0 / 0

حكم افشاء الأزواج للأسرار الزوجية ، وضابط ذلك

السؤال: 234096

قلت لأختي وزواجها قريب : إني تألمت بشدة من الجماع في أول زواجي ، فهل فعلي هذا داخل في الوعيد ؟ وهل هناك ضابط فيما يتعلق بالكلام في الجماع أم هو محرم كله ؛ لأنه قد يقع الكلام في ذلك بين الأخوات ، وقد يكون ذلك على سبيل الإرشاد فقط .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

جاء النهي عن نشر أسرار الجماع بين الزوجين .
فعن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا ) رواه مسلم (1437).
قال النووي رحمه الله تعالى :
" وفي هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ، ووصف تفاصيل ذلك ، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (10 / 9) .

ولكن إذا احتيج لذكر شيء من ذلك لبيان الحكم الشرعي أو لنصيحة أو لدفع خصومة بين الزوجين ونحو ذلك فإنه لا بأس به .
وإذا أمكن التعريض في هذا فهو أولى من التصريح ، وإذا أمكن أن يذكر الأمر على سبيل العموم والإجمال فلا يذكر التفصيل .
ومما يدل على هذا :
عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ هَلْ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ ؟ ، وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ ، أَنَا وَهَذِهِ ، ثُمَّ نَغْتَسِلُ ) رواه مسلم (350) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" فيه جواز ذكر مثل هذا، بحضرة الزوجة ، إذا ترتبت عليه مصلحة ، ولم يحصل به أذى ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم بهذه العبارة ليكون أوقع في نفسه " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (4 / 42) .
ومن ذلك أيضا :
عَنْ عِكْرِمَةَ : " أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ القُرَظِيُّ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا ، وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا – قَالَتْ عَائِشَةُ : مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى المُؤْمِنَاتُ ؟ لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً مِنْ ثَوْبِهَا ، قَالَ: وَسَمِعَ أَنَّهَا قَدْ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ ، إِلَّا أَنَّ مَا مَعَهُ لَيْسَ بِأَغْنَى عَنِّي مِنْ هَذِهِ – وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهَا – فَقَالَ : كَذَبَتْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأَدِيمِ ، وَلَكِنَّهَا نَاشِزٌ ، تُرِيدُ رِفَاعَةَ … ) رواه البخاري (5825) .
وفي رواية " وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ ، فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَلاَ تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ " رواه البخاري (6084) ، ومسلم (1433) .
فعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وعلى زوجها بما صرّحا به من أسرار الجماع : دليل على جواز ذلك عند الحاجة ، والحاجة هنا هي دفع تلك الخصومة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وتبسّمه صلى الله عليه وسلم كان تعجبا منها ، إما لتصريحها بما يستحيي النساء من التصريح به غالبا ، وإما لضعف عقل النساء ؛ لكون الحامل لها على ذلك شدة بغضها في الزوج الثاني ، ومحبتها في الرجوع إلى الزوج الأول ، ويستفاد منه جواز وقوع ذلك " .
انتهى من "فتح الباري " (9 / 466) .
وقال ابن الملقن رحمه الله تعالى :
" وفيه: أن للنساء أن يطلبن أزواجهن عند الإمام بقلة الوطء ، وأن يعرضن بذلك تعريضًا بينًا كالصريح ، ولا عار عليهن في ذلك .
وفيه : أن للزوج إذا ادعي عليه بذلك أن يخبر بخلاف ويعرب عن نفسه " .
انتهى من كتابه " التوضيح " (27 / 653) .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في شرحه لبلوغ المرام (4/548) عند شرحه لحديث أبي سعيد المتقدم :
"والحديث يدل على تحريم هذا العمل ، أن ينشر الإنسان السر بينه وبين زوجته …. بل يدل على أنه من الكبائر ، لأن فيه وعيداً ، ويستثنى من ذلك : ما دعت الحاجة إليه لبيان حكم شرعي … ثم ذكر حديث عائشة المتقدم وغيره ، ثم قال : وعلى هذا ؛ فإذا اقتضت المصلحة الشرعية أن يُذكر ما لا يُنشر فإن ذلك لا بأس به ، جائز ، أما ما يفعله على سبيل التندر والتفكه فهذا حرام" انتهى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android