0 / 0
10,82730/12/2018

عمتها ترفض الكلام معها، فكيف تتصرف؟

السؤال: 297153

في الأساس ، قررت عمتي فجأة أن أمي قالت شيئاً عن أمها ـ جدتي بعد أن كانت قريبة جداً منّا ، وكنا على علاقة جيدة معها ، الآن توقفت عمتي عن التحدث مع أمي ، وتتجاهلني أنا وأختي ، الواقع أن أمي لم تقل أيّ شيء ، وحاولنا توضيح ذلك ، لكنها لم تصغ إلينا ، سؤالي : هل إذا رأيت عمتي ما زال عليّ أن أكلمها؟ هل ما زال عليّ أن أتواصل معها حتى لو لم تستجيب؟ أم يجب أن أتركها ولا أتحدث معها ، لأنني أعرف كيف أصبحت تشعر حقّا تجاهنا ، ولأنها لا تتحدث مع أمي؟ أشعر أنه من الصواب أن أحاول القيام بذلك من جانبي ، لكنني أشعر أن ذلك ليس عدلا بحق أمي ، لماذا يعاملها الناس دائمًا بشكل سيء ، وهي التي لا تقول أيّ شيء لأحد على الرغم من سوء معاملتهم ، أنا حقا لست متأكدة إلى أين أقف ، هل من الصواب أن استمر في التحدث إلى عمتي حتى لو تمّ تجاهلي 1000 مرة ؟ هل يجب أن أحاول دائمًا ؟ أمي لا تمانع من أن أسلّم على عمتي إذا رأيتها ، وأكلمها ، أمي ليست امرأة سيئة على الإطلاق ، لكن هل سيكون هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي أن أعمله ، بينما هم يعاملون أمّي وكأنها بغير اعتبار ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

صلتك لعمتك مع أنها مقاطعة لكم؛ هو من حقيقة صلة الرحم التي حث عليها الشرع.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا   رواه البخاري (5991).

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

” اعلم أن المكافئ : مقابل الفعل بمثله.

والواصل للرَّحم ، لأجل الله تعالى : يصلها تقربا إليه ، وامتثالا لأمره ، وإن قطعت .

فأما إذا وصلها حين تصله : فذاك كقضاء دين .

ولهذا المعنى قال: ( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ ) – الْكَاشِح: الْمُبْغِضُ الْمُعَادِي -، وهذا لأن الإنفاق على القريب المحبوب مشوب بالهوى ، فأما على المبغض فهو الذي لا شوب فيه ” انتهى من “كشف المشكل” (4 / 120 – 121).

وصلة العمة من صلة الأرحام الواجبة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” وصلة الأرحام : واجبة بالإجماع ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (29 / 186).

وينبغي للمسلم أن يتنبه إلى أنه إذا وصل أقاربه وهم مقاطعون له، فهو مأجور، وهم آثمون، وهو في موقف كريم ، يشعر به هؤلاء الأقارب ولو كتموه، والله تعالى معينه عليهم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ( أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ؟

فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم (2558).

قال النووي رحمه الله تعالى:

” (تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ ) الْمَلُّ: الرماد الحار…

ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار؛ وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم ، بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن ، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه… ” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (16 / 115).

ثانيا:

إذا كانت هذه العمّة تعرض عن الكلام معك، فهذا ليس عذرا لمقاطعتها؛ بل تبادرين أنت بصلتها؛ ولا تقطعي ذلك ، إلا إذا كان في المواصلة معها ضرر وأذى عليك؛ كأن تقابلك في كل مرة بسب وشتم ، وكلام مؤذ، ففي هذه الحال اكتفي بإلقاء السلام عليها؛ لكي لا تقعي في الهجر المحرم.

عن أَبِي أَيُّوب الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ   رواه البخاري (6077)،ومسلم (2560).

قال ابن رشد رحمه الله تعالى:

” وعن الرجل يهاجر الرجل ، ثم يبدو له فيسلم عليه ، من غير أن يكلمه في غير ذلك ، وهو مجتنب لكلامه هل تراه قد خرج من الشحناء؟

قال -ابن القاسم -: سمعت مالكا يقول: إن كان مؤذيا له : فقد برئ من الشحناء .

قال ابن القاسم: وأرى إن كان غير مؤذ له أنه غير بريء من الشحناء …

قال الإمام القاضي: معنى قول مالك وابن القاسم: إن المسلم يخرج من الشحناء : إن كان المسلَّم عليه مؤذيا للذي ابتدأ بالسلام ، ولم يضر الذي ابتدأ بالسلام تركه لكلام المؤذي .

وإن كان المسلم عليه غير مؤذ للذي ابتدأ بالسلام : فلا يخرج الذي ابتدأ بالسلام سلامه من الشحناء ، حتى يكلمه ؛ إذ لا عذر له في ترك كلامه ” انتهى من “البيان والتحصيل” (10 / 60).

ولا يلزمك أن تكرري كلامها ، والسلام عليها كلما قابلتِها ، مع إعراضها عنك ، بل يكفيك في هذا أن تحاولي معها حتى تري إصرارها على المقاطعة ، فحينئذ لا يلزمك أن تكرري المحاولة معها ، وإن كان هذا هو الأحسن والأفضل ، لعل قلبها يلين يوما ما .

أما إذا كانت عمتك تكلمك ولا تقاطعك ، وإنما هي تقاطع والدتك فقط ، فينبغي أن تتكلمي معها، وتحاولي الإصلاح بينها وبين والدتك ، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في شيء من الكذب من أجل الإصلاح بين الناس ، وذلك لما يترتب عليه من مصلحة ولا مفسدة فيه ، فلا حرج عليك أن تقولي لها : إن أمي تذكرك بالخير .. ونحو ذلك ، وتقولي الكلام نفسه لوالدتك ، فلعل الله أن يجعلك سببا للإصلاح بينهما .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android