0 / 0
51,91922/07/2016

من الأحق بحضانة الطفل، الأم أم الأب؟

السؤال: 245991

تم انفصال ابني عن زوجته في النصف شعبان 1435 ، وله منها طفل، كان عمره سنتان و5أشهر ، ومن ثم تم الطلاق قبل شهر ذي الحجة ، والطفل بيننا في البداية معنا طوال الأسبوع وآخره معها ، بناء على طلبها ، ويصرف نفقة ومصاريف دراسة ؛ لأنها تعمل بدوام طويل يحرمها من ابنها فترة طويلة ، وتتركه عند أختها التي تعمل بصالون لحين عودتها ، ثم طلبت أن يكون أول الأسبوع معها فوافق ابني ، لأنها تريد السفر به إجازة فلم يعترض ، الآن وقبل أسبوع وثلاثة أيام غيرت طليقة ابني رأيها ، وقالت : من حقي حضانته ، وآخر الأسبوع فقط يوم الجمعة يأتي لوالده من غير مبيت .
الآن ابنه عمره أربع سنوات وثلاثة أشهر ، يعي كل شيء ، يعرف أباه وجدته وجده ، والخوف من أن يؤثر ذلك نفسيا عليه .
فهل يجوز قطع الرحم هكذا ؟ أنا متأكدة من نفسيته لعدم رؤية والده وأجداده ، أفيدوني .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
المرأة أحق بحضانة طفلها ما لم تتزوج ؛ حتى يبلغ سن التمييز ؛ والطفل في هذه المرحلة من العمر أحوج ما يكون إلى حنان أمه ورعايتها ، وهي أشفق وأقدر من غيرها على ذلك .
وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحكم لها ، كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما : ” أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ ابْنِي هَذَا : كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً ، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً ، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً ، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي ) ” .
رواه أحمد (6707) ، وأبو داود (2276) ، وحسنه الألباني في ” صحيح أبي داود ” ، وصححه ابن كثير في “إرشاد الفقيه” (2/250) .

وعلى ذلك ؛ فالأصل في حضانة الطفل أن تكون لأمه ما لم تتزوج ، ما دامت تراعي مصلحة الطفل ، وتعليمه دينه ، وتربيته ، وليست تهمله أو تشجعه على الفساد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” فكلّ من قدّمناه من الأبوين إنّما نقدّمه إذا حصل به مصلحتها – أي البنت – أو اندفعت به مفسدتها .
فأمّا مع وجود فساد أمرها مع أحدهما : فالآخر أولى بها بلا ريب ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (34/131) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (220089) ، ورقم : (127610).

ثانيا :
لكل من أبوي المحضون إذا افترقا حق رؤية ابنه وزيارته ، وهذا أمر متفق عليه بين الفقهاء ، وتحديد مقدار ذلك على ما يجري به العرف .
والذي يظهر أن تحديد بقائه في بيت أبيه نهار الجمعة من كل أسبوع تحديد جيد ، ما دام بقاؤه عندها لا يُفسده ، ويحسن بكم أن تتراضوا وتتوافقوا على هذا .
وما تخشونه عليه من التأثير النفسي بسبب بعده عن والده ورحِمِه من جهة أبيه ، قد تدّعي أمه مثله في بعده عنها وعن أقاربه من جهتها .
ولسنا ننكر التأثير النفسي حين ينقل الطفل عن بيئته التي عاش بها ، وهذه إحدى الآثار السلبية على الأطفال ، ولا يكاد يخلو منها طلاق ، لكن قرب الطفل من أمه ورعايتها له ، من شأنه أن يعوضه عن ذلك ، في غالب الأحوال .

فإذا بلغ الطفل سبع سنوات فإنه يخير بين أبويه ، ويكون عند من اختاره منهما .
فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغلام اختلف أبواه عليه : (هذا أبوك ، وهذه أمك ؛ فخذ بيد أيهما شئت ) ؛ فأخذ بيد أمه ، فانطلقت به ” . وصحح إسناده الألباني في ” صحيح أبي داود ” (7/47) .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” التَّقْدِيمَ فِي الْحَضَانَةِ لِحَقِّ الْوَلَدِ ، فَيُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَشْفَقُ ; لِأَنَّ حَظَّ الْوَلَدِ عِنْدَهُ أَكْثَرُ ، وَاعْتَبَرْنَا الشَّفَقَةَ بِمَظِنَّتِهَا ، إذَا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهَا بِنَفْسِهَا .
فَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ حَدًّا يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَيُمَيِّزُ بَيْنَ الْإِكْرَامِ وَضِدِّهِ ، فَمَالَ إلَى أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ ، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ ، فَقُدِّمَ بِذَلِكَ .
وَقَيَّدْنَاهُ بِالسَّبْعِ ; لِأَنَّهَا أَوَّلُ حَالٍ أَمَرَ الشَّرْعُ فِيهَا بِمُخَاطَبَتِهِ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ ; وَلِأَنَّ الْأُمَّ قُدِّمَتْ فِي حَالِ الصِّغَرِ ، لِحَاجَتِهِ إلَى حَمْلِهِ ، وَمُبَاشَرَةِ خِدْمَتِهِ ، لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِذَلِكَ ، وَأَقْوَمُ بِهِ ، فَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ ، تَسَاوَى وَالِدَاهُ ، لَقُرْبِهِمَا مِنْهُ ، فَرَجَّحَ بِاخْتِيَارِهِ ” انتهى من ” المغني ” (8/240) .

وأما إذا تبين أن الأم تهمل ولدها ، أو تقصر في مصلحته ، بسبب طول دوامها ، أو انشغالها عنه : فهذا ينبغي رفعه إلى المحكمة ، لتعيد النظر في أمر حضانته .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android