0 / 0
34,81716/09/2017

يقول إن مائة من الإبل لا تكفي لردع القاتل ، ويسأل عمن يطالبون بأكثر من الدية

السؤال: 258067

تناقشت مع أحد الأصدقاء على مقدار الدية في القتل العمد وشبه العمد وذلك تحديدا في عصرنا الحاضر حيث أن 100 من الإبل لا تكفي كما قال صديقي، وقال أيضا إن الدية المشروعة يسهل دفعها فهذا لا يحد من القتل فما هو مقدار الدية في عصرنا الحاضر؟ وما هو حكم أخذ الملايين من النقود كـدية ؟ وهل يوجد تفاصيل حول الدية؟ مثلا: أن يكون المقتول قد ترك زوجة وأولاد بلا وظيفة؟ الرجاء إفادتي مع العلم أني مؤمن بالدية كما جاءت في الحديث (100 من الإبل أو ما يعادلها من باقي الأموال)

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  الدية محددة لا يجوز أن تُزاد عن مائة من الإبل، ولو رَخُصت ، أو كان أولياء الدم أيتاما أو فقراء ، إلا إذا كان القتل عمدا، وطالبوا بأكثر من الدية ليسقطوا حقهم من القصاص، فلهم ذلك . ولا يجوز أن تنقص في الحكم عن مائة ؛ ولو غلت الإبل ، لكن إن أراد أولياء الدم أن يتنازلوا عن الدية كلها أو بعضها ، فذلك لهم أيضا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

مقدار الدية في العصر الحاضر : هو مقدارها في العصر النبوي ، فهي مقدرة بمائة من الإبل .

دليل ذلك ما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض والسنن والديات وقال فيه : ( وإن في النفس مائة من الإبل ) .

رواه النسائي في سننه ومالك في موطئه (2/849) ، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” (7/300) .

قال ابن قدامة رحمه الله :

” أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية ، وأن دية الحر المسلم مائة من الإبل ، وقد دلت عليه الأحاديث الواردة منها حديث عمرو بن حزم ، وحديث عبد الله بن عمر في دية خطأ العمد ، وحديث ابن مسعود في دية الخطأ ” انتهى من ” المغني ” (8/367) .

فهذا حد من النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يغيّره بأكثر من ذلك أو أقل .

ثانيا :

غلاء الإبل ورخصها موجود من القدم ، وليس وليد هذا العصر ، ويقال إنها في عهد عمر رضي الله عنه غلت بزيادة تصل إلى النصف من قيمتها ، ينظر ” المغني ” (9/481) ، ومع ذلك لم يتغير الحكم .

وقد تغيرت قيمها جدا مع اختلاف العصور ، والتغيير إنما يطرأ على التقييم لا على الإبل ، فلا تُزاد على مائة من الإبل إن رخُصت ، ولا تُنقص عن مائة إن غلت .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

” لما كان في القرن الثاني عشر رأى إمام المسلمين في وقته (عبد العزيز بن محمد آل سعود) رحمه الله تقدير الإبل بالفضة فقدرت المائة من الإبل بثمانمائة ريال فرانسي، واستمر العمل على ذلك بقية مدة آل سعود في الدرعية، وكذلك بقية القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر حتى استولى على الحجاز 1343هـ وضربت السكة الجديدة السعودية من الفضة فقضى القضاة – وإن كان زمناً يسيراً وعن غير مشاورة مع بعضهم – بثمانمائة ريال عربي، ثم إن بعضهم بعد مدة طويلة نشط فبلغ بها ألف ريال عربي، ثم بعد سنوات صرح من صرح من أهل القضاء والفتوى بأنه لا مناص ولا عذر عن توقيع الدية ، ولو باعتبار الفضة أصلاً مستقلاً على ما فيه من الضعف ، فحصل الترفيع إلى ثلاثة آلاف ولم يوصل بها إلى مبلغها بهذا الاعتبار، ثم تيسر رفعه إلى أربعة آلاف ريال.

ولما دخل عام 1374هـ كان عند الملك السابق (سعود بن عبد العزيز) وفقه الله نحو هذا الموضوع نظر، وذلك أنه لاحظ أن الفضة قد رخصت جداً، وأن بعض الإماء قد تكون قيمتها ثلاثين ألف ريال، وكذلك سائر المثمنات قد تطورت قيمتها التطور الحالي، فمن أجل ذلك استفتاني وطلب أن أبين له الوجه الشرعي في الدية، فأجبت بمقتضى القول الراجح أن الأصل في الدية الإبل خاصة، وأنه يجب في قتل الرجل المسلم عمداً عدواناً ، أو خطأ شبه عمد : مائة من الإبل، أرباعاً: خمساً وعشرون بنت مخاض، وخمساً وعشرون بنت لبون، وخمساً وعشرون حقة، وخمساً وعشرون جذعة، ويجب في الخطأ المحض أخماساً: عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بني مخاض ذكر، وعشرون بنت لبون.

وقد سألنا من يوثق بهم ممن عندهم تمام خبرة بقيم تلك الأسنان فأخبرونا عنها، فتوصلنا من ذلك إلى معرفة أن قيمة دية العمد المحض والخطأ شبه العمد : ثمانية عشرة ألف ريال عربي سعودي، وقيمة دية الخطأ المحض ستة عشر ألف ريال عربي.

وهذا التقويم باعتبار دون الوسط، ويستمر العمل على هذا ما لم تتغير قيمتها الحالية بزيادة كثيرة أو نقص كثير، فإن تغيرت وجب تجديد التقويم ” انتهى من ” الفتاوى ” (11/330) .

وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى :

” وقد أدركنا الدية قبل خمسين سنة كانت ثمانمائة ريال فرنسي، وقد كانت الثمانمائة في ذلك الوقت تقاوم مائة من الإبل، ثم ارتفع سعر الإبل فصارت الدية ثمانية آلاف، ثم ارتفعت إلى ستة عشر، ثم إلى أربعة وعشرين ألفًا وذلك إلى حدود عام ثلاثمائة وتسعون وألف للهجرة، ثم ارتفعت إلى أربعين ألفًا، ثم قبل عشر سنين قررت الدية بمائة ألف، وذلك أنهم نظروا فوجدوا أن الإبل الواحدة لا تقل عن ألف ريال، فلذا جعلوا الدية مائة من الإبل، أي: مائة ألف ريال ” انتهى من ” إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين ” (2/226) .

ثم قبل أعوام قليلة عُدّلت في المملكة العربية السعودية إلى 300 ألف ريال للقتل الخطأ وشبه العمد ، و400 ألف ريال للقتل العمد ، وذلك أن أسعار الإبل تضاعفت إلى ثلاثة أضعافها .

ومثل هذا المبلغ ليس مما يسهل دفعه أبدا ، إلا عند الأغنياء جدا ، وأما الطبقة المتوسطة فهو مبلغ رادع .

ثالثا :

إذا كان القتل خطأ أو شبه عمد ، فلا حق لأولياء القتيل إلا في الدية المحددة شرعا ، وهي مائة من الإبل .

وإذا كان القتل عمدا ، فلصاحب الحق أن يطلب المصالحة بأكثر من الدية ليتنازل عن القصاص .

فهذا المبلغ الزائد عن الدية هو في مقابل إسقاط حقه في القصاص ؛ لا على أنه دية واجبة ؛ لأن الدية محددة شرعا فلا يمكن الزيادة عليها .

يدل لذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من قتل مؤمنا متعمدا دُفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا أخذوا الدية ، وهي ثلاثون حقة ، وثلاثون جزعة ، وأربعون خلفة ، وما صالحوا عليه فهو لهم ، وذلك لتشديد العقل).

أخرجه الترمذي (1387) ، وقال : ” حديث حسن غريب ” ، وحسنه الألباني في ” إرواء الغليل ” (1/259) .

( وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً ) هِيَ مِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ .

( وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً ) هِيَ مَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ .

( وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً ) هِيَ الْحَامِلُ . وَزَادَ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ مَاجَهْ : (فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا).

(وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ الْعَقْلِ) أَيْ الدِّيَةُ . انظر : “تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي”.

وهذا هو قول جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية ، وقول عند الشافعية ، والمشهور من مذهب الحنابلة ، وهو ما قررته هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بالأكثرية ، في قرارها رقم (204) بتاريخ 10/5/1422هـ عن مطالبة أولياء المقتول عمدا بأكثر من الدية ، فقالوا :

” إن الأصل جواز الصلح ، وعدم تحديده بحد معين ، ما لم يشتمل الصلح على إحلال حرام ، أو تحريم حلال ، ولم يظهر للمجلس ما يقتضي العدول عن هذا الأصل ” انتهى .

وسئل الشيخ سليمان الماجد :

” ما حكم الزيادة في الدية أكثر من مائة ألف على الراجح من الأقوال؟

فأجاب : الحمد لله أما بعد.. أما الدية فهي مقدرة بالنص فلا يزاد عليها .

ولكن لصاحب الحق أن يتنازل عن القصاص بأكثر من الدية ، على سبيل الصلح، لا أنه دية واجبة . والله أعلم ” انتهى .

http://www.salmajed.com/fatwa/findnum.php?arno=16303

والخلاصة :

أن الدية محددة لا يجوز أن تُزاد عن مائة من الإبل، ولو رَخُصت ، أو كان أولياء الدم أيتاما أو فقراء ، إلا إذا كان القتل عمدا، وطالبوا بأكثر من الدية ليسقطوا حقهم من القصاص، فلهم ذلك .

ولا يجوز أن تنقص في الحكم عن مائة ؛ ولو غلت الإبل ، لكن إن أراد أولياء الدم أن يتنازلوا عن الدية كلها أو بعضها ، فذلك لهم أيضا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android