0 / 0

هل هناك من العلماء من يعتبر الكدرة من الحيض دون الصفرة ؟

السؤال: 227150

هل هناك من العلماء من يعتبر الكدرة من الحيض دون الصفرة ؟ وإن كان نعم فما أدلتهم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
” الصفرة : ماء أصفر كماء الجروح .
والكدرة : ماء ممزوج بحمرة ، وأحياناً يمزج بعروق حمراء كالعلقة ، فهو كالصديد ؛ يكون ممتزجاً بمادة بيضاء وبدم ” انتهى من ” الشرح الممتع ” للشيخ ابن عثيمين (1/498 – 499) .

ثانيا :
الأحاديث والآثار الواردة في الصفرة والكدرة تسوّي بينهما في الحكم . فالكدرة والصفرة في غير أيام الحيض لا تعد حيضاً .
بوّب الإمام البخاري في صحيحه ” باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض ” ، ثمّ روى حديث أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها ، أنها قَالَتْ : ” كُنَّا لاَ نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا ” رواه البخاري (326) ، ولفظ أبي داود (307) : ” كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا ” .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” ( كنا لا نعدّ ) أي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بذلك ، وبهذا يعطي الحديث حكم الرفع ” انتهى من ” فتح الباري ” (1/426) .

وأمّا إذا كانت الصفرة والكدرة في أيام الحيض : فهي حيض .
فقد : كُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ ، فَتَقُولُ : ” لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضَاءَ ” ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الحَيْضَةِ . ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في ” صحيحه ” ، ” فتح الباري ” (1/420) .

ووصله الإمام مالك في ” الموطأ – تحقيق الأعظمي ” (189) ، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” (1/218) .
وروى الدارمي في ” السنن ” (885) نحوه بلفظ : ” كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَنْهَى النِّسَاءَ أَنْ يَنْظُرْنَ لَيْلًا فِي الْمَحِيضِ ، وَتَقُولُ : إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ ” .

وهذا الذي عليه جماهير أهل العلم : أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض .

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
” ودل قول عائشة رضي الله عنها هذا ، على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض : حيض ، وأن من لها أيام معتادة تحيض فيها ، فرأت فيها صفرة أو كدرة : فإن ذلك يكون حيضاً معتبراً .
وهذا قول جمهور العلماء ، حتى إن منهم من نقله إجماعا ، منهم : عبد الرحمن بن مهدي ، وإسحاق بن راهويه .
ومرةً خص إسحاق حكاية الإجماع بالصفرة دون الكدرة .
ولكن ذهب طائفة قليلة ، منهم : الأوزاعي ، وأبو ثور ، وداود ، وابن المنذر ، وبعض الشافعية إلى أنه لا يكون ذلك حيضاً حتى يتقدمه في مدة العادة دم ” انتهى من ” فتح الباري ” (2/125 – 126) .

فلم يفرق أهل العلم بين الكدرة والصفرة ، إلا ما روي عن أبي يوسف من الحنفية في حالة خاصة ، وهي في حالة خروجهما في مدة الحيض قبل خروج الدم ، فإذا خرجت صفرة قبل خروج الدم : جعلها من الحيض ، أما إذا خرجت كدرة قبل الدم فلم يعدّها من الحيض ، لكن هذا القول مجرد اجتهاد منه ، خالفه فيه عامة العلماء .

قال أبو الفضل ابن مودود الموصلي الحنفي رحمه الله :
” ( وما تراه المرأة من الألوان في مدة حيضها : حيض ، حتى ترى البياض الخالص ) ، لما روي : ” أن النساء كن يعرضن الكراسف على عائشة ، فكانت إذا رأت الكدرة قالت : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ” ، أي البياض الخالص .
وقال أبو يوسف : لا تكون الكدرة حيضاً إلا بعد الدم ؛ لأن الكدرة ما يتكدر ، وأول الشيء لا يتكدر .
ولنا : ما روينا عن عائشة ، من غير فصل .
ولأنها من ألوان الدم ، فسواء كانت أولاً وآخراً ، كغيرها من الألوان .
وقوله : أول الشيء لا يتكدر ؟
قلنا : لم قلت : إن هذا أوله ؟ وهذا إنما يكون في إناء يسيل من أعلاه ، وهذا يسيل من أسفله ، فيجب أن تكون الكدرة أولا ، كالجرة يثقب أسفلها فإنه يسيل الكدر أولا ؛ كذا هذا ” انتهى من ” الاختيار لتعليل المختار ” (1/27) .

يريد بذلك : الرد على أبي يوسف رحمه الله في قوله : إن أول الشيء لا يتكدر ، فيقول : إن أول الشيء لا يتكدر إذا كان ذلك في إناء يسيل من أعلاه ، فالأعلى يكون صافياً ، والأسفل هو الذي يكون كدراً ، والكدرة التي نتحدث عنها ليست كذلك ، بل هي على العكس ، فهي كالإناء الكدر يسيل من أسفله ماء كدراً ؛ فلا يلزم أن يكون هذا الخارج أولاً : صافيا ، بل قد يكون أول ما يخرج من الحيض : كدراً .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android