0 / 0
8,28812/05/2018

مسألة في أصول الفقه : هل الأمر يقتضي الإجزاء ؟

السؤال: 288392

سؤالي يتعلق بمسألة في كتاب “روضة الناظر” في مسألة اقتضاء الأمر الإجزاء أم لا ، حيث استدل أصحاب الرأي الثاني بأن الحج الفاسد يأمر بالمضي فيه مع وجوب القضاء ، فرد عليهم ابن قدامة ـ رحمه الله تعالى ـ ، ومن ضمن رده قال : والمفسد لحجه لا يقضي الفاسد ، إنما هو مأمور بحج خال عن الفساد ، آمل منكم توضيح هذه العبارة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

إذا جامع الحاج امرأته قبل التحلل الأول فسد نسكه، ولزمه المضي في حجه ، والاستمرار فيه، ويجب عليه أن يقضيه في العام التالي ، مع ذبح بدنة يذبحها في القضاء وتوزع على فقراء الحرم .

وينظر جواب السؤال : (119134) .

فيجب عليه أن يستمر في حجه ، مع أنه لا يجزئه ولا تسقط به الفريضة ، بل لا تزال ذمته مشغولة بها .

ثانياً:

الصحيح أن الأمر يقتضي الإجزاء ، وهذا هو مذهب جمهور السلف والخلف .

وخالف بعضهم ، فقالوا : إن الأمر لا يقتضي الإجزاء ، ولا يمتنع وجوب القضاء ، مع حصول الامتثال .

واستدلوا لقولهم : بأن “الحج الفاسد مأمور بالمضي فيه مع وجوب القضاء” .

وبيان استدلالهم من وجهين :

الوجه الأول: أن الحج الفاسد مأمور بالمضي فيه ، وهو مع ذلك غير مجزئ .

الوجه الثاني: أن الإجزاء يعني سقوط القضاء ، فلو كان الأمر يقتضي الإجزاء، لسقط قضاء الحج الفاسد .

ورد عليهم ابن قدامة بقوله :

“والمفسد لحجه لا يقضي الفاسد ، إنما هو مأمور بحج خال عن الفساد” .

وتقرير كلام ابن قدامة من وجهين كذلك:

الوجه الأول: أن الخلاف بيننا في الحج الصحيح الخالي من المفسدات، أما الحج المستدل به فقد أفسده الحاج بالجماع قبل التحلل .

قال الطوفي رحمه الله :

” وَأُجِيبَ» ، يَعْنِي عَمَّا ذَكَرُوهُ، بِأَنَّ : عَدَمَ الْإِجْزَاءِ .. ، إِنَّمَا كَانَ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمُصَحِّحَاتِ ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْوَطْءِ فِي الْحَجِّ .. ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ، إِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا إِذَا أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ بِجَمِيعِ مُصَحِّحَاتِهِ.” انتهى، باختصار من “شرح مختصر الروضة” (2/402) .

وقال القاضي عبد الوهاب: “لأنا لا نقول بالإجزاء على أي أمر وقع، وإنما يجزئ إذا وقع على الوجه المعتبر” انتهى، نقلا من “البحر المحيط” (3/ 339).

الوجه الثاني: أن الأمر بإتمام الحج إنما هو للخروج من الإحرام ؛ أي : حتى لا يبقى على إحرامه للسنة القادمة ، حيث يؤدي الحج على وجهه المأمور به .

قال ابن قدامة “والمفسد لحجه لا يقضي الفاسد ، بل هو مأمور بإتمام الحج للخروج من الإحرام، والأمر بالقضاء لوجود الخلل”.

وينظر: شرح هذا الفصل ، عند : الطوفي ، في “شرح مختصر الروضة” (2/399) وما بعدها ، وأيضا : “شرح روضة الناظر” ، للدكتور عبد الكريم النملة ، رحمه الله (5/332) وما بعدها .

وما قرره ابن قدامة في الروضة هو مذهب الجماهير من السلف والخلف.

قال الزركشي رحمه الله في “البحر المحيط” (3/ 338):

“إتيان المكلف بالمأمور به على المشروع : موجب للإجزاء عند الجمهور ، خلافا لأبي هاشم والقاضي عبد الجبار ، حيث قالا: الإجزاء يحتاج إلى دليل.

قال الأستاذ أبو منصور: وهو خلاف مردود بإجماع السلف على خلافه” انتهى .

وينظر : تحرير محل النزاع في المسألة ، وبيان أنه آيل إلى الخلاف اللفظي : عند سيف الدين الآمدي في “الإحكام في أصول الأحكام” (2/175-177) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android