0 / 0
26,16806/11/2019

الرد على القائلين بأن عورة المرأة أمام محارمها هي ما بين السرة إلى الركبة.

السؤال: 290202

أي دليل يعتمدونه من قالوا : بأن عورة المرأة أمام محارمها ما فوق السرة إلى ما تحت الركبة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

هذا هو قول بعض الشافعية ، وقد خالفوا جمهور العلماء بقولهم : يجوز للرجل أن ينظر إلى ما فوق السرة ودون الركبة من محارمه إذا أمن الفتنة ولم تتحرك شهوته .

واستدلوا لذلك بدليلين أثري ونظري  :

فالدليل الأثري :

قوله تعالى  وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ  النور/31.

وقالوا : إن الزينة في الآية، مفسرة بما سوى ما بين السرة والركبة  .

والدليل النظري :

قالوا : لأنه لا يحل له نكاحها بحال، فجاز له النظر إلى ذلك كالرجل مع الرجل .

قال العمراني الشافعي  :

“ويجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة من ذوات محارمه، وكذلك يجوز لها النظر إليه من غير سبب ولا ضرورة، لقوله تعالى : (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن) الآية.

وفى الموضع الذى يجوز له النظر إليها منها وجهان حكاهما المسعودي :

أحدهما :

وهو قول البغداديين من أصحابنا: أنه يجوز له النظر إلى جميع بدنها، إلا ما بين السرة والركبة، لأنه لا يحل له نكاحها بحال؛ فجاز له النظر إلى ذلك، كالرجل مع الرجل.

والثاني :

وهو اختيار القفال أنه يجوز له النظر إلى ما يبدو منها عند المهنة ، لأنه لا ضرورة به إلى النظر إلى ما زاد على ذلك” انتهى من “البيان” (9/129)  .

وقال الخطيب الشربيني :

“(ولا ينظر من محرمه ما بين سرة وركبة) منها ؛ أَيْ: يَحْرُمُ نَظَرُ ذَلِكَ إجْمَاعًا .

(وَيَحِلُّ) ، بِغَيْرِ شَهْوَةٍ : نَظَرُ (مَا سِوَاهُ) ، أَيْ : الْمَذْكُورِ ، وَهُوَ مَا عَدَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَعْنًى يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُنَاكَحَةَ ؛ فَكَانَا كَالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، فَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْمَحْرَمِ…

(وَقِيلَ): إنَّمَا يَحِلُّ نَظَرُ (مَا يَبْدُو) مِنْهَا (فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى النَّظَرِ إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِمَا يَبْدُو فِي الْمَهْنَةِ: الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْعُنُقُ، وَالْيَدُ إلَى الْمِرْفَقِ، وَالرِّجْلُ إلَى الرُّكْبَةِ” انتهى من “مغني المحتاج” (4/210).

ثانيا :

وأما الاستدلال بالآية ، فالجواب عنه بأن الآية نصت على إباحة إظهار ما يبدو غالبا ، ويشق معه التحفّظ ، بسبب كثرة المخالطة والمداخلة، فلا يصح الاستدلال بها على أكثر من ذلك من إبداء البطون والظهور وغيرها .

فالآية تنهى عن إظهار الزينة الباطنة إلا للمحارم، والمراد بالزينة : مواضعها، لا الزينة نفسها؛ فلا يبدين أعناقهن ولا رؤوسهن ولا سواعدهن وأعضادهن ، ولا يطرحن مؤونة التحفظ ، إلا مع محارمهن.

ومن تأمل سياق الآية وما أمرت به ، علم أن الترخيص إنما جاء لرفع الحرج عما يظهر غالبا من المرأة في بيتها.

قال ابن عطية:

“المعنى في هذه الآية: ولا يقصدن ترك الإخفاء للزينة الباطنة ، كالخلخال والأقراط ونحوه ، ويطرحن مؤونة التحفظ ؛ إلا مع من سُمّي” انتهى من “المحرر الوجيز” (4/179).

وقال ابن عاشور :

” لِشِدَّةِ الْحَرَجِ فِي إِخْفَاءِ الزِّينَةِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَإِنَّ الْمُلَابَسَةَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهَا وَأَصْهَارِهَا الْمُسْتَثْنَيْنَ، مُلَابَسَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ؛ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُ زِينَتِهَا فِي أَوْقَاتِهَا، كَانَ ذَلِكَ حَرَجًا عَلَيْهَا”.

وقال ابن قدامة :

“وَيَحُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ إلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، كَالرَّقَبَةِ وَالرَّأْسِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَا يَسْتَتِرُ غَالِبًا، كَالصَّدْرِ وَالظَّهْرِ وَنَحْوِهِمَا.

قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْد اللَّه عَنْ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إلَى شَعْرِ امْرَأَةِ أَبِيهِ، أَوْ امْرَأَةِ ابْنِه؟

فَقَالَ: هَذَا فِي الْقُرْآنِ: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)؛ إلَّا لِكَذَا وَكَذَا .

قُلْت: يَنْظُرُ إلَى سَاقِ امْرَأَةِ أَبِيهِ وَصَدْرِهَا ؟

قَالَ: لَا ، مَا يُعْجِبُنِي .

ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ إلَى مِثْلِ هَذَا، وَإِلَى كُلِّ شَيْءٍ لِشَهْوَةٍ” انتهى من “المغني” (7/98).

وينظر جواب السؤال : (82994) .

وأما القياس على نظر الرجل إلى الرجل، بجامع حرمة المناكحة، فقياس مع الفارق الكبير في خشية الفتنة ومواقعة المحظور، واعتياد انكشاف هذه الأجزاء من قبل الرجال في مواطن كثيرة، بعكس النساء في ذلك تماما.

قال ابن قدامة معللا تحريم النظر إلى ما لا يظهر غالبا من المحارم :

“وَمَا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا: لَا يُبَاحُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى نَظَرِهِ، وَلَا تُؤْمَنُ مَعَهُ الشَّهْوَةُ وَمُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ، فَحُرِّمَ النَّظَرُ إلَيْهِ” انتهى من “المغني” (7/98).

ولو قيل بجواز النظر إلى ما فوق السرة، قياسا على نظر الرجل إلى الرجل، بجامع حرمة المناكحة؛ لاقتضى ذلك جواز نظر الرجل إلى ما سوى السوأتين من محرمه، عند من يقول بأن الفخذ ليس بعورة، ولا يخفى بطلان هذا القول ، وما فيه من الشر والفساد .

ومعلوم عند ذي كل فطرة مستقيمة: أن انكشاف صدر الرجل وبطنه ليس كانكشاف ذلك من المرأة.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android