0 / 0
51,82918/02/2019

هل يلزمها طاعة زوجها إذا أمرها بعدم مراجعة القرآن حال وجوده في المنزل ؟

السؤال: 290885

صديقتي مشاركة بحلقة تحفيظ قرآن عن طريق الجوال ، والحمدلله مستمرة ، مشكلتها مع زوجها ، أنها لما تختلي بنفسها لمدة ساعه لمراجعة القرآن ، يقول : لست راض عنك ، مع أنها لم تقصر بحقه ، ولا بحقوق أبنائه ، وتختار الوقت بعد ما تنهي جميع الأشغال ، ومع ذلك يقول : لست راض عنك ، فما حكم استمرارها بحفظ القرآن ؟

ملخص الجواب

يجوز للزوجة أن تحفظ القرآن وتراجعه مع رفض الزوج ذلك ما دامت لا تقصر في أداء حقوقه ؛ إذ ليس للزوج أن يمنعها من ذلك ، ولكن إن أمرها الزوج بترك ذلك حال وجوده في المنزل فقط ؛ لرغبته في الجلوس معها وقتا أطول أو نحو ذلك ، فحينها ينبغي عليها إن تطيعه وتؤجل المراجعة لوقت غيابه عن المنزل أو وقت نومه وراحته أو نحو ذلك .  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

يجب على المرأة طاعة زوجها ؛ لما له من حق القوامة عليها ، قال تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ   النساء/34 .

قال ابن كثير رحمه الله : ” وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( الرجال قوامون على النساء ) . يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله ، حافظة لماله .

وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” (2/293) .

ويستثنى من وجوب طاعة المرأة لزوجها أمران :

الأمر الأول : أن يترتب على طاعته الوقوع في المعصية ، إما بترك واجب أو فعل محرم ، ففي هذه الحال لا يجوز للمرأة طاعة زوجها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :  لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ  رواه البخاري ( 6830 ) ، ومسلم ( 1840 ) .

الثانية : أن يترتب على طاعة الزوج حصول الضرر على المرأة ، أو تضييع لحقوقها ، ففي هذه الحال لا يجب عليها طاعة زوجها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ  رواه ابن ماجة (2340) وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .

وينظر جواب السؤال رقم : (97125​).

ثانيا:

من حقوق المرأة على زوجها أن يعينها على طاعة الله تعالى ، وأن لا يمنعها من فعل ما يقربها من ربها ما دام لا يؤثر ذلك على حقه عليها ، ومن ذلك أن يتركها تتعبد لله تعالى بحفظ كتاب الله ومراجعته .

وقد روى البخاري (900) ، ومسلم (442) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :   لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ   .

قال الحافظ ابن رجب: ” الزوج منهيٌ عن منعها إذا استأذنته ، وهذا لا بد من تقييده بما إذا لم يخف فتنةً أو ضرراً . وقد أنكر ابن عمر على ابنه لما قال له : “والله لنمنعهن” ، أشد الأنكار ، وسبه ، وقال له : تسمعني أقول : قال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتقول : لنمنعهن؟! ” انتهى من “فتح الباري” لابن رجب (8/ 53).

وجاء في فتاوى “اللجنة الدائمة” (7/332) : ” يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في المساجد ، وليس لزوجها إذا استأذنته أن يمنعها من ذلك، ما دامت مستترة ، ولا يبدو من بدنها شيء مما يحرم نظر الأجانب إليه ؛ لما رواه ابْنَ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ )…” انتهى.

هذا مع ما فيه من خروجها من البيت ، وانتظارها إقامة الصلاة ، وقد تطول مدة ذلك؛ ولا شك أن حفظ المرأة للقرآن في بيتها، أو اشتغالها بما ينفعها من علم ، أو ذكر ، أو عبادة : أولى بأن ينهى الرجل عن منعها منه ، بعد أن لا تفرط فيما يجب من حقه ، وحق أولاده .

وليعلم الزوج أن حفظ زوجته لكتاب الله تعالى سيعود بالبركة على البيت ومن فيه ، وبالنفع على أولاده ؛ لأن الأطفال غالبا يتعلمون ويحفظون من حفظ أمهم ، وهذا سيوفر على الزوج جهدا كبيرا في تعليم أولاده القرآن ، إذ تكون الزوجة قد تكفلت بهذا .

ويعود بالنفع على الزوج أيضًا ؛ إذ إن تعلم القرآن وفهمه يزيد من الإيمان ، وتتعلم المرأة منه أحكام الدين ، وإذا زاد إيمان المرأة وعرفت أحكام دينها ؛ زاد حرصها على طاعة زوجها ، وحسن تبعلها ومعاشرتها له ؛ لعلمها أن ذلك من طاعة الله تعالى .

ولكن ربما لا يقصد الزوج منع زوجته من حفظ القرآن ومراجعته بالكلية ، وإنما يقصد منعها من ذلك حال وجوده في المنزل فقط ؛ لأنه يريد أن يجلس معها وقتا أطول أو نحو ذلك ، فحينها ينبغي عليها أن توازن بين حاجة الزوج إلى زوجته ، وحاجته إلى الأنس بها ، فتطيعه وتؤجل مراجعة القرآن لوقت غيابه عن المنزل ، أو وقت نومه وراحته ، أو نحو ذلك .

وإذا قدر أنه لا حاجة بالزوج إلى زوجته في وقت ما ، وكانت تعلم أن انشغالها هذا الوقت يغضبه ، أو يثير مشكلة في البيت ، فالذي ننصحها به أن تكون حكيمة في إدارة بيتها ، والترفق بزوجها ، ولا تعين الشيطان عليه ؛ فتجعل ذلك الوقت إلى ما لا بد لها من عمله في بيتها ، ومراعاة أولادها ، وحق زوجها ، ليكون وقتها فارغا ، إذا خرج زوجها لعمله ، أو حاجات الرجل خارج بيته : تفرغ هي لكتاب ربها ، فتقرأ ، وتراجع ، وتحفظ ، من دون إثارة مشكلات ، ولا تعكير لصفو البيت ، ولا إعانة للشيطان على أهله . وقد قال الله تعالى، منبها لعباده على أهمية الحكمة في الأمر كله :  يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ  البقرة/269 .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android