لدينا موقع على الإنترنت لبيع الذهب المصنع، وقد احترنا في الطريقة الشرعية لعملية البيع ، مع العلم إن العميل يكون لدية حساب في الموقع في حال شرائه للقطعة تدخل في حسابه، ثم نقوم بعملية الشحن فما صحة الرأي الذي يقول : إن من بين خطوات الشراء إضافة شرط توكيل العميل لشركة الشحن باستلام الذهب نيابة عنه، ويكون هناك رقم تسلسلي لتتبع الشحنة في حال الدفع ببطاقة الفيزا أو التحويل البنكي؟ وماذا نفعل في حالة الدفع عند الاستلام هل نقوم بتوكيل شركة الشحن باستلام المبلغ نيابة عنا؟ وماذا نفعل في حالة كان عامل التوصيل يعمل لدينا خاصة في الأماكن القريبة، حيث يقوم أحد المندوبين بتوصيل الذهب ؟ وهل شراء الذهب عن طريق الإنترنت يعتبر من الوعد غير الملزم أم يعتبر عقدا ؟ وماهي الطريقة الأنسب؟ وماهي الاشتراطات التي يجب توفرها لجواز عملية البيع والشراء؟
بيع الذهب عبر شبكة الانترنت
السؤال: 305478
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587).
وفي رواية: ( … وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا ).
رواه أبو داود (3349)، والنسائي (4563)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: ” وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير مسلم بن يسار المكي وهو ثقة عابد ” انتهى من”إرواء الغليل” (5 / 195).
والأوراق النقدية: تأخذ حكم الذهب والفضة، لاشتراكها معهما في علة جريان الربا وهي “الثمنية”، فيجب عند بيع الذهب بالنقود أن يتحقق التقابض في مجلس العقد، ولا يجوز تأخير أحدهما.
جاء في القرار السادس من الدورة الخامسة للمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة:
” بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة، وبناء على أن علة جريان الربا فيهما هي مطلق الثمنية، في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة.
وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل.
وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنًا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تقوم الأشياء في هذا العصر؛ لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها، ويحصل الوفاء والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية.
وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية لذلك كله؛ فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، يقرر: أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعيه، فضلاً، ونسيئًا، كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا؛ باعتبار الثمنية في العملة الورقية، قياسا عليهما ” انتهى من “قرارات المجمع الفقهي الإسلامي” (ص 101 – 102).
ثانيا:
الوكالة في الصرف ( كبيع الذهب بالنقود): جائزة.
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:
” أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوكالة في الصرف جائزة.
فلو وكل رجل رجلا يصرف له دراهم، ووكل آخر يصرف له دنانير فالتقيا وتصارفا صرفا ناجزا: أن ذلك جائز وإن لم يحضر الموكلان أو أحدهما ” انتهى من “الإشراف” (8 / 312).
لكن يشترط في الوكالة ما سبق ذكره من شرط التقابض في مجلس العقد.
وكذلك يجوز للبائع أن يعقد بيع الذهب بالنقود، ويوكل غيره في استلام الثمن؛ لكن بشرط أن يقبض الوكيل في مجلس العقد قبل انصراف موكله -البائع- الذي تولى عقد البيع.
وكذا يجوز للمشتري أن يعقد عقد شراء الذهب، ويوكل غيره في استلام البضاعة؛ لكن بشرط أن يقبض الوكيل البضاعة في مجلس العقد قبل انصراف موكله -المشتري- الذي تولى عقد الشراء.
فالمطلوب: أن يتم القبض للبضاعة وللثمن في مجلس العقد، قبل تفرق الذين قاموا بعقد البيع.
جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (26 / 352):
” ذهب جمهور الفقهاء: إلى أنه تصح الوكالة بالقبض في الصرف…
فإذا عقد، ووكل غيره في القبض، وقبض الوكيل بحضرة موكله في مجلس العقد: صح. وهذا عند جمهور الفقهاء: (الحنفية والشافعية والحنابلة وهو الراجح عند المالكية ) ” انتهى.
وقال أبو الوليد الباجي المالكي رحمه الله تعالى:
” الوكالة في المراطلة بالذهب والمبادلة [يعني : بيع الذهب بالذهب] .
ومن شرط صحتها: أن يتولى قبض العوض فيها مَنْ عقدها، فإن عقد هو الصرف، ووكل من يقبض، أو وكل من يصرف ويقبض هو، فابن المواز حكى عن مالك لا يجوز شيء من ذلك، وهذا إذا فارق الذي عقد الصرف قبل أن يقبض الآخر؛ لأن من عقد الصرف قد فارق من صارفه قبل القبض، وإنما يراعى في فساده مفارقة العاقد قبل القبض ” انتهى من “المنتقى” (4 / 257).
فإن تعاقد البائع والمشتري، ثم تفرقا قبل قبض وكيل المشتري للبضاعة، أو قبل قبض وكيل البائع الثمن: بطل العقد؛ لتخلف شرط “يدا بيد”.
جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (26 / 352):
” وإن افترق الموكلان -البائع والمشتري-… قبل القبض، بطل الصرف، افترق الوكيلان أو لا، فالمعتبر في الافتراق المخل للصرف: هو افتراق العاقدين، لا الوكيلين ” انتهى.
والطريقة التي ذكرتها من توكيل المشتري لشركة الشحن لقبض البضاعة؛ لا يتحقق معه شرط قبض البضاعة في مجلس العقد؛ لأن شركة الشحن تتسلم البضاعة – كما هو معلوم ومتعارف عليه- بعد اكتمال التعاقد وتفرق المتعاقدين – البائع والمشتري- ربما بساعات وربما بأيام.
ومجرد متابعة المشتري لرقم شحن البضاعة، لا يعدّ استمرارا لمجلس العقد لا حقيقة ولا حكما.
وبناء على هذا فالاقتراح الصحيح؛ هو أن تبيعوا الذهب في المناطق التي يمكن لوكيلكم الخاص الوصول إليها، وعلى هذا:
يكون تواصل العملاء عبر موقعكم للمواعدة فقط على شراء الذهب، ويحدد العميل ما يرغب في شرائه من غير إلزام بالشراء.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
” والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة، وفي بيع الفضة بالفضة، وفي سائر الأصناف الأربعة، بعضها ببعض: جائز تبايعا بعد ذلك، أو لم يتبايعا؛ لأن التواعد ليس بيعا.
وكذلك المساومة أيضا جائزة، تبايعا أو لم يتبايعا؛ لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك ” انتهى من”المحلى” (7 / 465 – 466).
ثم يوصله وكيلكم إليه، فإن رضي العميل بالبضاعة، ينوب عنكم وكيلكم في عقد البيع، وتسليم البضاعة، وقبض الثمن.
وبالنسبة للمناطق البعيدة، التي لا يصل إليها مندوبكم، فإن استطعتم التعاقد مع شركة شحن تكون وكيلا لكم في إنشاء عقد البيع، عند وصولها للمشتري، وتسليم البضاعة، وقبض الثمن من العملاء، يدا بيد، فهذا هو التعامل الصحيح.
وإلا، فلا يصح الذهب أو الفضة، مع تأخر قبض السلعة، أو الثمن عن مجلس العقد.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب