قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ووجد الأنصار يتعاملون بمثل هذه المعاملة ، فيدفع صاحب المال إلى صاحب النخل مبلغا مقدما ، ويتفقان على سداده تمرا ، فأقرهم على هذه المعاملة .
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: ( مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) " رواه البخاري (2240) ، ومسلم (4202) .
فليس على هذا الرجل من حرج في أن يأخذ ما اتفقا عليه من الأرز ، ولو ارتفع السعر عن الحد المتوقع ، وهذه المعاملة تسمى عند العلماء " السَّلَم " و " السلف " .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والسلم هو تعجيل الثمن وتأخير المبيع ، أي : آتي للشخص وأقول : أنا محتاج عشرين ألف ريال ، أعطني عشرين ألف ريال ، أعطيك بدلها بعد سنة سيارة صفتها كذا وكذا ، أو أعطيك بدلها برا أو أرزا ، ويصفه فهذا يسمى السلم ، ويسمى السلف ، وهو جائز فقد كان الصحابة رضي الله عنهم ، يفعلون ذلك السنة والسنتين في الثمار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أسلف في شيء ، فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم ) " .
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (8/221) .
ومن المعلوم في السَّلَم أن السلعة قد تزيد قيمتها يوم السداد ، وقد تنقص ، ومع ذلك أقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عليها .
وهذه المعاملة ليست قرضا ، وإنما هي صورة من صور البيوع كما تقدم .