0 / 0
9,19111/03/2016

استثمر أمواله في محطة محروقات ، ولم يحدد نسبة الربح فماذا يفعل ؟

السؤال: 239294

قام والدي باستثمار مبلغ عند محطة محروقات ليتم تشغيلها ، ويحصل على ربح شهري نتيجة تشغيل هذه الأموال ، لم نقم بتحديد النسبة ، بل اتفقنا على احتساب أجور العمال والضرائب وبعض المصاريف ليكون حلالاً ،
السؤال : هل تدخل المصاريف الإدارية كالرواتب والإدارة ليحتسب الربح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :
هذه النوع من العقود يدخل في شركة المضاربة ؛ ومعنى المضاربة : ” دفع المال لمن يتجر به بجزء مشاع معلوم من الربح ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (9 / 310) .
وهي في أصلها جائزة بالإجماع .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
” أصل هذا الباب إجماع العلماء على أن المضاربة سنة معمول بها ، مسنونة قائمة ” .
انتهى من ” الاستذكار ” (21 / 121) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” باب المشاركة التي يكون العامل فيها شريك المالك ؛ هذا بماله ، وهذا بعمله ، وما رزق الله فهو بينهما ، وهذا عند طائفة من أصحابنا أولى بالجواز من الإجارة ، حتى قال شيخ الإسلام: هذه المشاركات أحل من الإجارة ، قال : لأن المستأجر يدفع ماله ، وقد يحصل له مقصوده ، وقد لا يحصل ، فيفوز المؤجر بالمال والمستأجر على الخطر ، إذ قد يكمل الزرع ، وقد لا يكمل ، بخلاف المشاركة ؛ فإن الشريكين في الفوز وعدمه على السواء ، إن رزق الله الفائدة كانت بينهما ، وإن منعها استويا في الحرمان ، وهذا غاية العدل ؛ فلا تأتي الشريعة بحل الإجارة وتحريم هذه المشاركات .
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم المضاربة على ما كانت عليه قبل الإسلام ، فضارب أصحابه في حياته وبعد موته ، وأجمعت عليها الأمة ” .
انتهى من ” إعلام الموقعين ” (5 / 417 – 418) .
فأبيحت هذه المعاملة لما فيها من العدل ، ولهذا العدل شروط يلزم تحقيقها في هذه المعاملة كما بيّن ذلك أهل العلم ؛ ومما يتعلق بسؤالك :
الشرط الأول : أن يكون نصيب كل مشارك من الربح معلوما ، ومحددا بالنسبة ، وليس بمقدار محدد .
جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (38 / 53 – 54) :
” اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة المضاربة أن يكون نصيب كل من العاقدين من الربح معلوما ، لأن المعقود عليه هو الربح ، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد …
وذهب الفقهاء إلى أنه يشترط أن يكون المشروط لكل من المضارب ورب المال من الربح جزءا شائعا ؛ نصفا أو ثلثا أو ربعا ، فإن شرطا عددا مقدرا ، بأن شرطا أن يكون لأحدهما مائة من الربح ، أو أقل أو أكثر ، والباقي للآخر : لا يجوز ، والمضاربة فاسدة ، لأن المضاربة نوع من الشركة ، وهي الشركة في الربح ، وهذا شرط يوجب قطع الشركة في الربح ، لجواز أن لا يربح المضارب إلا هذا القدر المذكور، فيكون ذلك لأحدهما دون الآخر فلا تتحقق الشركة ، فلا يكون التصرف مضاربة ” انتهى .

الشرط الثاني :
يجب خصم جميع النفقات التشغيلية من الربح قبل قسمته ؛ حتى تسلم رؤوس الأموال .
قال الخطيب الشربيني في “مغني المحتاج” (2/317-318) : ” وَمَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ وَالْخَفِيرُ يُحْسَبُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ [المضاربة] ، وَكَذَا الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا ، كَأَخْذِ الْمَكْسَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ .
وَعَلَى الْعَامِلِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ فِعْلُهُ مِنْ أَمْثَالِهِ مِنْ عُمَّالِ الْقِرَاضِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ ..
وَمَا لَا يَلْزَمُهُ كَأُجْرَةِ كَيْلٍ وَحِفْظٍ ، لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ وَمَصَالِحِهَا، وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً .
وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ لَوْ اكْتَرَى عَلَيْهِ مَنْ فَعَلَهُ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَالِكِ الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ” انتهى .
وبناء على هذا ؛ فالاتفاق الذي أجراه والدك غير صحيح شرعا ، ولتصحيحه لابد من تحديد
نسبة الأرباح ، وتكون هذه النسبة من صافي الربح ، أي : بعد خصم جميع المصروفات .
وهذا إنما هو فيما يستقبل ، أما الاتفاق الذي تم في الماضي فإنه يكون لاغيا ، ويُسأل أهل الخبرة : إذا أجريت هذه المشاركة ، فكم يكون لكل واحد من الشريكين من الربح ؟ ويتم التقسيم على هذا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر أن مذهب الحنابلة أن المضاربة إذا كانت فاسدة [كالصورة الواردة في السؤال] فإن الربح كله يكون لصاحب المال ، ويكون للعامل الأجرة التي يأخذها من قام بهذا العمل .
قال : “والصحيح في هذه المسألة أن للعامل سهم المثل، فيقال: لو اتجر الإنسان بهذا المال كم يعطى في العادة؟ فقالوا ـ مثلاً ـ: يعطى نصف الربح، فيكون له نصف الربح، وهكذا؛ لأن العامل إنما عمل على أنه شريك، لا على أنه أجير، ولأنا لو قلنا: يعطى الأجرة فربما تحيط الأجرة بالربح كله، وحينئذٍ يخسر رب المال، ورب المال لم يعطه على أنه أجير” .
انتهى من “الشرح الممتع” (9/422) ، وهذا القول الذي صححه الشيخ رحمه الله هو مذهب المالكية . ينظر : ” الموسوعة الفقهية” (38/79) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android