقلل الغرر لأن الفرق في رأس المال (العروض) بين قيمتها وقت الدخول في المضاربة ووقت تصفيتها زيادة أو نقصا يكون هو ما حققته المضاربة ربحا أو خسارة

– ففي حالة ارتفاع قيمة العروض يوم التصفية عن قيمتها يوم العقد، فإن الطرفان يشتركان في الفرق ما بين القيمتين بالقدر المتفق عليه.

– أما في حالة انخفاض قيمة العروض يوم التصفية، فإنه يتم جبر رأس المال بمقدار هذا الانخفاض من الأرباح المتحققة لأن الربح وقاية لرأس المال أو يتحمل رب المال هذه الخسارة عند عدم تحقق أرباح لأن المضارب لا يتحمل من الخسارة شيئا سوى خسارة جهده وعمله” انتهى.

وجاء في “المعايير الشرعية”، ص 195: ” الأصل أن يكون رأس مال الشركة موجودات نقدية، يمكن بها تحديد مقدار رأس المال، لتقرير نتيجة المشاركة من ربح أو خسارة.

ومع ذلك: يجوز – باتفاق الشركاء – الإسهام بموجودات غير نقدية (عُروض)، بعد تقويمها بالنقد لمعرفة مقدار حصة الشريك” انتهى.

وجاء فيها ص 212: ” مستند جواز أن يكون رأس مال الشركة موجودات غير نقدية (عروض) بعد تقويمها: أن مقصود الشركة جواز تصرف الشريكين في المالين جميعاً، وكون ربح المالين بينهما، وهذا يحصل في العروض كحصوله في الأثمان، فيجب أن تصح الشركة والمضاربة بها، كالأثمان. ويرجع كل واحد منهما عند المفاصلة بقيمة ماله عند العقد، وهو مذهب المالكية والحنابلة” انتهى.

وما عزي فيها إلى مذهب المالكية فيه نظر؛ فإن مذهبهم منع المضاربة بالعروض، وجواز الشركة بها.

ومذهب الحنابلة: المنع كذلك، وإنما القول بالجواز هو رواية عن أحمد، وقول لبعض الحنابلة.

والذي يظهر هو رجحان القول بجواز المضاربة والشركة بالعروض، بشرط تقويمها عند بدء المضاربة، وتقويمها عند انتهائها.

وإذا كان مع العروض نقود، فلا حرج.

قال الشيخ أبو عمر الدبيان: “أرى أن القول بجواز الشركة في العروض أقوى من القول بالمنع، وإذا كان المالكية رحمهم الله يجوزون أن يكون رأس مال الشركة من العروض، كان عليهم أن يقولوا بجواز ذلك في المضاربة من باب أولى؛ لأن الشركة في العروض سوف تجعل العروض شركة بين الشركاء، بينما في عقد المضاربة تنحصر الشركة في الربح خاصة، ورأس المال يبقى ملكًا لرب المال، فكان نصيب العامل في مقابل عمله، وليس شريكا في رأس المال، والله أعلم” انتهى من “المعاملات المالية المعاصرة” (14/ 368).

وانظر في شروط المضاربة: جواب السؤال رقم: (122622). 

والحاصل:

أنه يجوز لك العمل في مال والدك، على سبيل المضاربة ، والربح على ما تتفقان عليه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android