0 / 0
68,63017/10/2016

ضابط الكناية في الطلاق

السؤال: 246965

أي من هذه العبارات كناية عن الطلاق : ( يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ) ، ( اللهم اخلف لي خيراً منها ، واخلف لها خيرا مني ) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
الضابط في كنايات الطلاق ، أنها : كل لفظ محتمل لمعنى الطلاق وغيره ، كاذهبي إلى أهلك ، أو: انتهى ما بيننا ، ونحو ذلك .
جاء في " حاشية البجيرمي على الخطيب " (3/491) :
" قَوْلُهُ : ( وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ ) وَضَابِطُ ذَلِكَ : أَنْ يَكُونَ لِلَّفْظِ إشْعَارٌ قَرِيبٌ بِالْفُرْقَةِ ، وَلَمْ يَشِعْ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا " انتهى .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (29/26) :
" كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكِنَائِيَّ فِي الطَّلاقِ هُوَ : مَا لَمْ يُوضَعِ اللَّفْظُ لَهُ ، وَاحْتَمَلَهُ ، وَغَيْرَهُ ، فَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلْهُ أَصْلا لَمْ يَكُنْ كِنَايَةً ، وَكَانَ لَغْوًا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" كل ما يحتمل الفراق ، فهو كناية " انتهى من " الشرح الممتع " (13/70) .

ثانياً :
لا يقع الطلاق بألفاظ الكنايات ، إلا بشرطين : أن ينوي الشخص الطلاق ، وأن يأتي بلفظ دال عليه ، فلو تلفظ الشخص بلفظ لا يدل على الطلاق لا شرعاً ولا عرفاً ، وكانت نيته من ذلك اللفظ : الطلاق ، فإنه لا يقع طلاقه .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ حَتَّى يَنْوِيَهُ ، وَيَأْتِيَ بِلَفْظٍ دَالٍّ عَلَيْهِ ، فَلَوِ انْفَرَدَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ عَنِ الْآخَرِ ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ ، وَلَا الْعِتَاقُ .
وَتَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ، وَإِنْ كَانَ تَقْسِيمًا صَحِيحًا فِي أَصْلِ الْوَضْعِ ، لَكِنْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ ، فَلَيْسَ حُكْمًا ثَابِتًا لِلَّفْظِ لِذَاتِهِ ، فَرُبَّ لَفْظٍ صَرِيحٍ عِنْدَ قَوْمٍ، كِنَايَةٌ عِنْدَ آخَرِينَ ، أَوْ صَرِيحٌ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ ، كِنَايَةٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ .
وَالْوَاقِعُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ ، فَهَذَا لَفْظُ السَّرَاحِ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الطَّلَاقِ ، لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً ، فَلَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ ، لَزِمَهُ طَلَاقُ امْرَأَتِهِ ، نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ … " .
انتهى من " زاد المعاد " (5/291) .

وبناء على هذا ، فعبارة : " ينشر لكم ربكم من رحمته " لا تدل على معنى الطلاق ، لا عرفاً ولا شرعاً ، وعليه : فهي ليست من كنايات الطلاق .

وأما عبارة : " اللهم اخلف لي خيراً منها ، واخلف لها خيرا مني "
فقد نقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يفيد أن الدعاء الذي يدل على الطلاق يكون من ألفاظ الطلاق .
فإنه سئل عمن قال لزوجته : فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فقَالَ: " إنْ كَانَ يُرِيدُ أنه دُعَاءً يَدْعُو بِهِ فَأَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ " .
" مسائل أبي داود للإمام أحمد" (ص239) ، "الإنصاف" (8/478) .
وقد علق عليه ابن مفلح في " الفروع" (9/38) قائلا :
"فَلَمْ يَجْعَلْهُ شَيْئًا مَعَ نِيَّةِ الدُّعَاءِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ ، أَوْ الْإِطْلَاقِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ صَرِيحٌ ، أَوْ لِلْقَرِينَةِ" … "
ثم ذكر ما يشبه هذه المسألة ثم قال :
"فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ، وَظَهَرَ أَنَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ: هَلْ يَعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ لِلْقَرِينَةِ ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ، أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ؟" انتهى .

ومعنى هذا : أن الدعاء بـ "فرق الله بين وبينك في الدنيا والآخرة" هو من كنايات الطلاق ، وقد نقل عن الإمام أحمد روايتان في كنايات الطلاق ، هل يشترط لوقوع الطلاق بها النية ، أم تكفي القرينة ؟

وقد سبق في عدة فتاوى في الموقع ، أن القول الراجح هو أن كنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا بالنية ، ولا تكفي القرينة . انظر السؤال : (120947) .

وبناء على هذا ، فالدعاء الوارد في السؤال : "اللهم أخلف لي خيراً منها . وأخلف لها خيرا مني" هو من كنايات الطلاق ، فإن نوى الزوج بهذا وقوع الطلاق وقع ، وإن لم ينوه لم يقع .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android